«إنه ليس لاعباً خارقاً.. بل هو اللاعب الخارق»، كما يقول منافسه على عرش الأفضلية في التاريخ الأحمر لنادي مانشستر يونايتد إريك كانتونا.. لكن أبرز ما اتفق عليه رفاقه وخصومه أنه اللاعب الذي «لا يخشى أحداً». دائماً ما ارتبط وصف «العبقري» باسمه على ألسنة معلقي مباريات الدوري الإنكليزي الممتاز، سواء لحظة دخوله الملعب، أم عندما يحرز أحد أهدافه بطريقته المتفردة. «من أجمل ما في كرة القدم بالنسبة إلي، أنه ذات يوم، كنت أشاهده في التلفزيون، وأحرص على اللعب به في البلاي ستيشن، ثم وقفت لألعب أمامه.. لأجده خصماً لي في الملعب، في مباراة حقيقية!.. إنه شعور مذهل» هذا ما ردده البرازيلي كاكا عندما خرج من أول مواجهة له مع فريقه السابق ميلان ضد مانشستر يونايتد. إنه اللاعب الوحيد الذي تحول إلى «أسطورة» بحسب النقاد والمراقبين، فيما لا تزال قدماه تركضان على العشب الأخضر، حتى هذه اللحظة، حاملاً حول رقبته أكبر عدد من الميداليات الذهبية التي قد يجمعها لاعب في أوروبا، ليسجل نفسه في التاريخ «محطماً للأرقام القياسية» سواء من ناحية البطولات، أم عدد المباريات التي لعبها. كونه اللاعب الوحيد الذي استطاع على مدار 22 موسماً لعبها مع «الشياطين الحمر» أن يسجل في كل المواسم، وأن يسجل اسمه كأهم صانع للأهداف - بحسب إحصاءات رسمية - في الدوري الإنكليزي كان له الحق في أن يطلق عليه النقاد وزملاء المهنة بكل عفوية لقب «الأسطورة المطلقة»، إضافة إلى كونه أكبر حاصد للبطولات في تاريخ كرة القدم الإنكليزية والأوروبية. لكن المدهش أن «الجناح الويلزي» لا يزال وهو يدخل عامه ال39 يستطيع أن يغير مجريات أي مباراة، بل أن يحصد جائزة أفضل لاعب في اللقاء، كما فعل في مباراتين لناديه ضد تشيلسي العام الماضي. الموسم العظيم الموسم 2008/2009 كان من أروع المواسم التي مرت على «راين غيغز»، عندما استطاع مع فريقه أن يحصد بطولة أبطال أوروبا ويسجل فوزه للمرة العاشرة بالدوري الإنكليزي، فضلاً عن تحطيمه الرقم القياسي في عدد المباريات في تاريخ مانشستر يونايتد، المسجل باسم بوبي تشارلتون، بلعبه 758 مباراة، إضافة إلى إكماله 100 مباراة في دوري أبطال أوروبا، فضلاً عن نيله جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز لذلك العام، وهو في ال35 من عمره. لاحقاً استطاع «الجناح الطائر» في مانشستر يونايتد أن يحصد بطولة الدوري الإنكليزي مرات تخطى تعدادها رقم قميصه «11». الأرقام القياسية التي حطمها كثيرة، فهو أكثر من حصد لقب الدوري الإنكليزي (12 مرة)، كما أنه أول لاعب يحرز 100 هدف في الدوري الإنكليزي بنظامه الجديد منذ 1992، وهو صاحب أسرع هدف في تاريخ مانشستر يونايتد (15 ثانية)، إضافة إلى كونه أكثر لاعب بريطانيي أحرز أهداف في دوري الأبطال، فضلاً عن كونه صاحب أكثر تمريرات حاسمة في الدوري الإنكليزي (إحصاء بدأ منذ 2002). لعب 909 مباريات حتى الآن مع فريقه وأحرز 159 هدفاً. علامة فارقة أخرى في مسيرة هذا «الساحر»، أنه لم يحصل على بطاقة حمراء في مسيرته الطويلة مع مانشستر يونايتد، كما حقق وسام الإمبراطورية البريطانية عام 2007، نظير مساهماته الكبرى في كرة القدم. معضلة الجنسية يرى كثير من النقاد والمحللين أن «راين غيغز» كان ليقف مع مارادونا وبيليه وكرويف وزيدان على قمة كرة القدم العالمية، لو كان يحمل الجنسية الإنكليزية. لكن اعتزازه ب «ويلزيته» جرده من هذه الفرصة. قصة الجنسية هذه كثيراً ما وردت على ألسنة نجوم كرة القدم، فإجابة نجم فرنسا الأول زين الدين زيدان عندما سئل عن غيغز كانت مختصرة: «لو كان فرنسياً؛ لما عرفني أحد»، في حين كان لويس فيغو بحاجة إلى «راين» في منتخب البرتغال ليحرز كل ما يحلم به «لو كنا معاً لأحرزنا كأس العالم»، في حين كان جواب الهولندي كرويف عندما سئل عن رأيه في الفرنسي كانتونا «إنه لاعب عظيم، لكنه ليس أفضل من غيغز». الآن يقترب أفضل من لعب برجله اليسرى في تاريخ كرة القدم من عامه الأربعين، وقلوب الجمهور والفريق والإدارة والسير إليكس فيرغسون الذي كان له الفضل في اكتشافه، في حين تظل عقولهم غير مصدقة أن تلك الزاوية اليسرى من الملعب ستكون خالية.. غير مصدقة أن يوماً ما سيأتي سيلعب فيه مانشستر يونايتد من دون أن يكون لديهم الأمل في أن ينزل «الويلزي» إلى الملعب في أي لحظة. لكن ما يمكن أن يجمع عليه الكثيرون من الجمهور والنقاد أن جسد مانشستر يونايتد سيفقد «روحه» لفترة طويلة مع آخر خطوة لغيغز خارج المستطيل الأخضر. ولن يكون في وداع آخر عمالقة الكرة الكلاسيكية سوى الدموع، التي تعود أن يُنزلها من عيون الجماهير «فرحاً» و«قشعريرة»، ليترك وراءه ذلك التمثال على باب النادي الأحمر رافعاً يده، متوسطاً بوبي تشارلتون وإريك كانتونا، ويترك قاموساً من الذكريات الجميلة، حاملاً معه لقب «أفضل لاعب في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز».