يهدد الخلاف داخل حزب «ليكود» الحاكم في إسرائيل حول مصير الاستيطان اليهودي على أراض فلسطينية خاصة بشرخ عميق في الحزب ليس مستبعداً أن يتطور انقساماً أو على الأقل تمرداً متواصلاً على زعيمه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو. وكان نتانياهو نجح في حشد تأييد وزراء «ليكود» لاقتراحه نقل المباني الاستيطانية الخمسة المقامة على أرض فلسطينية خاصة في حي «هأولباناه» في مستوطنة «بيت إيل» شمال رام الله، إلى موقع قريب من موقعها الحالي ورفْض تشريع قانون جديد («قانون التسوية») يضفي الشرعية على مبانٍ استيطانية مقامة على أراض فلسطينية خاصة، الغرض منه الالتفاف على قرار المحكمة العليا بإخلاء المباني الاستيطانية الخمسة حتى آخر الشهر الجاري. وأوضح رئيس الحكومة لوزرائه أن من شأن سن قانون يشرعن الاستيطان غير الشرعي في أراضٍ فلسطينية خاصة (لم يصادرها جيش الاحتلال) أن يعرّض إسرائيل إلى دعاوى قانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي تعتبر الاستيطان «جريمة حرب»، فضلاً عن «أضرار بالغة بسمعة إسرائيل وديموقراطيتها»، كما قال. واستعان نتانياهو بالرأي القانوني المفترض أن يقدمه المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين القاضي بإمكان نقل المباني الاستيطانية الخمسة إلى موقع قريب من حي «هأولباناه». وعزا مراقبون موقف المستشار بأنه يرى أنه من الأفضل دعم هذا الخيار على الخيار الآخر، تشريع «قانون التسوية» الذي سيخلق صراعاً مع المحكمة العليا يرى أن الحكومة في غنى عنه. وأثار نجاح نتانياهو في جلب كبار الوزراء إلى صفّه حنق النواب المتطرفين في حزبه الذين بادروا إلى مشروع القانون الجديد وأصروا على طرحه للتصويت اليوم على رغم أنه ليس أكيداً أن تتوافر غالبية لتمريره بالقراءة الأولى. وأشار معلقون إلى أن حزب «ليكود» بات يشهد معركة حقيقية بين «المعسكر المعتدل» و «المعسكر المتشدد». ويضم الأخير رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست زئيف ألكين، ونائبة الوزير غيلا غمليئل التي أعلنت أنها لن تلتزم «الطاعة الحزبية» وستصوت إلى جانب قانون التسوية، وعدداً آخر من النواب الذين لا يترددون في توجيه انتقادات علنية لزعيمهم نتانياهو وإن كان بعضهم لا يزال متردداً في دعم القانون تحسباً من أن يقوم نتانياهو بالاقتصاص منه. ويقارن بعض المعلقين بين ما يواجهه نتانياهو داخل حزبه من «شبه عصيان» وبين التمرد الذي واجهه زعيم «ليكود» رئيس الحكومة السابق أريئل شارون بعد الانسحاب من قطاع غزة عام 2005، ما حدا بالأخير إلى الانشقاق عن الحزب وتشكيل حزب جديد «كديما». ولا يستبعد معلقون أن يجد نتانياهو نفسه قريباً في الزاوية ذاتها التي حُشر فيها شارون فيقوم بالانسلاخ عن الحزب وتأسيس حزب جديد يمثل اليمين المعتدل، مدركاً أنه ما زال الشخصية الأكثر شعبيةً في إسرائيل لتولي منصب رئيس الحكومة، وفق كل استطلاعات الرأي. وصعّد أنصار المستوطنين في الكنيست وخارجها حملتهم ضد نتانياهو واتهموا الوزراء الذين تراجعوا عن تأييد القانون الجديد ب «الخيانة». ويخشى وزراء ونواب «ليكود» الذين اضطروا إلى التماهي مع موقف نتانياهو من رد فعل أعضاء الحزب من المستوطنين الذين يشكلون 10 في المئة من اللجنة المركزية للحزب والمتوقع أن يكون لهم وزن كبير في تشكيل اللائحة الانتخابية للحزب في الانتخابات المقبلة، فيقومون بمحاسبتهم واستبعادهم عن المراكز المضمونة.