أ ف ب - حض الرئيس الأميركي باراك أوباما شركاءه الأوروبيين على التحرك سريعاً لتعزيز النظام المصرفي في القارة الأوروبية، خوفاً من تداعيات الأزمة الأوروبية الحالية على الاقتصاد الأميركي. وقال أوباما في مداخلة أمام الصحافيين في البيت الأبيض بعد أسبوع على نشر الأرقام السيئة لنسبة البطالة الأميركية في أيار (مايو)، ان «القادة الأوروبيين مدركون خطورة الوضع ويعلمون ان من الضروري التحرك». وأشارت الأرقام إلى انخفاض وتيرة إيجاد فرص عمل وإلى تخوف من تراجع وتيرة الانتعاش على غرار ما حصل عام 2011. وفي حال تأكد هذا الاتجاه، يمكن ان يؤثر سلباً في فرص إعادة انتخاب أوباما رئيساً في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وقال الرئيس الأميركي ان الوضع في أوروبا «يمكن ان تكون له انعكاسات علينا لأن أوروبا تبقى اكبر شريك تجاري لنا»، مؤكداً في الوقت ذاته ان القطاع الخاص في الولاياتالمتحدة «في صحة جيدة» وأن قطاع البناء هو الذي يعاني. وأضاف أوباما الذي تحدث في الأيام الماضية هاتفياً مع عدد من القادة الأوروبيين: «هناك إجراءات محددة يمكننا اتخاذها فوراً لتجنب تدهور الوضع»، خصوصاً «إرساء استقرار في النظام المصرفي». وقال: «يجب التحرك بأسرع ما يمكن، لضخ رؤوس أموال في المصارف التي تواجه صعوبات»، لافتاً في الوقت ذاته إلى ان «من الممكن» حل المشكلات التي تواجهها أوروبا. وتزامن هذا الكلام مع كلام عن خطة أوروبية لإنقاذ عدد من المصارف الإسبانية من الانهيار. وتابع الرئيس الأميركي: «ان القرارات التي يجب ان تؤخذ صعبة إلا ان أوروبا قادرة على اتخاذها»، غير أنه رفض كما يفعل منذ بدء الأزمة في أوروبا الالتزام بمساعدات ملموسة. واقترح أيضاً على القادة الأوروبيين «وضع إطار ورؤية في المدى الطويل من اجل جعل منطقة اليورو اكثر متانة وتعزيز التعاون في مجال سياسة الموازنة والسياسة المصرفية». وفي خصوص اليونان التي يفترض ان تجرى فيها انتخابات تشريعية في 17 حزيران (يونيو)، اعتبر أوباما ان الصعوبات التي تواجهها هذه الدولة ستكون «من دون شك أسوأ» إذا ما خرجت من منطقة اليورو. البطالة الأميركية ودعا أوباما أيضاً الكونغرس إلى «إعادة النظر» في خطة التوظيف الذي عرضها في أيلول (سبتمبر) بهدف تعويض العواقب التي خلفتها الصعوبات الاقتصادية الأوروبية على الاقتصاد الأميركي. وأضاف: «نظراً إلى الصعوبات التي نواجهها حالياً، أدعو الكونغرس إلى إعادة النظر في الخطة لأنها إجراءات يمكننا اتخاذها في شكل مباشر من أجل إعادة مزيد من الناس إلى العمل». وكان القسم الأكبر من هذه الإجراءات المرتبطة بهذه الخطة البالغة قيمتها نحو 450 بليون دولار قد جمِّد في مجلس النواب حيث يحظى الجمهوريون بأكثرية. وهم يرفضون تأمين التمويل عبر زيادة الضرائب على الأكثر ثراء. ولم تتمكن الولاياتالمتحدة حتى الآن إلا من استعادة نصف نحو ثمانية ملايين وظيفة فقدت خلال فترة الانكماش بين عامي 2007 و2009. ويعتبر الجمهوريون ان أوباما فشل في هذا الموضوع. ورداً على انتقادات وجهها اليه خصومه من الحزب الجمهوري لقوله ان القطاع الخاص الأميركي «في صحة جيدة»، قال أوباما عصر الجمعة بعدما التقى الرئيس الفيليبيني بنينو أكينو: «بديهي القول ان الاقتصاد ليس في حالة جيدة». واتفق أوباما والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في اتصال هاتفي على «تزويد الاتحاد الأوروبي بسياسة نمو حقيقية». وأفاد قصر الاليزيه في بيان بأن هولاند وأوباما «أكدا بعد قمة مجموعة الثماني في كامب ديفيد ومع اقتراب موعد قمة العشرين في المكسيك، ضرورة تعزيز الاستقرار والحكم الرشيد في منطقة اليورو وضرورة تزويد الاتحاد الأوروبي بسياسة نمو حقيقية». وشدد هولاند «على رغبة فرنسا في ان تضع مع شركائها في الاتحاد الأوروبي إطاراً اقتصادياً أوروبياً يرتكز على ثلاثة أسس هي النمو والمنافسة إلى جانب المسؤولية المتعلقة بالموازنات والاستقرار المالي». «ستاندرد أند بورز» وأبقت وكالة «ستاندرد أند بورز» للتصنيف الائتماني الجمعة تصنيف الولاياتالمتحدة عند درجة AA+، لكنها أرفقت قرارها بتوقعات سلبية محذرة من أنها قد تعمد إلى خفض التصنيف مجدداً بحلول 2014. وأفادت الوكالة التي أحدثت زلزالاً في آب (أغسطس) 2011 بإعلانها خفض التصنيف الائتماني لواشنطن من الدرجة الممتازة «AAA» بواقع درجة واحدة إلى «AA+،» أنها أبقت التصنيف على حاله، لكنها حذرت من ان «اتجاه سياسة الموازنة» الأميركية يساهم في إضعاف التصنيف الائتماني لهذا البلد. وأضافت أنها أبقت أيضاً على توقعاتها «السلبية» لمستقبل الاقتصاد الأميركي وهي توقعات كانت أرفقتها العام الماضي بقرارها خفض التصنيف. وزادت ان «هذه التوقعات السلبية تؤكد رأينا القائل بأن خطر الاقتراض على الدَين العام للولايات المتحدة... يمكن ان يتعاظم إلى حد يدفعنا معه إلى ان نخفض بحلول 2014 علامة AA+ التي ما زلنا نمنحها للديون الطويلة الأمد لهذا البلد». وأضافت ان «السنة المالية وحجم دَين» الولاياتالمتحدة و «تراجع الفاعلية والاستقرار لقوانينها والطابع الظاهر لتشريعاتها ومؤسساتها السياسية، خصوصاً في ما يتعلق بإدارة سياسة الموازنة» كلها عواقب يمكن ان تضعف الحصة الائتمانية للدولة الفيديرالية الاميركية. لكن الوكالة شددت على ان «قدرة المقاومة لدى الاقتصاد» الأميركي، و «صدقية السياسة النقدية» للولايات المتحدة و «وضع العملة كاحتياط دولي رئيس» الذي يتمتع به الدولار، تدعم المستوى الحالي لدرجة تصنيف البلد، وهي الدرجة الثانية الأعلى. وتجاوزت الديون الأميركية رسمياً 15.733 تريليون دولار مساء الخميس، أي اكثر من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الولاياتالمتحدة. ووفق آخر توقعات صندوق النقد الدولي، سترتفع نسبة الديون الأميركية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 111.9 في المئة نهاية 2014. «جدار الموازنة» وأتى تحذير «ستاندرد أند بورز» في حين بدأت آفاق ما اتفق على تسميته «جدار الموازنة»، تثير القلق جدياً. وهذه الصورة تشير إلى العقبة التي قد يصطدم بها البلد في بداية 2013 إذا لم يتوصَّل إلى اتفاق في الكونغرس حول طريقة تقليص الديون العامة. وفي هذه الحال سينتهي العمل بعدد من إجراءات النهوض الاقتصادي وتخفيضات الضرائب في وقت ستدخل فيه حيز التطبيق تخفيضات تلقائية على النفقات العامة. وأعرب رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي) بن برنانكي الخميس أمام نواب عن قلقه حيال عواقب مثل هذا السيناريو على النمو. ووفق تقديرات مختلفة، فإن خفض المساهمة الاقتصادية للدولة الذي سينجم عن تقليص حجم الموازنة، قد يكون بين ثلاثة وخمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. لكن «ستاندرد أند بورز» أكدت انها تمحض النواب الأميركيين ثقتها في وقت بلغ فيه معدل البطالة 8.2 في المئة ولا يزال النهوض الاقتصادي هشاً، «لتفادي تقلص كبير في الموازنة». والكونغرس مشلول حالياً بفعل الخلافات بين المعسكرين الديموقراطي بزعامة أوباما والمعارضة الجمهورية التي تملك الغالبية في مجلس النواب، حول طريقة خفض مديونية البلاد، وهكذا تُرجَأ خطط العمل الحقيقية إلى وقت لاحق. ورأت «ستاندرد أند بورز» ان إمكانية ان تؤدي الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 إلى «حل» مسألة الديون، أمر «غير مرجح كثيراً». وزادت: «إذا كانت النتيجة متقاربة جداً كما يتوقع الخبراء حالياً»، فإن ذلك قد يزيد من تقليص ميل المعسكرين إلى التعاون الضعيف أصلاً. ولفتت إلى استمرار وجود فرصة بنسبة 33 في المئة لأن تخفض درجة تصنيف الولاياتالمتحدة في المدى المتوسط.