لو تساءلنا عن عدد الأخطاء الطبية في السعودية، فهل سنجد الإجابة، أم سوف تُضم لتلك الأسئلة التي لم يوجد لها إجابات؟ لكل من فقد عزيزاً عليه نتيجة جريمة يطلق عليها اسم «خطأ طبي»! إن كل ما يمكن أن يفعله أهل الضحية هو تقبل الأمر، والخروج من العيادة للمقابر! ليكونوا خلفاً لمن سبقهم من الضحايا، وهذه نتيجة طبيعية لوجود الجهلة والمزورين في مهنة نأتمن عليها حياتنا! أعتقد أننا قادرون على تحديد هامش عدد الضحايا بالرجوع لأخبار الصحف في أسبوع واحد فقط من كل شهر ومن كل سنة، فنجد في الأسبوع على أقل تقدير ضحية أو ضحيتين! ومن خلال المشاهدات والملاحظات على هذه الجريمة، نجد أن المقترفين لها يجدون السبيل للخروج في نهاية الأمر بعقوبة يمكن أيضاً الهروب منها، ويبقى ذوو الضحايا في انتظار وترقب لنتائج حقهم في جريمة «خطأ طبي» عرف مقترفوها كيف يُخرجون أنفسهم منها، ليكون ذلك دلالة على فساد (لا يبقي ولا يذر) أبطاله من يطلق عليهم أطباء استقدمتهم مستشفياتنا ومستوصفاتنا الخاصة. ولأنني في كل مقال أسعى للوقوف على الحقيقة بواقعها الشاهد، فإنني سوف أستشهد هنا برواية حدثني عنها شاب سعودي - إذ قال في معرض حديثه إن شقيقة تعرض لحالة أغماء مفاجئة! ما استدعى نقله لمستشفى «خاص» بجانب المنزل، وذكر أنه ووالدته وشقيقته كانوا في حال هستيرية نتيجة مشاهدة شقيقه في تلك الحالة الحرجة، وفور وصولهم للمستشفى الخاص تم إدخال المريض، وبعد أن تم اجراء الإسعافات فاجأتهم مشرفة الاستقبال، التي يفترض أنها طبيبة! لكن في الواقع كانت مجردة من الإنسانية! ومنذ دخولهم لم تتلفظ بغير هذه العبارة «لو سمحتم ادفعوا الفاتورة»، وعندما حاول شقيق المريض أن يفهم منها طبيعة حالة شقيقه وإقناعها بالحال النفسية التي كانت والدته عليها، نظرت له من تحت نظارتها، وقالت قبل كل شيء «الفاتورة أولاً»، وفور دخوله غرفة الطوارئ لم يجد شقيقه، ليكتشف أنه تم نقله إلى أقسام عدة داخل المستشفى من أشعة وغيرها من دون معرفته بذلك! يواصل شقيق المريض الحديث عن ذلك اليوم العصيب، وهو يعرض مجموعة من الفواتير، فيقول إن شقيقه تم تنويمه في غرفة داخل المستشفى نفسه الذي استقبل فيه، ومع أنه كان سعيداً لنتائج التحاليل والإشاعات، إذ كانت جيدة إلا أنه تفاجأ بالمبالغ الكبيرة لتلك الإجراءات، التي لم يوافق على إجرائها في الأساس! من هنا أستطيع القول إن هذه الحادثة، تصادق ما ذهبت إليه من أن هناك فساداً في هذه المستشفيات، يجعل كل من يراجعها يخرج لا سمح الله للمقابر! ولو أردنا الاستشهاد بوقائع أخرى لهذه القضية الخطرة! «فحدث ولا حرج»، ربما يتذكر البعض تفاصيل جريمة طبيبة التخدير التي أودت بحياة طبيب سعودي بسبب جرعة زائدة من التخدير! وبعد التحقيقات تم الكشف أنها غير صالحة للمهنة، وأن من قام بتوظيفها هو زوجها الطبيب الوافد، ليكون ذلك الطبيب السعودي أحد ضحايا هذه الجرائم! إن هذا الأمر يعتبر جناية مع سبق الإصرار، أو ما يشبه «انتحال الشخصية»، هذه الجرائم المتكررة التي بإمكان الجهات المعنية - وزارة الصحة - التعامل معها بآلية الفحص والتحقق للحد من تمادي هؤلاء من اقترافها إيقاف هذه العيادات التي تقود للمقابر. ومن الأمور التي نتمنى أن تقوم بها وزارة الصحة في تلك الآلية: الإشراف والمتابعة بشكل دوري ومستمر وإنشاء وحدة متخصصة لفحص كل شيء في هذه المستشفيات ومنعها من التمادي في العصيان! بسبب «حسن الظن» الذي كان في غير محله، ما جعلهم يحصلون على الضوء الأخضر لاقتراف المزيد من الفساد,،بكل طرقه. محمد إدريس