خلال أشهر الصيف، تسرق مدن الأطراف المغربية الأضواء من مدن المركز، وتنتعش مهرجاناتها الصغيرة، فتستقطب السياح الذين يتوافدون باتجاه هذه الأطراف، لتزدهر حركتها وتلبس حلة مختلفة. ففي مدينة صفرو الهادئة الواقعة على سفوح جبال الأطلس المتوسط، تنظَم سنوياً مسابقة ملكة الجمال في موازاة مهرجان حب الملوك (الكرز). وفي قلعة مكونة، القرية الصغيرة الموجودة في الجنوب المغربي، أصبح موسم الورود ومسابقة ملكة جمال الورود محطة منتظمة. وفي قرية املشيل الجبلية الواقعة جنوب الراشدية، تتوجه الأنظار كلّ سنة إلى مهرجان الخطوبة الذي يتزوّج خلاله عشرات من الشبان والشابات في احتفالات جماعية باذخة. أما في زرهون، المدينة الصغيرة الواقعة قرب مكناس، وهي من أولى المدن العربية في شمال أفريقيا التي اتخذها إدريس الأول عاصمة له قبل قرون، فلا بد للزائر من التوقف عند مهرجان طريف هو مهرجان بني عمار الذي يحتفي بالحمير... بدأت الفكرة، على الأرجح بشكل طُرفة، ثم أصبحت جدّية ومؤثرة مع مرور الأيام بفضل التفاف أبناء مدينة زرهون الصغيرة الذين آمنوا بالمختلف فدعموه وانقادوا نحو إبراز مدينتهم بالشكل الذي يُلائمهم. ويشكّل هذا المهرجان الذي تنظمه جمعية مهرجانات بني عمار للسينما والثقافة محطة خاصة سنوية تنشدّ خلالها الأنظار إلى مختلف فقرات المهرجان التي تتوزع على اللقاءات الثقافية والنشاطات الفنية والعروض، بالإضافة إلى مسابقة الحمير. الاحتفاء بالحمار - بحسب المنظمين - ليس مجرد نزوة، بقدر ما هو دعوة جدية إلى وقف تبخيس طاقات مدن الهامش وإهدار إمكاناتها وتهميش كفاياتها ونكران قيمة مكونات مجالاتها البيئية والبشرية. فجمعية مهرجانات بني عمار للسينما والثقافة تحرص على الاستمرار في الاحتفاء بالحمار بما يليق به من تقدير، وهي بذلك تريد إثارة الاهتمام عبر «هذا الرمز» إلى واقع الكفايات البشرية والفئات الاجتماعية الفقيرة من أجل إنصافها وإدماجها. ويعتبر المنظمون أن الحمار نموذج للكائن الكادح الصابر الذي يبذل جهداً كبيراً ومتواصلاً من أجل ربح قوت يومه ومبيته، من دون أن يحظى بالاحترام والرعاية والتقدير. كما أن الحمار رمز لكل ما هو مهمل، منسي، مقصي، أو محتقر ومنبوذ. لذلك فالاحتفاء بالحمار، هو في صورة ما دعوة للناس لمحاورة المُهمَّشِ، فثمة طاقات هائلة تختنق في الظلام، بينما نحن في أمس الحاجة إليها لتحقيق كل تنمية حقيقية وكل تغيير إيجابي.