لم يخطر في بال الطفلة ليان الريس، التي تبلغ من العمر ثمانية أعوام، الرسومات التي يعشقها الأطفال كالطبيعة والحيوانات وغيرها، فما خطر على بالها هو الحال الذي يعيشه الأطفال في بعض الدول التي تتعرض لأزمات داخلية، ففي لوحتها الصغيرة التي رسمتها بأنامل الطفولة البريئة، جسدت الواقع العربي، وقارنت بين السلام والحرب، ففي عام 2003 بحسب لوحتها كان العالم يعيش بهدوء والأطفال يمرحون ويلعبون، ويتوجهون لمدارسهم، ليستقوا العلم والمعرفة، ثم يعودون إلى منازلهم يحكون لذويهم عمّا يحدث في المدرسة، فمطالبهم لا تنتهي مابين دفتر رسم وألوان، ورحلة مدرسية، وألعاب متنوعة، وما يحزنها أنها عندما بدأت ترسم العالم كان عام 2011، الذي تخللته الأزمات والحروب، لم تنشغل ليان في لوحتها بحال الأمة بقدر انشغالها بحال الطفولة، فتراهم أشلاء، وترى الأرواح تزهق بغير حق، على حد تعبيرها، فجثث الأبرياء تبدو واضحة في مسارات الرسمة، التي انتهجت بها نهجاً يثير الشفقة على ما يحدث فالدماء لم تتوقف، والأطفال لا يذهبون إلى المدارس، والطفلة ليان تنظر للعالم بعين السلام، تحاول أن تدعو الله تارة أن يصلح حال الأمة، وتارة أخرى تتشبث في الألوان ودفتر الرسم لترسم لهم الأمل تعبيراً عما يجول في خاطرها. الطفلة الموهوبة، تستهل حديثها، بعبارات وكلمات تمنحها عمراً أكبر من عمرها، تحاول أن تبحث عن كل ما هو جديد في العلم والمعرفة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، تستخدمها خير استخدام، فتعمل العديد من الواجبات المدرسية خصوصاً الفن من خلالها وتتواصل مع العالم بطريقة حديثة بعيدة عن السلبيات التي تنتج من تلك الوسائل. للفن حكاية مع تلك الطفلة، لا سيما وأنها تعتبره حلماً سيتحقق يوماً لتصبح فنانة تشكيلية وربما مهندسة معمارية، بحسب حديثها، ترفض رفضاً قاطعاً لقب طبيبة أو معلمة، فما يشغل بالها الفن، لأنه باعتقادها وسيلة يمكن للإنسان بها أن يبوح عمّا بداخله من دون أن يتكلم، على الرغم أنها لا تعشق الصمت إلا أنه عنوان لوحاتها التي تحكي بصمت وتترجم واقعاً حقيقياً. تتميز بذكائها، وطابع البراءة يغلب عليها، فحب والديها لها، يحفزها على تقديم الكثير من اللوحات الفنية، فتلقى كل تشجيع، وكل اهتمام، هذا ما أنبت البذرة التي وجدت في نفس ليان وهي بذرة حب الفن والرسم، فتستقي صباح كل يوم تحفيزاً من عائلتها التي تكن لها كل محبة واحترام، وتعتبر أنها سر نجاحها، ترفض أن يعاملها البعض على أنها صغيرة، فهي «كبيرة» وتضيف «استغرب من خوف عائلتي علي، عندما أتوجه للنوم في غرفتي فعائلتي لازالت تعتقد أني صغيرة»، وعن علاقتها مع إخوتها تقول «جميعهم يعاملوني على أني كبيرة، ورأيي محط اهتمام الجميع كوني أصغر أفراد العائلة».