انسحب نواب «تكتل الجزائر الخضراء» المشكّل من ثلاثة أحزاب إسلامية من جلسة تنصيب البرلمان الجزائري الجديد، ورفعوا بطاقات حمراء كُتب عليها «لا للتزوير»، قبل أن ينسحبوا من قاعة الجلسات. وقاطعت زعيمة حزب العمال لويزة حنون جلسة الإفتتاح، مثلما فعل نواب عشرات الأحزاب المنضوية في إطار «الجبهة السياسية لحماية الديموقراطية» التي ينادي بعض أطرافها بتشكيل «برلمان مواز» للبرلمان الرسمي. ورشحت جبهة التحرير الوطني محمد العربي ولد خليفة لرئاسة البرلمان بعدما اختاره الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الدقيقة الأخيرة على حساب رشيد حراوبية الذي كان يُتوقع على نطاق واسع أن يُسند إليه منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني. وسادت حال من الفوضى مراسم تنصيب المجلس الجديد المنبثق عن الانتخابات التشريعية الأخيرة، بعدما انسحب نواب «التكتل الأخضر» الذي يجمع حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني. وقرر نواب «التكتل» الذي يُعتبر أبرز الخاسرين في الانتخابات الأخيرة، مغادرة قاعة الجلسات العلنية مباشرة بعد جلسة المناداة على النواب الجدد. وعمد النواب الإسلاميون إلى هذا السلوك بمجرد أن بدأت النائبة الأصغر سناً، وفق ما ينص عليه قانون المجلس، في تلاوة أسماء النواب الجدد من أجل إثبات عضويتهم. وأوضحت المجموعة البرلمانية للتكتل في بيان وزعته على صحافيين أنها «قررت الانسحاب من هذه الجلسة وتبرئة نفسها مما يترتب عنها من إجراءات لا تلزم إلا أصحابها والمشاركين فيها». وحمل نواب «التكتل» بطاقات حمراء كُتب عليها «لا للتزوير»، وأحدث تجمعهم صخباً في بهو البرلمان. وانتقد هؤلاء النواب ما وصفوه ب «الإصرار على التزوير»، وقالوا إن نتائج الانتخابات «عادت بالجزائر إلى زمن الأحادية»، في إشارة إلى فترة حكم الحزب الوحيد جبهة التحرير الوطني بعد الاستقلال عن فرنسا عام 1962. ولمح «تكتل» الأحزاب الإسلامية الثلاثة إلى وجود رغبة لديه في إقامة تحالفات جديدة بهدف «تصحيح الاختلالات واتخاذ الإجراءات والمواقف المناسبة حتى تعود الأمور إلى نصابها». لكن الكتلة البرلمانية ل «تكتل الجزائر الخضراء» أكدت أنها «ستقوم بواجباتها كاملة من موقع المعارضة السياسية الراشدة والفاعلة لخدمة الوطن». وكان من بين المقاطعين رئيس حركة النّهضة الدكتور فاتح ربيعي وقيادات حركة مجتمع السلم ممثلة في كمال ميدة وعبدالعزيز بلقايد. لكن وزير الأشغال العمومية السابق عمار غول، الفائز بمقعد نيابي عن التكتل باسم حركة مجتمع السلم، خالف رأي المجموعة البرلمانية وخرج متأخراً عن الجلسة ولم يشارك في الإحتجاج، في مظهر يكشف حجم الخلاف بينه وبين حركته بعد إعلانها مقاطعة المشاركة في الحكومة المقبلة لو دُعيت إليها. ولوحظ أيضاً تغيّب الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون عن جلسة التنصيب الرسمي للبرلمان بينما حضر بقية نواب كتلتها. ونُقل عن جلول جودي الذي أُسندت إليه مهمّة رئاسة المجموعة البرلمانية لنواب حزب العمال، إنّهم سيقاطعون جلسة انتخاب رئيس المجلس الشّعبي الوطني. وأضاف جودي أن «نتائج المجلس الدستوري التي أفرزتها الطعون لم تغيّر شيئاً وتؤكد مرة أخرى على أن البرلمان الجديد فاقد للشرعية وهو نتاج انتخابات مفبركة». وكان المجلس الدستوري منح حزب العمال 7 مقاعد جديدة أضيفت إلى حصته في البرلمان الجديد. ويتجه محمد العربي ولد خليفة الذي ترأس مراسم التنصيب (بوصفه أكبر النواب سناً، إذ يبلغ 74 عاماً) لرئاسة البرلمان الجديد خلفاً لعبدالعزيز زياري. ويُعتقد أن الرئيس بوتفليقة فضّل ولد خليفة على المرشح الآخر حراوبية مراعاة للتوازنات الجهوية. وولد خليفة متحدر من منطقة القبائل (بجاية) في حين أن حراوبية من سوق أهراس في شرق الجزائر. وسئل رشيد حراوبية على هامش جلسة الإفتتاح عن رأيه في استبعاده من سباق رئاسة البرلمان فقال «مصلحة الحزب تعلو وتسمو على مصلحة الأشخاص».