أكد خبيران اقتصاديان أن أهمية مشاركة السعودية في قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في العاصمة البريطانية لندن، تنبع من عدم تعرضها إلى ضغوط اقتصادية، على عكس الدول الأخرى المشاركة في القمة، وأن غياب الضغوط يعزز مكانتها داخل المجموعة. وقال الخبير الاقتصادي رئيس شركة وطن للاستثمار الدكتور احسان بوحليقة أن الجميع يعوّل على قمة العشرين، خصوصاً أن العالم دخل مرحلة كساد، والوضع المالي والاقتصادي سيء. وأوضح أن هذا القمة تشكّل خطوة مهمة لتغيير النظام المالي العالمي، وتأتي أهمية مشاركة السعودية فيها من كونها لا تتعرض إلى ضغوط اقتصادية، مثل التي تعاني منها الدول المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة، ودول أوروبية وآسيوية عدة، والجميع يعلم أن معدل النمو السنوي للمملكة آخذ في التصاعد على مدى سبعة أعوام متتالية، مشيراً في هذا الصدد إلى تصريحات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حول ضخ المملكة 400 بليون دولار في مشاريع التنمية. وشدد بوحليقة على ضرورة أن توضح المملكة من خلال مشاركتها في القمة وجهة نظر الدول النامية، وما ارتكبته الدول المتقدمة من أخطاء تسببت في حدوث الأزمة العالمية، وذلك بسبب تواضع الأجهزة الرقابية في تلك الدول، إضافة إلى ضعف الأجهزة التنفيذية في المصارف والأجهزة المالية، خصوصاً أن هناك من يخطئ ويظن أن الخلل في التشريعات، ولكن الخطأ يكمن في الأشخاص. وأضاف أن هؤلاء الأشخاص لا يدركون المفاهيم الأساسية والأولية التي تدرّس لطلاب السنة الأولى في كليات إدارة الأعمال في العالم، وانضمت إليهم وكالات التصنيف الائتماني، التي تؤثر في بيع وإصدار السندات، إذ تخلت تلك الوكالات عن دورها المطلوب منها. وبيّن بوحليقة أهمية أن تقوم كل دولة بدورها وتعيد النظر في نظامها المالي لكي يبقى متماسكاً، وتبقى الرقابة مشددة على شركات التمويل والمصارف. من ناحيته، قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري، إن أهمية المشاركة السعودية في القمة تأتي من جانبين رئيسيين، الأول هو أن الأزمة المالية التي يمر بها الاقتصاد العالمي تُعدُّ الأصعب تاريخياً، وتكبدت خلالها الاقتصادات خسائر حقيقية فاقت 3 تريليونات دولار، ومن المتوقع استمرار حال النزف بصورة فادحة، ويتوقع أن تتركز بصورة أفدح في أوساط الاقتصادات المتقدمة، وسيستمر انعكاسها السلبي على معدلات النمو الحقيقي السالب، وارتفاع معدلات البطالة والفقر والإفلاس الذي سيطاول معظم الشركات والمؤسسات الإنتاجية، هذا عدا الخسائر الرأسمالية التي لحقت بأسواق المال متجاوزة سقف 30 تريليون دولار، منذ اشتعال فتيل الأزمة. وأضاف أن الأزمة بصورة عامة ضاربة بجذورها في صلب الاقتصاد العالمي، ما يعني أن العالم في مواجهة واحدة من أشد الأزمات فتكاً، وهذا يقتضي من دون جدال ضرورة التفاف العالم بأسره بما يتوافر لديه من إمكانات وقدرات لأجل مواجهة تلك الأزمة. ويضيف: «الجانب الرئيسي الثاني أن العالم يتطلع إلى السعودية للإسهام في دعم خطط الإنقاذ الراهنة، بما يتوافر لها من إمكانات اقتصادية ومالية بالغة القوة، بجانب عدد محدود جداً من الدول مثل الصين». وأشار إلى أن الخروج من الأزمة العالمية يعني في نهاية المطاف حماية الاقتصاد السعودي قبل حماية الاقتصاد العالمي من الآثار المدمرة للانهيار الاقتصادي العالمي، خصوصاً أن الاقتصاد السعودي من أكثر الاقتصادات انفتاحاً على العالم، مشيراً إلى أن مما يدعم الاقتصاد السعودي المتين توافر الاحتياطات المالية الضخمة التي تفوق 500 بليون دولار. وأشار إلى إعلان خادم الحرمين الشريفين في وقت سابق اعتزام المملكة ضخ أكثر من 400 بليون دولار في المشاريع التنموية والاستراتيجية، التي بدورها تعني زيادة الطلب على الواردات من الخارج، وزيادة النمو الحقيقي للاقتصاد وزيادة التوظيف، والمساهمة القوية في الدفع بالنمو الاقتصادي العالمي. وأكد العمري ل«الحياة» أن الدور السعودي مهم جداً لنا وللعالم، كما أنه يؤكد دورها الرائد منذ منتصف القرن الماضي نحو تحقيق السلام والاستقرار العالمي. مشيراً إلى أنها لا تدخر جهداً مادياً أو معنوياً لتحقيق تلك الأهداف، وتكفي الإشارة إلى دعمها للدول النامية خلال العقود الأربعة الماضية بأكثر من 75 بليون دولار.