تناول بنك الكويت الوطني في تقرير له مسار المشاريع الرئيسة في دول الخليج وتوزعها مقدّراً حجمها في كافة مراحل التخطيط والتنفيذ نهاية الربع الثاني من السنة الحالية، بنحو 2.1 تريليون دولار، تركز معظمها في قطاع الإنشاء، واستحوذت الإمارات على الحصة الكبرى منها. وصنف البنك الوطني المشاريع وفقاً لثلاث شرائح: المشاريع التابعة للقطاع الخاص، وتلك التابعة للحكومات، والمشاريع التي يتشارك فيها القطاعان العام والخاص. واعتمد في تصنيفه على أحكامٍ خاصة به. وقدّر «الوطني» حصة القطاع الخاص في إجمالي المشاريع، وفي كافة مراحل التنفيذ والتخطيط، بنحو 833 بليون دولار، تشكل 39 في المئة، وحصة متقاربة القطاع العام تبلغ 822 بليوناً، يتشارك القطاعان العام والخاص بمشاريع تبلغ تكلفتها 479 بليون دولار، توازي 22 في المئة، ما يعني أن الحكومات تملك حصصاً مباشرة في أكثر من 60 في المئة من المشاريع الرئيسة في المنطقة. ولا شك في أن قدرة الحكومات على إطلاق مشاريع أو المشاركة فيها، دعمها ارتفاع الإيرادات المالية طوال السنوات الخمس الماضية بفضل ارتفاع أسعار النفط. وبلغت إيرادات الحكومات الخليجية بين 2004 و2008، نحو 1.7 تريليون دولار، متجاوزة ضعف مستواها المسجل في السنوات الخمس السابقة. ولحظ تقرير بنك الكويت الوطني، أن قيمة مشاريع القطاع الخاص في الإمارات 486 بليون دولار، تفوق كافة مشاريع هذا القطاع في دول الخليج الأخرى مجتمعة. وفي المقابل، تستحوذ المشاريع الحكومية على حصة متدنية نسبياً من إجمالي المشاريع قيد التنفيذ والمخطط لها في الإمارات، فتبلغ 28 في المئة، مقارنة مع متوسط 39 في المئة خليجياً. ولا تتجاوز حصة المشاريع الحكومية في عمان 33 في المئة من قيمة المشاريع في السلطنة وتكلفتها 95 بليوناً. بسبب حث الحكومة العمانية القطاع الخاص على المشاركة في قطاع الطاقة. ويستحوذ القطاع العام على معظم المشاريع في كل من الكويت والبحرين وقطر. وأشار تقرير الوطني، إلى إنه على رغم صعوبة تحديد مساهمة المشاريع في الناتج المحلي في شكل دقيق يمكن إنجاز تقديرات. فالقيمة الإجمالية للمشاريع قيد التنفيذ في الخليج تبلغ 610 بلايين دولار، تشكل نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الخليجي المتوقع في 2009. ونظراً إلى أن متوسط مدة تنفيذ المشروع بين 5 و6 سنوات، فذلك يشير إلى أن متوسط مساهمة المشاريع في نمو الناتج المحلي الخليجي على نحو مباشر، يتراوح بين 10 و 15 في المئة سنوياً. وتبلغ حصة القطاع الخاص وحده في هذه المساهمة نحو 40 في المئة، بينما تتوزع النسب المتبقية بين الحكومة والمشاريع القائمة على شراكة بين القطاعين. ولحظ التقرير أن قيمة المشاريع التي ألغيت حتى نهاية الربع الثاني من السنة الحالية نحو 9 بلايين دولار. وعلى رغم أن القيمة تعتبر صغيرة نسبياً، إلا أنها مرجحة للارتفاع مع مرور الوقت. لكن الأهم هو قيمة المشاريع التي علق العمل بها، وبلغت 506 بلايين دولار بحلول الربع الثاني من 2009، مقارنة مع 26 بليوناً فقط قبل عام. وعموماً، تشكل قيمة المشاريع الملغاة والمعلقة 19 في المئة من قيمة المشاريع في المنطقة. ويتركز معظم المشاريع المعلقة والملغاة في قطاع الإنشاء، الذي يشمل القطاع العقاري وأعمال في البنية التحتية مثل المرافق والجسور والسكك الحديد. وتظهر البيانات إلغاء 261 مشروعاً في قطاع الإنشاء، ما يعكس انكماش السوق العقاري وهبوط الأسعار فيه. وعلى نطاق أصغر، أشار تقرير بنك الكويت إلى أن قطاع النفط والغاز وقطاع البتروكيماويات شهد إلغاء مشاريع بقيمة 87 بليون دولار، بسبب تراجع أسعار النفط. ولفت إلى أن أكثر من ثلثي المشاريع الملغاة والمعلقة هي مشاريع تابعة للقطاع الخاص، وبنسبة تفوق في شكل ملحوظ حصة هذا القطاع من المشاريع قيد التنفيذ حالياً. وفي المقابل، تبلغ حصة القطاع العام من المشاريع الملغاة والمعلقة نحو 29 في المئة، بينما تشكل المشاريع المشتركة بين القطاعين العام والخاص نحو 3 في المئة فقط. رأى التقرير أنه نظراً إلى أن قيمة المشاريع الملغاة والمعلقة في الوقت الراهن تقارب 515 بليون دولار (وهو رقم قريب من قيمة المشاريع قيد التنفيذ)، فذلك من شأنه أن يخفض نمو الناتج المحلي الخليجي نظرياً بما بين 10 إلى 15 في المئة سنوياً. لكن التأثير العام يرجح أن يكون أدنى من ذلك في شكل ملحوظ. وأكد التقرير أن تأثر مسار المشاريع بالتدهور الاقتصادي لا ينحسر فقط بإلغاء أو إرجاء بعضها، بل قد يؤخر موعد تسليمها أو تتباطأ وتيرة تنفيذها، وأن نحو 25 في المئة من المشاريع التي كان مخططاً لها أن تنطلق في الربع الأول من السنة الحالية لم يبدأ العمل بها بعد. وحصيلة التقرير أن تراجع نشاط قطاع المشاريع قد يشكل صدمة للاقتصادات الخليجية في المدى القصير، لا سيما من خلال تراجع إجمالي الطلب.