أين السلفيون؟ سؤال طرحه بقوة مشهد طوابير المقترعين في أول انتخابات رئاسية تنافسية في مصر، إذ لوحظ خلوها نسبياً من الملتحين والمنتقبات مقارنة بالانتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وغزتها طوابير السلفيين الذين خاضوا «حرب تكسير عظام» ضد منافسيهم وحصدوا الكتلة الأكبر في غرفتي البرلمان بعد «الإخوان المسلمين». لكن اليوم الثاني والأخير من الاقتراع في انتخابات الرئاسة مر من دون ظهور لافت للسلفيين، فلا ملتحين يصطفون في طوابير طويلة ولا منتقبات يتكتلن أمام إحدى لجان الاقتراع في انتظار الانتخاب، وهو ما عزاه عدد من قيادات التيار الإسلامي إلى عدم وجود مرشح سلفي في هذه الانتخابات بعد إبعاد المحامي السلفي حازم صلاح أبو اسماعيل بسبب جنسية والدته. يضاف إلى هذا انقسام الحركات السلفية بين مرشح «الإخوان» محمد مرسي والمرشح الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح. ودعم حزب «النور» وجماعة «الدعوة السلفية» و «الجماعة الإسلامية» أبو الفتوح، لكن بعض السلفيين المنخرطين في «الدعوة السلفية» أعلنوا دعمهم لمرسي الذي أيدته «الجبهة السلفية» و «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح»، وإن دعمت قيادات في الأخيرة أبو الفتوح. أما «مجلس شورى العلماء» الذي يضم كبار دعاة السلفية في مصر، فترك الحرية لأنصاره وأتباعه للاختيار ما بين مرسي أو أبو الفتوح في المرحلة الأولى. وقال القيادي في «الجماعة الإسلامية» ناجح ابراهيم ل «الحياة»، إنه تحدث مع عدد من الدعاة في محافظات عدة ولمس عزوفاً عن الاقتراع. وعزا ذلك إلى عدم وجود مرشح سلفي، قائلاً: «لو أن أبو اسماعيل موجود في السباق لكانت الكتلة السلفية صوتت بكثافة... كان الملتحون والمنتقبات سيقترعون بأعداد ضخمة جداً جداً». وأوضح ابراهيم أن «كثيرين من شباب السلفيين ليسوا مقتنعين بأي من المرشحين الإسلاميين لأنهم يريدون مرشحاً سلفياً. هم نشأوا على الاختلاف مع الإخوان والآن يُطلب منهم التصويت لهم، فلم يقتنعوا بذلك وآثروا العزوف». وأكد العضو المعاون في «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» الداعية السلفي محمد صلاح ل «الحياة»، أن أعداداً كبيرة من الشباب ودعاة الجيل الثاني والثالث أبلغوه بأنهم لن يشاركوا في الانتخابات لأنهم غير مقتنعين بأي من المرشحين. وأضاف أن عزوف السلفيين يرجع إلى سببين: الأول هو أن «المرشحين الإسلاميين للأسف فاقدين للمصداقية، فسليم العوا قال إنه لن يترشح ثم عاد وترشح، مثله مثل الإخوان في ذلك، اما أبو الفتوح الذي ظل ردحاً من الزمن يعلي من الفكرة الإسلامية والشريعة، تخلى عنها وقت الانتخابات من أجل السياسة، فضلاً عن أن الإخوان الذين ظلموا كثيراً من أجل الشريعة، تنصلوا منها، ولما أرادوا أن يعودوا إلى الساحة خلفاً لحازم أبو اسماعيل ركبوا موجة الشريعة». وأوضح أن «السبب الثاني هو تخبط الشيوخ وتغيير مواقفهم وتبدلها ما سبب تخبط العوام الذي أدى إلى العزوف عن الاقتراع». وأوضح أن «اختيار الهيئة الشرعية (التي تدعم مرسي) لم يقنعني»، مشيراً إلى أنه قرر دعم أبو الفتوح «بعد أن تمت لقاءات خاصة... شدد خلالها على أن تطبيق الشريعة هو عهد وميثاق ولا محالة سيتم، وكذلك تعهد مرسي، لكن الإخوان لا عهد لهم ولا ميثاق». وأقر الناطق باسم حزب «النور» السلفي نادر بكار بعزوف السلفيين عن الاقتراع مقارنة بانتخابات البرلمان، وقال ل «الحياة»: «لا أستطيع أن أقول رأياً قاطعاً في هذا الأمر، لكن هناك نوعاً من العزوف الغريب لم يكن موجوداً في انتخابات البرلمان... هذا أمر ملاحظ لا أجد له تفسيراً، لكنني أضعه في إطار أكبر، وهو العزوف الجماهيري عموما وليس السلفيين فقط ربما بسبب الإحباط من ترشح الفلول».