لا يعرف «حر الصيف» إلا من يكابده، ولا «العوز» إلا من يعانيه، يحتشد كل هذا الوجع في شقة صغيرة تضيق ب16 نفساً، يشتهون نسمة هواء باردة من جهاز تكييف صغير. لا تملك «المطلقة» أم ناصر سوى راتب ضمان اجتماعي قدره 2500 ريال فقط لتعيل به أفراد أسرتها الكبيرة، يذهب منه 1700 ريال أجرة مواصلات، وبالكاد يسد المتبقي بطون أطفالها الجوعى. طرقت أم ناصر أبواب الجمعيات الخيرية تستجدي المساعدة، وكان الجواب عودي لنا في شهر رمضان، أو «نحن توقفنا عن المساعدات ولا نستقبل أحداً». الأيام تمضي ثقيلة، المر يحاصر أسرتها من كل اتجاه، حتى الإحراج بات مرضاً ينهش في صدرها إذ إنها لم تجد مكاناً تقيم فيه مع أطفالها إلا منزل شقيقتها المتزوجة التي بالكاد تعيش هي وزوجها وأطفالها، لا أب لا أم لا مكان يأويها، الدقائق والثواني تزحف ثقيلة يبللها العرق، ولا تستطيع حينها إلا أن تبكي ليس من الفقر وقلة الحيلة بل من الحر الشديد. بهذا بدأت أم ناصر تقص ل«الحياة» بعضاًَ من معاناتها: «تمر عليّ أيام أبكي من شدة الحر، حتى أني لا أستطيع التحرك في الشقة إلا بأوقات معينة يكون فيها زوج شقيقتي خارج المنزل فهو ليس محرماً لي، خاطبت وزارة الشؤون الاجتماعية لأكثر من مرة عن حاجتي لسكن لو غرفة واحدة أقيم فيها مع أطفالي لكن مع الأسف يتم تحويلي من مكان لمكان من دون أي فائدة، لي عام كامل الآن أقيم مع شقيقتي وكم أنا محرجة منهم، لأني لا أريد أن أكون سبباً لها في أي إحراج مع زوجها فهو متقاعد وبالكاد يستطيع تحمل أطفاله الستة ووالدتهم». وأضافت: «حاولت التواصل مع الجمعيات الخيرية لم أجد منهم شيئاً، حتى جمعية البر قالت لي لا نستطيع خدمتك إلا في رمضان، وصل بي الوقوف أمام المساجد حتى يساعدني أحد، إلى أن بدأت أشعر أن قواي تخور وما يأتي في يدي من راتب الضمان يفر مني، السائق الذي يذهب بأطفالي للمدرسة يأخذ مني 1700 ريال ماذا يتبقى؟ والدهم رمى مسؤولياتهم على ظهري من دون رحمة أو مساعدة». أكملت شقيقتها أم مروان الحديث عنها وقالت: «زوجي متقاعد وراتبه لا يتجاوز 2500 ريال، نحتاج أن نوفر منه للإيجار 22 ألفاً فهذا أرخص ما وجدنا، حاولنا البحث عن شقة أرخص لا أحد يريد أن يؤجرنا، ليس عندي في البيت إلا مكيف واحد ومع هذا مرت علينا أيام تم فصل الكهرباء عنا، وذهب زوجي ليستدين حتى تعود إلينا الكهرباء من جديد، بودي أن أساعد شقيقتي لكن أنا على يقين أن من ينظر إلينا يحتار من يساعد أولاً». أسرة كبيرة تحتاج قلوباً مبصرة تنظر إليها، أسرة سعودية تعيش الحر والفقر، وازدحام الأنفس ووجوه تبكي ولا تستطيع أن تفرق أهي دموع أم عرق من شدة الحر؟