تحفظت الخرطوم أمس، على توقيع زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي اتفاقاً مع رئيس تحالف متمردي «الجبهة الثورية السودانية» مالك عقار في العاصمة الفرنسية باريس، إلا أنها أعلنت في الوقت ذاته استعدادها لوقف شامل للنار وليس وقف عدائيات لمدة شهرين كما اقترح المتمردون، كما رفضت تقريراً دولياً عن تدهور الأوضاع في إقليم دارفور المضطرب. وقال وزير الدولة للإعلام ياسر يوسف، إن الحكومة السودانية ترحب بأي جهد للسلام ومستعدة للحوار عبر مبادرة طرحها الرئيس عمر البشير، موضحاً أن الحكومة وفرت ضمانات كافية للمتمردين من اجل الحضور للمشاركة في الحوار بالخرطوم. ودعا يوسف القوى السياسية إلى «عدم إضاعة الوقت بالمناورات والتكتيكات المحدودة التي لا تخدم قضايا الوطن». وأضاف أن الحكومة عرضت خلال المحادثات مع «الحركة الشعبية- الشمال» وقفاً شاملاً للنار لتهيئة المناخ لمحادثات تفضي إلى سلام واستقرار في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، مشيراً إلى أن المتمردين تمسكوا بوقف تكتيكي ومحدود للنار لأغراض إنسانية. كما أعلن وزير الاستثمار، المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم مصطفى عثمان، أنه تلقى اتصالاً من المهدي أبلغه فيه بمضمون اتفاقه مع المتمردين. وقال إنه يركز على تسوية سياسية لقضايا البلاد وتحقيق السلام. ووقع المهدي ومالك عقار في باريس على إعلان، التزم بموجبه تحالف «الجبهة الثورية» (متمردي دارفور والحركة الشعبية- الشمال) بوقف عدائيات لمدة شهرين في كل مناطق العمليات لمعالجة الأزمة الإنسانية والبدء بإجراءات صحيحة للحوار والعملية الدستورية. واتفق الطرفان على عدم المشاركة في أي انتخابات عامة مقبلة إلا في ظل حكومة انتقالية تنهي الحرب وتوفر الحريات وتستند إلى إجماع وطني وتنتج عن حوار شامل لا يستثني أحداً. وشارك في الاجتماع من جانب حزب الأمة كل من زعيم الحزب الصادق المهدي ونائبته مريم الصادق وعن «الجبهة الثورية» كل من ملك عقار وثلاثة من نوابه هم رئيس «حركة تحرير السودان» عبد الواحد النور ورئيس «حركة العدل والمساواة» جبريل إبراهيم والقيادي المنشق عن حزب الاتحادي الديموقراطي التوم هجو إلى جانب الأمين العام ل «الحركة الشعبية» ياسر عرمان وترايوه أحمد علي القيادي في «حركة تحرير السودان» بزعامة مني أركو مناوي. وقال عقار عقب مراسم التوقيع، إنه إكراماً للقاء التاريخي مع الصادق المهدي، فإن «الجبهة الثورية» ستنفذ وقفاً للعدائيات من طرف واحد لمدة شهرين. ودعا الطرفان إلى استغلال وقف العدائيات، القابل للتمديد، لتوفير الأمن ومعالجة الأزمة الإنسانية ووقف قصف الطيران الحكومي على المدنيين. وأكدت الجبهة رغبتها في إنهاء الحرب «التي فُرضت عليها، وأن العائق الوحيد هو محاولة النظام شراء الوقت وإعادة إنتاج نفسه عبر حوار فارغ المحتوى». إلى ذلك، انتقدت الخرطوم بشدة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ربع السنوي حول دارفور، الذي ناقشه أعضاء مجلس الأمن في جلسة مغلقة، معتبرةً أنه يتعارض مع المصداقية والمهنية. وقال سفير السودان لدى الأممالمتحدة، رحمة الله إبراهيم محمد عثمان: «إننا نرفض بشدة الاتهامات والمزاعم غير الصحيحة الواردة بالتقرير، كما نرفض بشدة ما جاء في التقرير بشأن أعداد النازحين وحالات الاغتصاب؛ حيث إن الإحصائيات جميعها غير صحيحة، بما يتعارض مع المصداقية والمهنية». ورأى عثمان أن التقرير تعمد ذكر حوادث وقعت في الربع الأول من العام الجاري، وهي فترة لا ينبغي أن يشملها التقرير. وأوضح أن مسؤولية حوادث تلك الفترة تقع على بقايا الجماعات المسلحة التي شنت سلسلة من الهجمات علي مناطق الطويشة وحسكنيته واللعيت وجار النبي ولكمدون ومليط في شمال دارفور ووسطها.