فتحت «السمنة» المتفشية في العالم، شهية شركات لإنتاج أجهزة منوعة لمساعدة «البدناء» على التخلص من الوزن الزائد، من خلال أجهزة اللياقة، إلا أن الشركات الأكثر ذكاء هي من استهدفت الجميع، بمن فيهم «الرشيقين»، من خلال أجهزة إعداد الطعام «الصحي»، الذي يعتمد على الطهي من دون دهون أو زيوت. واهتمت شركات كثيرة متخصصة في تصنيع الأجهزة الكهربائية، التي تُعد الطعام، بالمملكة كمستهلك رئيس لمنتجات «محاربة» السمنة، وازداد الاهتمام بعد ظهور دراسات ميدانية صحية أشارت إلى أن السعوديين أصبحوا على رأس قائمة أكثر سكان العالم سمنة. فيما تحتل الدول الخليجية مراتب متقدمة في قائمة الدول التي شملتها دراسة مسحية قامت بها جهات متخصصة. وأنتجت هذه الشركات وعلى مدى عام واحد فقط أجهزة عدة لإعداد الوجبات الغذائية الصحية التي تعتمد في عملها على بخار الماء فقط، وظهر تنافس قوي في السوق على هذه الأجهزة، التي تتراوح أسعارها بين 320 ريالاً، و3850 ريالاً، وتدعي هذه الشركات المُصنعة لآلة الطبخ الصحية أنها «المحارب القوي» للسمنة، التي تبدأ بالتخلص من الغذاء «غير الصحي». وتلاقي هذه الأجهزة طلباً كبيراً يوازي حجم الدعاية التي تروّج لها، وطريقة عرضها في مؤسسات متخصصة، تستهدف إقناع المتلقي بضرورتها له. ويؤكد عاملون في مجمعات تجارية كبرى، أن الطلب عليها «في ازدياد، خصوصاً مع ازدياد النصائح الإعلامية حول أهمية استخدامها، كحل للمأكولات التي تحوي سعرات حرارية عالية، إذ تعتمد هذه الأجهزة على السلق فقط، بطريقة بسيطة جداً». ويرجع اختصاصيو التغذية، أسباب تنامي هذه الظاهرة محلياً بصورة خاصة، وفي الخليج على وجه العموم، إلى «أسلوب الحياة المترفة والمرفهة، الذي أدى إلى قلة ممارسة الرياضة، وانتشار العادات الغذائية السيئة». وأكدت دراسة قامت بها مؤسسة عالمية مهتمة بالتغذية والصحة العامة، إلى أن المملكة تحتل مرتبة متقدمة من بين أكثر الدول تعرضاً للسمنة، وسبقتها الكويت التي وصلت البدانة فيها إلى 74 في المئة، وبعدها الإمارات بنسبة 68 في المئة، ثم البحرين 64 في المئة. ويتوقع مراقبون تجاريون، أن تدخل ظاهرة السمنة ضمن «خطوط التنافس التجاري الكبير، التي بانت بوادره في العام 2007، بطرح شركات أجهزة عدة تدخل في هذا الإطار»، ويقول الأكاديمي الاقتصادي عبد الإله الحمد: «ليس مستغرباً أن نجد تنافساً في هذا النوع، خصوصاً في الآونة الأخيرة إذ أصبحت السمنة ومحاربتها الهم الشاغل للكثيرين، ولعل الإعلام ساعد، وبصورة كبيرة، في تأجيج هذا الصراع التنافسي، من خلال برامج التغذية المكثفة والكثيرة، والمسابقات المعروفة ب «تلفزيون الواقع». ويشير الحمد، إلى أن الأجهزة «كثيرة» وأسعار المتواضع منها في متناول أيدي الكثيرين. ويستدرك أن «الخوف من عدم الاستخدام الصحيح والمقنن لها، فإلى جانب أجهزة إعداد الطعام الصحي، والميزان، نجد أن شركات كثيرة طرحت أجهزة التمارين الرياضية، التي تمارس غالباً في المنزل، وهذا أمر خاطئ، إذا ما اعتمد عليها كلياً، لأن الحركة والمشي هما الحل الأمثل إلى جانب العناية بالغذاء الصحي». وأظهرت دراسة أجراها مركز «الأمير سلطان لأمراض القلب»، بين العامين 2002 و2007، أن «36 في المئة من السعوديين مصابون بالسمنة، وأن 72 في المئة من هؤلاء فوق سن ال45». فيما كشفت دراسة أخرى قام بها باحثون من مستشفى الملك فيصل التخصصي، أن نسبة السمنة بين النساء في المملكة تصل إلى 45 في المئة». وهذا عامل «مساعد» على انتعاش سوق الاستثمار في هذا المجال» بحسب مراقبين. وتسعى صالات رياضية خاصة، وأخرى داخل عيادات مستشفيات خاصة، لجذب هؤلاء ببرامج تخسيس، يفوق سعر الاشتراك فيها أربعة آلاف ريال. ويظهر التنافس في هذا الجانب، خصوصاً على الأطفال والنساء. فيما شهدت الآونة الأخيرة، زيادة نشاط رياضة المشي بالنسبة للرجال، نتيجة للحملة الإعلامية التوعوية، والحديث الدائم عن مخاطر السمنة على القلب، وارتفاع معدل السكري في الدم وأمراض أخرى. وإلى جانب تلك الأجهزة، يكثر الطلب على جهاز الميزان بنوعيه العادي والإلكتروني، الذي تحول إلى «ظاهرة»، بحسب ما نقل سعيد الشهري، بائع الإلكترونيات في أحد المجمعات، ويقول: «بِيعت كميات كبيرة من جهاز الميزان، وبصورة سريعة، وأصبح من مجرد ديكور وجهاز كمالي في المنزل، إلى شيء أساسي، وأنا شخصياً لا أستطيع التخلي عنه، والمسألة في رأيي ترجع إلى حال نفسية خاصة». ويضيف الشهري، «لا أعتقد أن منزلاً يخلو من ميزان، بل أكاد أجزم أنه أصبح ملازماً للناس خصوصاً النساء، وأغرى الطلب المتزايد عليه شركات مصنعة، على طرح أنواع متعددة منه، ويأتي عادياً وإلكترونياً، والأخير يتميز بدقته ولكن سعره مرتفع، إذ يمكن أن يصل الميزان إلى حدود 450 ريالاً، ويمكن أن أرجع أسباب الطلب المتزايد على هذا المنتج، إلى اقترابنا من حدود خطر السمنة المتزايد في المنطقة».