دمشق، بيروت، الرياض، نيويورك، موسكو - «الحياة»، ا ف ب، رويترز - من المقرر ان يجتمع المبعوث الدولي - العربي الى سورية كوفي انان اليوم مع الرئيس السوري بشار الاسد، وهو اللقاء الثاني منذ تكليفه بهذه المهمة. وقال لدى وصوله الى دمشق امس انه يعتزم اجراء «مناقشات جادة وصريحة» مع الرئيس السوري بالاضافة الى «أشخاص آخرين» أثناء وجوده في سورية. ويأتي لقاؤه مع الاسد في اعقاب ردود الفعل العربية والدولية الواسعة على مجزرة الحولة. وعبر انان عن «صدمته» ازاء مجزرة الحولة التي وصفها ب»المأسوية والمروعة»، مشدداً على ضرورة تقديم مرتكبيها الى العدالة. واعترف بأن خطة النقاط الست التي وضعها «لا يجري تطبيقها». وحض الحكومة السورية على «اتخاذ خطوات قوية تدل على عزمها حل الأزمة سلمياً»، داعيا «كل المتورطين الى المساعدة في إيجاد السياق المناسب للتوصل الى عملية سياسية ذات مصداقية». واعرب مجلس الوزراء السعودي، في الجلسة الاسبوعية التي عقدها امس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عن استنكار المملكة الشديد لهذه المجزرة وجميع أعمال العنف المتواصلة في سورية والتي تحصد أرواح العشرات من الأبرياء، مشدداً على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته الإنسانية لوقف نزيف الدماء المستمر في سورية بشكل يومي ووقف استخدام القوة ضد المدنيين العزل. وبحث انان مساء امس مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في «الجهود الجارية لتطبيق الخطة ذات النقاط الست التي توافق عليها الجانبان والتي تهدف للتوصل إلى وقف العنف بكل أشكاله ومن أي طرف كان بغية فتح الطريق أمام آفاق الحل السياسي وإعادة الأمن والاستقرار إلى سورية»، بحسب وكالة الانباء السورية (سانا). وقالت الوكالة ان المعلم شرح لانان «حقيقة ما يجري في سورية وما تتعرض له من استهداف بمختلف الوسائل لإثارة الفوضى فيها». كما عرض «خطوات الإصلاح التي تقوم بها القيادة السورية في مختلف المجالات»، وأعاد التأكيد على «حرص سورية على تذليل أي عقبات قد تواجه عمل بعثة مراقبي الأممالمتحدة ضمن إطار تفويضها». ودعا المعلم انان إلى «مواصلة وتكثيف جهوده مع الأطراف الأخرى والدول الداعمة لها والتي تعمل على افشال مهمة عنان سواء عبر تمويل أو تسليح أو توفير الملاذ للمجموعات الإرهابية المسلحة». بدوره أكد انان على دعم المجتمع الدولي خطته و»حرصه على استمرار التنسيق مع القيادة السورية». وقالت الوكالة ان انان نوه ب»التعاون الذي تبديه سورية في مجال تسهيل تنفيذ خطة النقاط الست التي تهدف إلى احلال الأمن والاستقرار... وقدر التعاون السوري في جوانب مثل تسهيل دخول الإعلاميين لتغطية عمل المراقبين وكذلك في مجال العمل الإنساني من خلال التعاون المنجز عبر عمل كل من لجنة الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري». واضافت «سانا» ان أنان «شكر الحكومة السورية على الحماية التي توفرها للمراقبين الدوليين في أداء مهماتهم. ونوه بإيجابية إعلان سورية عن تشكيل لجنة للتحقيق بمجزرة منطقة الحولة ما يعكس جدية القيادة السورية في العمل على استتباب الأمن والاستقرار في البلاد». وقالت مصادر مطلعة على زيارة انان لدمشق إن «ميزان النجاح أو الفشل فيها يعتمد على مدى وجود تغيير حقيقي وجدي في تنفيذ الحكومة السورية خطة النقاط الست». وأوضحت أن أنان «مصمم في زيارته على إحداث تغيير حقيقي وليس بالتقطير»، وأنه «يريد تنفيذاً جدياً لجميع النقاط في خطته بما فيها سحب القوات والسلاح الثقيل من المراكز السكنية». وأكدت المصادر أن السلطات السورية رفضت السماح لنائب أنان ناصر القدوة بزيارة سورية في عداد وفد المبعوث المشترك. ولاحظت أن «الحكومة السورية تمكنت تدريجاً من تقويض الجانب العربي من مهمة انان ومن إملاء موقفها على الأممالمتحدة وهو ما يتطلب موقفاً وقراراً من الأممالمتحدة». وذكرت المصادر إن أنان سيتوجه الى الدوحة في 2 حزيران (يونيو) للمشاركة في اجتماع لجنة المتابعة العربية حول سورية، مشيرة الى أنه «يشعر أن الموقف العربي لن يقبل كثيراً استهتار الحكومة السورية بخطته ورفض استقبال القدوة في دمشق». وكان مجلس الأمن شهد سجالاً قبل صدور بيانه الصحافي وبعده بين مندوبي روسيا والدول الغربية، حول الجهة المسؤولة عن قتل 108 مدنياً وجرح 300 آخرين في قريتي بيت لاها وتلعاد في منطقة الحولة، وعن الوسائل التي استخدمت لقتلهم. وركزت روسيا على قسم من تقرير رئيس لجنة المراقبين الجنرال روبرت مود الى مجلس الأمن بأن القتلى سقطوا بإطلاق نار من مسافة قريبة وليس بالقصف المدفعي. وتحدث نائب السفير الروسي ألكسندر بانكين عن أن «القتلى سقطوا في منطقة لا تسيطر عليها الحكومة السورية». واعتبر أن ثمة «وجوداً لعنصر ثالث في سورية، مجموعات إرهابية أو ممن تريد التدخل الخارجي»، وأن مراقبي الأممالمتحدة لم يمتلكوا أدلة على ارتكاب القوات المسلحة السورية أعمال القتل. في المقابل حمل السفير البريطاني مارك ليال غرانت الحكومة السورية المسؤولية الكاملة عن قتل المدنيين في الحولة، معتبراً أن «من يقول إنه لم يكن للحكومة دبابات في الحولة هو كاذب» مشيراً الى ما أكده مود بأن المراقبين الدوليين «رأوا قذائف وآثار دبابات حديثة هناك ولم يكن من شك بأن الحكومة قصفت المدنيين». وأكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في رسالة الى مجلس الأمن أن «المراقبين زاروا تلدو وكفرلاها في 26 أيار (مايو) وشاهدوا قتلى القصف المدفعي والدبابات على منطقة سكنية». وأشار الى أن «القرية تقع خارج سيطرة الحكومة ولكنها محاطة بوجود سلاح ثقيل». وأكد أن المراقبين «رأوا قتلى مصابين بالرصاص وبالقذائف وعاينوا قذائف دبابات وآثار دبابات والعديد من المباني دمرت بالسلاح الثقيل». وأشار في الوقت نفسه الى سقوط قتلى «بالرصاص وإطلاق النار من مكان قريب وبالانتهاكات الجسدية». وناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي مجلس الأمن التحرك السريع من أجل وقف جميع أعمال العنف في سورية، والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الحماية للمدنيين، بما في ذلك زيادة عدد المراقبين الدوليين ومنحهم الصلاحيات الضرورية، وحذَّر من خطورة الموقف المتدهور في سورية وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة. في هذا الوقت اتهمت روسيا امس النظام السوري والمعارضة، بالضلوع في مجزرة الحولة. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في ختام محادثات مع نظيره البريطاني وليام هيغ في موسكو: «نحن امام وضع من الواضح ان الطرفين لهما يد فيه»، مشيرا الى وجود آثار اطلاق نار عن مسافة قريبة على الجثث الى جانب الاصابات بالقصف المدفعي. واضاف: «نحن لا ندعم الحكومة السورية، نحن ندعم خطة كوفي انان»، مضيفا ان على القوى الغربية «العمل على تطبيق خطة كوفي انان وليس اسقاط النظام». وعلى رغم ردود الفعل الواسعة ضد استمرار الانتهاكات لخطة انان استمرت امس اعمال العنف في مختلف المناطق السورية، فيما قالت مصادر معارضة ان تجار اسواق دمشق، وخصوصاً سوق الحميدية اعلنوا عن تنفيذ اضراب عام لثلاثة ايام استنكاراً للمجازر التي يرتكبها النظام بحق المدنيين. ووقعت اشتباكات عنيفة في يبرود بريف دمشق، وقرى وبلدات في محافظة درعا، منها كفر ناسج وطفس وانخل وعتمان وداعل، . كما افيد عن سقوط سبعة قتلى من القوات النظامية بعد منتصف ليل الاحد - الاثنين اثر استهداف حافلة كانت تقلهم قرب بلدة تل منين في ريف دمشق. وكان المرصد السوري ذكر في وقت سابق ان ما لا يقل عن ثلاثة ضباط قتلوا واصيب 19 عسكريا بجروح اثر تفجير عبوة ناسفة بحافلة كانت تقلهم على طريق مطار حلب. واصيب اربعة من عناصر الامن بجروح خطرة اثر انفجار عبوة ناسفة في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق. من جهة اخرى قالت جماعة معارضة في مدينة حماة إن قصف الجيش للمدينة أسفر عن مقتل 41 شخصا على الأقل بينهم ثمانية أطفال في هجوم بالمدفعية خلال الاربع وعشرين ساعة الماضية.