استبعدت الخرطوم أمس عقد قمة بين الرئيسين السوداني عمر البشير ونظيره الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت قبل حسم الملفات الأمنية بين البلدين، والتوصل إلى تفاهمات مشتركة خلال المحادثات التي من المقرر أن تستأنف بينهما غداً في العاصمة الإثيوبية لتسوية القضايا العالقة المتصلة بفك الارتباط بين الدولتين. وأعلن وزير الدولة للرئاسة كبير مفاوضي السودان إدريس محمد عبدالقادر استعداد الوفد للانخراط في المفاوضات في شأن القضايا العالقة ومعالجة الموضوعات الرئيسة، مشدداً على أهمية حسم الملف الأمني والترتيبات المتعلقة به أولاً. وأوضح أن اللجنة السياسية العسكرية الأمنية التي يترأسها وزيرا الدفاع من الجانبين ستنظر في قضايا الملف الأمني بدقة بغية حسمها وطيها نهائياً قبل الانتقال إلى الملفات الأخرى. لكن وكيل وزارة الخارجية رحمة الله عثمان شكك في جدية الطرف الجنوبي في الوصول إلى اتفاقات تعمل على خلق الأمن والاستقرار بين البلدين، مستبعداً أي لقاء يجمع البشير وسلفاكير ما لم يتم طي الملف الأمني نهائياً مع الوصول إلى تفاهمات. وكانت آلية الوساطة الأفريقية بين دولتي السودان اقترحت لقاء بين البشير وسلفاكير لتسريع المحادثات بين الدولتين ومنحها دفعة سياسية. ورحب كبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم باستئناف المفاوضات غداً وقال إنهم أبلغوا الوسيط الافريقي ثابو مبيكي باستئناف المحادثات من دون شروط مسبقة، مشيراً إلى أنهم مستعدون لتقديم أي تنازلات من أجل التوصل لاتفاق ينهي الملفات العالقة. وستبدأ المحادثات على مستوى اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بقيادة وزيري الدفاع والداخلية ومديري جهاز الأمن والاستخبارات في البلدين، لمناقشة الاتفاقات الأمنية التي وقعاها في الماضي في ما يخص منطقة أبيي والحدود المشتركة وتأمينها وإنشاء منطقة عازلة على جانبي الحدود بعمق 10 كلم في كلا البلدين وآلية مراقبة تنظر في أية خروقات محتملة. واحتج السودان رسمياً لدى رئيس مجلس الأمن على خريطة قدمها الوسيط الأفريقي واعتمدها المجلس وضمت منطقة خامسة متنازع عليها بين الخرطوم وجوبا إلى دولة جنوب السودان، مؤكداً أن ذلك يخالف اتفاق السلام. وقال سفير السودان لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج علي في رسالة بعث بها إلى رئيس مجلس الأمن إن «السودان يتحفظ ويحتج على الخريطة الإدارية والأمنية التي أشار إليها قرار مجلس الأمن الرقم 2046 وقدمها مبيكي للطرفين من قبل»، موضحاً أن «الخريطة أدخلت منطقة خامسة متنازعاً عليها تقع على بعد أربعة عشرة ميلاً جنوب بحر العرب ضمن خريطة دولة جنوب السودان». وسجل أيضاً احتجاجاً لدى مجلس الأمن في شأن الخريطة التي اعتمدها مجلس وزراء جنوب السودان بصورة رسمية أخيراً وضمت جميع المناطق الخمس المتنازع عليها بين البلدين إلى جانب منطقة هجليج النفطية، ورأى إن هذه المناطق هي موضع تفاوض، طالباً من المجلس «رفض ذلك السلوك الذي يناقض المبدأ الذي هو محل قبول واحترام لدى الأممالمتحدة، خصوصاً مجلس الأمن، وهو عدم التعدي على الأراضي بالقوة». وكانت الحكومة السودانية قدمت شكوى جديدة إلى مجلس الأمن أوضحت فيها أن الثمانية أيام الماضية شهدت «خروقات صارخة واعتداءات» عبر الحدود من قبل قوات دولة جنوب السودان على الأراضي السودانية. وتتهم الخرطومالجنوب بشن هجمات عدة بين يومي الثلثاء والخميس على مناطق في جنوب دارفور في انتهاك لقرار يدعو البلدين تحت طائلة التعرض إلى عقوبات. إلى ذلك، نفى الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد اتهامات من منظمة «هيومان رايتس ووتش» لجيشه باستخدام قنابل عنقودية في ولاية جنوب كردفان. وقال الصوارمي ل «الحياة»: «سواء انضممنا إلى الاتفاق الدولي الذي يحظر القنابل العنقودية أو لم ننضم، فإننا لا نستخدمها بتاتاً في عملياتنا العسكرية ولا نمتلكها». وكانت «هيومان رايتس ووتش» دعت إلى إجراء تحقيق في استخدام سلاح الجو السوداني قنابل عنقودية في حربه في جنوب كردفان بعد عثور محققين على قنابل عنقودية في منطقة انقولو. وقال سكان للمحققين بحسب التقرير إن القنابل تم إسقاطها من طائرة حكومية في 15 نيسان (أبريل) الماضي وهي سوفياتية الصنع من طراز آر بي كيه -500 وتحتوي على عدد من القنابل بداخلها تعتبر من الأسلحة المحرمة دولياً. من جهة أخرى، وصل إلى الخرطوم أمس الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر. ومن المقرر أن يجري محادثات مع المسؤولين السودانيين لمناقشة آخر تطورات الوضع في إقليم دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المضطربتين والعلاقات بين دولتي السودان.