في 2003، وقّعت قبرص ومصر اتفاقية ترسيم المنطقة الاقتصادية بينهما، ارتكازاً على حساب يسمى «حدّ المنتصف». وتضمّنَت 8 نقاط إحداثية. لكن، كيف جرى التوصل لهذا الترسيم فيما الدولتان لم تكونا قد رسمتا حدودهما مع إسرائيل آنئذ؟ أين بدأ الترسيم في الشرق؟ وما يرفع حدّة السؤال، أن إسرائيل بدأت في حفر حقل «لفياثان» في منطقة إراتوستينس، شمال دمياط! بقول آخر، لم تعد مصر تجاور قبرص، بل تفصلهما مياه إسرائيلية هي جبل إراتوستينس البحري الذي كان مصرياً! بقول آخر، جابت «نوتيليس» المياه الإقليمية المصرية لمدة أسبوعين، بل تفاخرت البعثة بأن غواصاتها الروبوتية دخلت النيل، وصوّرت ضفافه من تحت الماء! وفي 2010، نشر موقع إسرائيلي مختص بالأحياء المائية صور هذه المهمة. وشكرت مصلحة المسح الجيولوجي الإسرائيلية جهات عدة، إلا أنها لم تشكر أي جهة مصرية. وفي 2011 قررت «رويال دتش شل» الانسحاب من امتياز التنقيب المصري في منطقة شمال شرقي البحر المتوسط، التي تتضمن جنوب إراتوستينس، متذرّعة بارتفاع تكاليف العمل في أعماق المياه. يبدو هذا المبرّر مثيراً للاستغراب لأن الشركة عينها أعلنت اكتشاف بئرين على عمق ألفي متر في 2004! وكذلك تحتفظ الشركة عينها بالرقم القياسي في حفر أعمق حقل نفط عالمياً، هو «برديدو» الأميركي في خليج المكسيك، في مياه عمقها 2400 متر، وبدأ تشغيله في 2007. وكان غريباً أيضاً حرص وزارة البترول المصرية على شكر «شل»، كما لو أنها لم تكن مخلة بشروط العقد، أو كما لو كانت تقوم بالتنقيب من باب الصدقة على الشعب المصري! في 2011، زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان القاهرة. وتردد أنه حاول دفع مصر (ولبنان) إلى إلغاء ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية البحرية مع قبرص. وإثر إعلان قبرص اكتشاف الغاز في حقل «أفروديت» (عام 2011، وتحت تسمية «بلوك - 12»)، خرج عبدالله غراب، وزير البترول المصري، طوعاً عن اختصاصه، معلناً أن «الاكتشافات القبرصية الغاز (حقل «أفروديت» في «إراتوستينس») لا تقع ضمن الحدود البحرية المشتركة. وقال وزير البترول إن المناطق التي تم اكتشاف الغاز فيها في قبرص، قريبة جداً من المنطقة التى كانت تعمل فيها شركة «شل» العالمية في المياه العميقة في البحر المتوسط، والمعروفة باسم حقل «نيميد»، بينما الخريطة القبرصية تكذّب الوزير غراب وتعترف بأن «أفروديت» يقع داخل امتياز «نيميد».