جاء دور النساء في العلاقة المثلثة المُعقّدة بين الإنسان والرياضة والآلة. وبعد أن تمكن العدّاء الجنوب أفريقي أوسكار بيستوريس، (لقّبه الإعلام الرياضي «أسرع رجل من دون قدمين» و «عدّاء الشفرات»)، من انتزاع اعتراف رسمي بسجلاته في سباقات 100 و200 و400 متر، استطاعت أنثى بريطانية تحقيق إنجاز مماثل. ووفق ما جاء في وكالات الأنباء أخيراً، تمكنت امرأة بريطانية مشلولة تبلغ من العمر 32 عاماً من إكمال ماراثون لندن للمرة الأولى بفضل «ساقين إلكترونيتين» سمحتا لها بالوقوف وقطع مسافة أكثر من 40 كيلومتراً، على رغم إعاقتها الضخمة. وقطعت البريطانية كلير لوماس خط الوصول متّكئة على عكازيها وهي تبكي من الفرح، بعد ستة عشر يوماً من انطلاقها في هذا الماراثون الذي تبلغ مسافته 42,2 كيلومتر. وتجمع مئات الأشخاص لتهنئتها على إنجازها هذا، فيما اصطف جنود في «سلاح الفرسان الملكي» على شرفها في جادة «ذي مول» الشهيرة المؤدية إلى قصر باكنغهام في لندن. وأوضحت لوماس، وهي ممرضة سابقة، أنها أصيبت بشلل سفلي بعد وقوعها عن ظهر الحصان في عام 2007. وأقرّت بأنها عانت نفسياً من ضخامة قرارها بأن تقطع الماراثون مشياً، بالاعتماد على طرفين سفليين اصطناعيين. وأوضحت أنها لجأت إلى أسلوب «عيش كل يوم بيوم»، ما مكّنها من الاقتراب تدريجاً من هدفها المنشود. ودأبت لوماس التي تعمل الآن في صناعة المجوهرات على المشي 3 كيلومترات يومياً، مع تلقيها تشجيعاً مستمراً من زوجها وابنتها المراهقة ووالديها. وفي السياق نفسه، اهتم بعض الشخصيات اللندنية بتقديم دعم معنوي للوماس، عبر مرافقتها في المشي الشاق لتسجيل رقم الماراثون. وتتحرك لوماس بفضل ساقين اصطناعيتين تحتويان على أداة إلكترونية، تعمل على تسهيل التحكم بهما. وصُنعت هذه الأداة على يد رجل أعمال إسرائيلي، وبلغت تكلفتها ما يزيد على خمسين ألف يورو. وتحتوي الأداة أجهزة لتحسس الحركة موصولة بجهاز كومبيوتر. وتُقلّد هذه الأداة حركة المفاصل الطبيعية أثناء المشي، ما يسمح للمصابين بالشلل السفلي بالوقوف والمشي وصعود السلالم وغيرها. وبفضل الماراثون، جمعت لوماس أكثر من 107 آلاف يورو لمصلحة جمعية تموّل البحوث المتّصلة بالشلل الناجم عن كسر في الرقبة أو الظهر وغيرها. وفي لفتة إنسانية ورياضية، قدّم 12 مشاركاً ممن شاركوا في ماراثون لندن ووصلوا إلى خط النهاية، ميدالياتهم إلى لوماس التي لن يسمح لها بوضع اسمها على لائحة الفائزين بالوصول إلى خط النهاية في ماراثون لندن.