منعت الأجهزة الأمنية السورية أمس «معارضة الداخل» المقبولة من النظام من إقامة مؤتمر صحافي، في إجراء «خطر» وغير مسبوق منذ بدء النزاع قبل ثلاثة أعوام، ذلك بعد يوم على تكليف الرئيس بشار الأسد القيادي في حزب «البعث» الحاكم رئيس الوزراء وائل الحلقي تشكيل حكومة جديدة. وكان المؤتمر مخصصاً لإعلان مذكرة تفاهم بين «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي» و «جبهة التغيير والتحرير»، وهما من معارضة الداخل المقبولة من نظام الأسد، تشدد على إنهاء «النظام الاستبدادي». وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن وزارة الإعلام، بناء على «أوامر من المكتب الإعلامي» في القصر الرئاسي، طلبت من الصحافيين «عدم تغطية أي مؤتمر صحافي للمعارضة المتواجدة في دمشق». وقال منسق «هيئة التنسيق» حسن عبد العظيم: «كان ثمة مؤتمر صحافي عند الساعة 12:00 (9:00 ت.غ.) دعت إليه لجنة مشتركة من قيادة جبهة التغيير والتحرير وهيئة التنسيق الوطنية، لإعلان مذكرة تفاهم بين الطرفين تتضمن مبادئ أساسية لحل سياسي تفاوضي في سورية يضمن وحدة البلاد». وأضاف أن عناصر الأمن «قاموا بمنع عقد هذا المؤتمر، ومنعوا دخول الصحافيين الى مقر جبهة التغيير» في حي الثورة وسط دمشق. وأوضح عضو الهيئة صفوان عكاش الذي كان من المقرر أن يشارك في المؤتمر، أن «حاجزاً مؤلفاً من ثمانية عناصر بالزي العسكري بينهم ضابط، نصب على مدخل المقر»، مشيراً إلى أن كل صحافي «كان يهم بالدخول قيل له إنه لا يملك تصريحاً إعلامياً لمتابعة هذا النشاط، على رغم أن الصحافيين جميعاً مصرحون من وزارة الإعلام». وأشار إلى أن الخطوة «سلوك جديد»، وأن معارضة الداخل «كانت تعقد مؤتمراتها الصحافية من دون أن يتعرض لنا أحد» منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام منتصف آذار (مارس) 2011، التي تحولت إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من 170 ألف شخص. ورأى عبد العظيم أن المنع «إجراء كبير وخطير يحاول قطع الطريق على توحيد المعارضة صفوفها ويوحد مواقفها التي لا تتبنى العنف ولا التدخل العسكري أو الفوضى أو سيطرة «الدولة الإسلامية»، في إشارة إلى التنظيم الجهادي الذي بات يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق. وكان المؤتمر مخصصاً لعرض مذكرة تفاهم بين «الهيئة» و «الجبهة» التي تضم قوى معارضة شاركت في الحكومة، أبرزها نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل الذي أعفي من منصبه في تشرين الأول (أكتوبر) 2013. وقال عكاش إن المذكرة «تمثل تغييراً من قبل الجبهة التي (...) انتقلت عملياً إلى المعارضة من خارج النظام، وهذا بالنسبة إليه أمر مزعج». وتتضمن المذكرة نقاطاً عدة، أبرزها «التغيير الجذري الشامل، بما يعني الانتقال من النظام الاستبدادي القائم إلى نظام ديموقراطي تعددي»، إضافة إلى «الحفاظ على وحدة سوريا» و «رفض أي تدخل عسكري خارجي» و «نبذ العنف بكل أشكاله (...) وأوهام الحل العسكري» و «مواجهة خطر إرهاب المجموعات الأصولية التكفيرية». ويأتي المنع بعد نحو شهر على بدء الولاية الثالثة للأسد بعد إعادة «انتخابه» في الثالث من حزيران (يونيو) الماضي في انتخابات اعتبرتها المعارضة في الخارج والدول الغربية الداعمة لها «مهزلة». وقال عبد العظيم إن «السلطة تعتبر أنها قدمت ما هو مطلوب منها. أعدت دستوراً واستفتاء عليه وانتخابات لمجلس الشعب وانتخابات رئاسية، وأن الأزمة انتهت، وما على المعارضة إلا أن تقبل أو تسكت». أضاف: «مع الأسف الشديد، النظام يريد أن يقول للناس ودول المنطقة والعالم إما أنا أو «داعش»، وهو الاسم الذي كان يعرف به تنظيم «الدولة الإسلامية» قبل إعلانه إقامة «الخلافة» نهاية حزيران. وأضاف: «نحن نقول إنه ليس مقبولاً بقاء النظام كما هو مع نهج الاستبداد والاستئثار بالسلطة والثروة، والانتقال الى نظام جديد عبر ما ورد في بيان جنيف 1» الذي صدر في حزيران 2012، وينص على تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات تنفيذية واسعة.