تقول دراسات غير رسمية إن حجم الإعانة الحكومية التي تقدمها السعودية لدعم الخدمات الضرورية الموجهة للمواطنين، بما يزيد على 300 بليون ريال تقريباً، وهو في حجم يكاد يزيد على 60 في المئة من قيمة الموازنة العامة للدولة. وبحسب الدراسة فإن تلك الإعانة لا تظهر بشكل واضح في الموازنة العامة للدولة، بل هي تصرف مباشرة للدعم من دون أن تدخل في أحجام الموازنة. ولأن أرقام الإعانة كبيرة جداً، وهو ما قد يشكل عبئاً على الدولة في المستقبل في حال انخفاض أسعار البترول، أو حدوث متطلبات غير متوقعة قد تشكل عائقاً أمام مواصلة الإعانة بذلك الحجم. وللتوضيح أكثر فإن نحو 80 في المئة من تلك الإعانة تذهب مباشرة لدعم أسعار الطاقة أو الخدمات التي تستخدم الطاقة، أي ما يقدر ب240 بليون ريال، وتأتي على رأسها خدمات الطاقة الكهربائية وتحلية المياه التي تستهلك نحو مليونين ونصف المليون من انتاج المملكة البترولي. ولو فككنا تلك الإعانة أكثر لوجدنا أن المستفيد الأكبر هم الأغنياء وذوو الدخول المرتفعة أكثر من غيرهم، بل وحتى رجال الأعمال والشركات والمصانع، فيما يشكل ذوو الدخل المحدود والفقراء نسبة استفادة أقل بكثير من أولئك الأغنياء. فعلى سبيل المثال يسكن الأغنياء بيوتاً ذات مساحات كبيرة، وهي بالتالي تستهلك مستويات كبيرة من الطاقة الكهربائية والمياه، وهم أيضاً يستخدمون أعداداً أكبر من السيارات ذات أحجام واستهلاك كبير للوقود منخفض الكلفة، سواء في منازلهم أو شركاتهم أو مصانعهم، الذي يفترض أن يوجه للفقراء أساساً. أما ال20 في المئة الباقية من ال300 بليون ريال فهي توجه لدعم أسعار المواد الغذائية والدواء، وينطبق عليها تماماً ما ينطبق على خدمات الطاقة والمياه. فالأغنياء وذوو الدخول المرتفعة يستهلكون من المواد الغذائية والدواء عشرات أضعاف ما يستهلكه ذوو الدخل المحدود، وبذلك فحجم استحواذهم على نسبة من الدعم الحكومي يصبح الأكبر، وهو في رأيي في حكم «المال المُهدَر»، أي أن الأغنياء يعيشون في بحبوحة من العيش ومع ذلك «يقفزون» على طعام ووقود وعلاج الفقراء. ولذلك كله فإن أعداد برنامج «إعانة ذكي» يتوجه مباشرة نحو محدودي الدخل، تتبناه الوزارات المعنية باستمرار تلك الإعانة، ويرفع من كلفة قيمة الخدمات الموجهة للأغنياء إلى مستوى العدالة الاجتماعية يبدو حلاً منطقياً، لنضمن بقاء الإعانة في مربع المحتاجين أطول فترة ممكنة. ويتم ذلك من خلال فرض ضريبة على ذوي الدخول المرتفعة توجه نحو الدعم الحكومي لخدمات الفقراء، أو أن يتم رفع رسوم خدمات الطاقة والكهرباء وأسعار المواد الغذائية والدواء التي يستفيد منها الأغنياء، وتوجيه فروق الرسوم المقتطعة للرفع من دخل الأسر الفقيرة، أو خفض أكثر في أسعار الخدمات الموجهة لهم حصرياً، أو دعم خدمات اضافية ليست مدرجة في برامج الإعانة الحالية. [email protected] dad6176@