اتهم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل النظام السوري ب «المماطلة والمناورة» حيال خطة الموفد الدولي والعربي إلى سورية كوفي أنان بهدف كسب الوقت. وأضاف في معرض رده على سؤال «الحياة» خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على هامش مؤتمر حول الإرهاب في جدة أمس: «قبل النظام (السوري) كل مبادرة قدمت، لكنه لم ينفذها. وهذه طريقة من الطرق التي يستخدمها لكسب الوقت على قناعة بأنه سيؤدي إلى إنهاء التذمر من طريق البطش والتقتيل». وتابع: «لا أعتقد أنه يتعامل بأسلوب مختلف مع المبادرة الأخيرة لكوفي أنان، فهو يماطل ويناور ولن يصل إلى اتفاق». وطالب الفيصل أنان بتقديم تقرير «واضح ومحدد وشفاف» إلى مجلس الأمن حول الأوضاع سورية. وقال في معرض إجابته على سؤال «الحياة» إن «أنان سيقدم بعد أسابيع تقريره، خلال شهر أو شهر ونصف الشهر، إلى مجلس الأمن، ونأمل في أن يكون واضحاً وصريحاً ومحدداً وشفافاً يمثل الحقيقة كما هي». واعتبر الفيصل أن ما يحدث في سورية مأساة ونقطة سوداء في جبين البشرية، وأن على الأممالمتحدة اتخاذ قرارها حين وصول تقرير أنان إليها. وحول الاشتباكات في مدينة طرابلس اللبنانية، قال إن ما يجري في طرابلس يشكل امتداداً لما يحدث في سورية، ومنذ فترة نلاحظ أن النظام يحاول أن يحول الصراع إلى صراع طائفي». وزاد: «هذا لا يهدد لبنان فقط بل سورية نفسها، لأنه قد يقسم البلد وهذه ظاهرة خطرة جداً»، معتبراً أن «امتداد الصراع سيخلق أموراً أسوأ مما هي عليه الآن». وأوضح الفيصل أن التدخل تحت البند السابع يخص مجلس الأمن وليس الجامعة العربية، «أما قرار العمل العسكري لإنهاء الوضع في سورية من الدول العربية، فأعتقد أن العامل الرئيسي هو الأحداث التي تجرى في العالم العربي، فالدول التي لديها الإمكانات للقيام بهذا العمل لديها مشكلات داخلية تحجبها عن هذا العمل». وعبّر عن اعتقاده بأنه «لن تكون هناك ممارسة لأي عمل عسكري حتى تستقر الأوضاع في العالم العربي»، ملمحاً إلى أن إيران تتعامل في شكل غير واقعي مع الوضع في البحرين، بينما تتجاهل حجم الأزمة في سورية. وأضاف رداً على سؤال أن «المنطقة العازلة في سورية مسؤولية مجلس الأمن إذا كان هناك إمكان لإقامتها ليلجأ إليها المضطهدون والمطاردون، وهذا شيء نؤيده». وتابع: «لكن الحل الحقيقي هو الدفاع عن الفرد السوري من قسوة العمل العسكري ضده، خصوصاً أنه هو المجرد من السلاح، بينما النظام يأتيه السلاح من حيث ما يريد، فالوضع خطر وخطر جداً، ولكن أملنا في أن عامل الزمن لا يترك الأمور لتتدهور أكثر وأكثر». ووصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الوضع في سورية ب «غير المستقر»، داعياً أعضاء الهيئة الدولية إلى التوصل إلى حلول لإنهاء الأزمة في سورية، ومؤكداً أن مجلس الأمن لا يزال يقوم بدور نشط في شأن سورية. وندد كي مون ب «كل المذابح التي تحصد أرواح الكثيرين هناك، مشيراً إلى جهود دولية في سبيل إقناع النظام السوري بالعدول عن سياسة القتل، ومن ضمنها الموقف الروسي الذي رأى أنه بجانب مواقف رؤساء الدول انتقد النظام السوري. وحذر مون في معرض إجابته ل «الحياة» من أن تؤدي تطورات الوضع في سورية إلى الإضرار بالوضع الإنساني وقال: «نحن نبذل قصارى جهدنا لوقف العنف، ونحن نندد بهذه المذابح والمآسي في سورية باسم الإنسانية». وثمن مون ما سماه ب «الدور الطلائعي» لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الحفاظ على استدامة الاستقرار والسلم في المنطقة، مشيداً بتجربة السعودية في مكافحة الإرهاب وإنشاء مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب وتمويله التي عدها فاعلة في هذا الشأن. وكان الأمين العام للأمم المتحدة دعا خلال لقائه أمين منظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو إلى مناقشة توصيات اللجنة العربية المشتركة الخاصة بالوضع في سورية، والتي دعت إلى وضع إطار زمني واضح ومحدد لمهمة كوفي آنان، في إطار دولي، معرباً عن أمله في أن تتم مناقشتها من قبل أعضاء مجلس الأمن . ووصف مون توصيات وزراء الخارجية العرب الأخيرة ب «المهمة»، وقال للصحافيين عقب لقائه مع أوغلو «إن الأولوية الآن تتمحور حول كيفية مساعدة الشعب السوري، الذي يحتاج إلى دعم المؤسسات الدولية في شكل كبير، وهي من أولويات المنظمتين الدوليتين»، مؤكداً أن لقاءه مع الأمين العام للتعاون الإسلامي كان «بناءً ومثمراً». وأوضح أمين عام الأممالمتحدة أن الجانبين توافقا على ضرورة زيادة التنسيق المتبادل لدعم جهود المبعوث العربي الدولي المشترك، ونقاط مبادرته الست، مشدداً على أن المنظمتين تطالبان بضرورة المسارعة إلى تطبيقها. وشدد أوغلو على ضرورة وضع جدول زمني تلتزمه الحكومة السورية، وبقية الأطراف المسلحة، وقال: «إذا لم يكن هناك اتفاق بين القوات العسكرية للحكومة والقوات الأخرى المسلحة التي تقاتل في الداخل، فسيستمر سفك الدماء وإزهاق الأرواح وتحطيم البلد، وسيؤدي إلى الاقتتال في سورية وتوسيعه خارجها». وأشار إلى أن مهمة المبعوث الدولي لا تزال في بندها الأول والذي لم يطبق حتى الآن، وأضاف: «في البند الأول نصت مهمة المبعوث العربي الأممي المشترك على وقف القتال، فإذا لا زلنا في هذا البند كل هذه الأسابيع والأشهر ولم يتوقف القتال، فكيف يمكننا بدء الحوار السياسي وحل المشكل السياسي وقيام نظام دستوري جديد. يجب علينا أن ننتهي من هذه النقطة لكي نتحول إلى ما يليها». وكان الأمين العام للأمم المتحدة زار صباح أمس الأحد مقر منظمة التعاون الإسلامي، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول أممي بهذا المنصب إلى المنظمة، وبحث مع أوغلو حول الأوضاع في سورية واليمن والصومال وأفغانستان. ونوّه أوغلو بزيارة أنان إلى مقر منظمة التعاون الإسلامي واعتبرها «نوعية» من شأنها أن تعزز العلاقات الاستراتيجية القائمة فعلاً بين المنظمتين. ورحب بان كي مون بانضمام «التعاون الإسلامي» إلى المهمة الإنسانية التي تتضمن سبع وكالات دولية تابعة للأمم المتحدة في سورية، والتي بدأت عملها في آذار (مارس) الماضي، لافتاً إلى أنها تعد طرفاً نشطاً في المنتدى الإنساني الدولي حول سورية، وداعماً أساسياً لمهمة أنان. وعلى الصعيد الإنساني، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بخطط التعاون الإسلامي، والتي ترمي إلى إقامة مكتب إنساني في اليمن من أجل دعم الجهود الإنسانية هناك، مشيداً بخطوة المنظمة المتعلقة بإنشاء الهيئة الدائمة والمستقلة لحقوق الإنسان، والتي أكد أنها ستعمل على تعزيز التعاون مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وتطرق الأمين العام للأمم المتحدة إلى جهود مبعوثه الخاص إلى اليمن جمال بن عمر في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والتوصل إلى حلول تحد من خطورته في تلك المنطقة. وفي ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، أشار إلى أن الأممالمتحدة تحاول بلورة تدابير لمساعدة الدول المتضررة من الإرهاب. وكان الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب التأم في جدة أمس، وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مخاطباً المؤتمرين بكلمة قرأها وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، إن مكافحة الإرهاب مسؤولية مشتركة، داعياً المجتمع الدولي إلى التنسيق والتعاون في هذا الشأن.