جدّد «اللقاء» الأسطوري بين المركبة الأوروبيّة «روزيتا» ومذنّب «67/بي شيريميوف- غيراسيمنسكي» 67P/Churyumov–Gerasimenko الخيال حول وجود حضارات ذكيّة في الكون. في العادة، يفكر البشر في حضارات «تشبههم»، بمعنى أنهم يرتكزون الى تجربة البشر على الأرض أثناء بحثهم عن حضارات كونيّة. وبذا، يغدو بديهياً أن تكون البداية هي البحث عن كوكب يشبه الأرض بين نجوم المجرّات، بمعنى أن يكون كوكبّاً سيّاراً صالحاً لاستضافة شكل ما من أشكال الحياة عليه. حتى فترة قريبة، لم تكن سوى قلّة من العلماء تعتقد فعلياً بوجود أعداد كبيرة من كواكب سيّارة تشبه الأرض منتشرة في الكون. وراقت هذه الفكرة تماماً لكُتّاب الخيال العلمي قبل فترة طويلة من اقتناع العلماء بها. ويبدو أن الخيال والعلم باتا على مقربة من بعضهما بعضاً. فبصورة تدريجية، تتزايد الأدلة على وجود كواكب سيّارة شبيهة بالأرض في الكون، كما تتسع صفوف العلماء المؤيّدين لهذه الفكرة أيضاً. وفي هذا السياق، من المستطاع تذكّر النتائج التي أعلِنَت خلال الاجتماع رقم 221 ل»الجمعية الأميركية للفلك»، وبيّنت أنّ الكواكب الصغيرة التي تشبه كوكبنا كثيرة. وحينها، أشار عالم الفلك جون جونسون من «معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا» في «مركز الدفع النفّاث في باسادينا» (وهو تابع ل»وكالة الفضاء الأميركية»- «ناسا») إلى وجود مئة مليون كوكب في مجرّتنا بأحجام قريبة من كوكب الأرض. ضوء خافت ومتكرّر جرى التوصّل إلى هذه الاكتشافات بفضل مسبار الفضاء «كِبلر» التابع لل»ناسا»، الذي سجّل وجود عدد يتزايد باطّراد من الكواكب السيّارة خارج المجموعة الشمسية، بمعنى أنها تدور حول نجوم- شموس غير شمسنا، منذ اطلاقه في العام 2009. وأعرب كريستوفر بروك من مشروع «سيتي» SETI (اختصاراً لإسم Search for Extraterrestrial Intelligence) المتخصّص في دراسة الحضارات الكونيّة في مؤسسة «ماونتن فيو» في كاليفورنيا، عن قناعته بأن العدد الاجمالي للكواكب السيّارة الشبيهة بالأرض كونيّاً، ربما وصل إلى 2740، بما فيها 461 كوكباً سيّاراً جديداً أعلن عن وجوده خلال الاجتماع المُشار إليه آنفاً. وارتفعت نسبة الكواكب السيّارة التي ربما ماثلت الأرض حجماً، إلى قرابة 43 في المئة من الكواكب التي تُكتشف خارج منظومتنا الشمسية، بالمقارنة مع كانته قبل سنة من بداية أعمال «كِبلر». يراقب «كِبلر» الأضواء المنبعثة من قرابة 150 ألف نجم. وفي حال مرور كوكب سيّار أمام أحدها، يرصد المسبار خفوتاً ضئيلاً متكرّراً في ضوء النجم، بالترافق مع دوران ذلك الكوكب حول نجمه. وأكّدت المشاهدات بواسطة تلسكوبات أرضية أنّ الكواكب السيّارة المُشابهة حجماً للأرض، التي لوحِظَت بعد أن راقبها «كِبلر»، تصل إلى قرابة 105 كواكب سيّارة. ورُصِدَت معظم هذه الكواكب مجموعات في نجوم يدور أكثر من كوكب حول كلّ منها. وتدور معظم تلك الكواكب السيّارة على مسافة قريبة من نجومها، بل أنها تقلّ عن المسافة التي تفصل كوكبنا عن نجمه (أي الشمس). وأضاف جونسون أن «كِبلر» يراقب عدداً كبيراً من النجوم، ما يعني أن قوّته الحقيقية تكمن في الإحصاءات التي يوفّرها لل»ناسا». بحثاً عن أقزام حمر وأشارت نتائج توصّل إليها «كبلر» إلى أنّ مجموعات الكواكب التي تدور حول نجوم من نوع «القزم الأحمر» Red Dwarf هي النوع الأكثر شيوعاً في مجرّتنا. كذلك أظهر تحليل إحصائي دقيق أجراه فرنسوا فريسين من مركز «هارفارد - سميثسونيان لعلوم فيزياء» في كامبردج في ولاية ماساتشوستس، أنّ معظم النجوم التي تشبه الشمس لديها مجموعة كواكب تدور حولها، وأنّ كوكباً واحداً على الأقل من أصل ستة من هذه الكواكب، يوازي الأرض حجماً. وأضاف أنه يعتقد بأن طبيعة معظم الكواكب التي تكون بحجم الأرض صخرية، لأنها «لو كانت غازية، لكانت تبخرت»، بحسب كلمات فريسين. إلا أن معظم هذه الكواكب قد يكون قريباً جداً من نجومه، ما يعني تاليّاً أنها كواكب لا تحمل مقوّمات الحياة نظراً إلى سخونتها. وتابع فرنسين قائلاً: «من المبكّر تحديد عدد الكواكب بحجم الأرض التي تطوف حول نجومها ضمن ما يشير إليه العلماء بوصفه المنطقة القابلة للسكن» بمعنى أن درجة الحرارة المعتدلة فيها تتيح وجود ماء سائل على سطح تلك الكواكب. في الوقت نفسه، بدأ «كبلر» يعثر على مجموعة من تلك الكواكب. وخلال الاجتماع المشار إليه آنفاً، أعلن بروك عن وجود كوكب جديد خارج المجموعة الشمسية يفوق بنسبة 50 في المئة حجم الأرض، كما يقع في منطقة قابلة للسكن حول مدار نجم شبيه بالشمس. وأشار إلى وجود «غموض كبير على هذا الصعيد. إذ نحن بحاجة إلى بضع سنوات إضافية قبل أن نتمكن من تأكيد وجود كوكب يشبه الأرض فعليّاً»، بحسب كلمات بروك. وفي سياق متّصل، أوضح نايثن كيب من جامعة «نورثويسترن» في «إيفانستون» في ولاية «إيلينوي»، أنّه في حين يبحث «كِبلر» عن كواكب تدور حول نجوم، تطوف بلايين الكواكب الضالة في الفضاء بين النجوم. كما بيّن أن المحاكاة الافتراضيّة على الحاسوب التي قدّمها خلال الاجتماع، تكشف أنّ الكواكب التي تدور حول نجم من النوع الذي يملك «رفيقاً» (أي نجم آخر يرافقه بصورة دائمة)، تواجه خطر دفعها إلى الفضاء بأثر من اضطرابات الجاذبية. وتابع كيب: «هناك كثير من النجوم تملك «رفيقاً» نجمياً، ما يعني أن ذلك الأمر لا يشكّل حدثاً استثنائيّاً».