الباحث والمتعمق في تركيبة النادي الأهلي، يلاحظ أن هذا النادي، لم تبنَ أركانه ليكون فقط أحد الفرق المنافسة والبطلة، على رغم أن المنافسة على البطولات، والفوز بها هي إحدى الأهداف الرئيسية التي أسس من أجلها هذا النادي العريق. لكنها لم تكن هدفاً رئيسياً، على اعتبار أن الرؤية التي قام عليها النادي الأهلي منذ تأسيسه، تنطلق من التركيز على ثوابت لا يمكن تغييرها، آخرها هو الفوز بالبطولة، وعلى رأسها تجنيب النادي الدخول في مهاترات مع أطراف أخرى، وثانيها عدم تظليل جمهور النادي، وثالث هذه الثوابت العمل من أجل النادي بإخلاص وصمت. ولذلك، قفز هدف تحقيق البطولات مع التمسك بهذه الثوابت إلى المرتبة الأولى، وهذا يؤكد بعد نظر المسيرين للنادي الأهلي، وفي مقدمهم الأمير الخبير، وصاحب الرؤية المستقبلية، الأمير خالد بن عبدالله، الرجل الذي يوصف بأنه مؤسس العمل التنظيمي في النادي الأهلي، وصاحب رؤية التخطيط. قبل سنوات قليلة لم يكن أحد يتوقع، أو يتنبأ لفريق كرة القدم الأول بالنادي الأهلي، أن يكون منافساً على بطولة الدوري، حتى من محبيه وعشاقه، غير أن ما كان يفكر فيه كبير الأهلاويين ويخطط له، فاجأ الجميع، وفرض عليهم إعادة حساباتهم وقراءاتهم. لقد كان من أول القرارات الجريئة لتحقيق هدف العودة إلى المنافسة، بيع عقود عدد من اللاعبين، والتخلص من البعض الآخر، وتحمل تبعات ذلك، حتى وإن طال الوقت، وتدعيم الفريق بلاعبين مؤثرين ينتمون إلى الخصوصية الأهلاوية. وعندما أقول «خصوصية»، فأنا أعني ما أقول، ففي قاموس النادي الأهلي ورؤيته، يخيل إليك كأنما أنت في مؤسسة تربوية، أو جامعة من جامعاتنا الكبيرة، في حركة وعمل تشعر الزائر، وكأنه داخل قاعة من قاعات المحاضرات. إنها الرياضة من زاوية النادي الأهلي ورؤيته، وهي التي لم تذهب به بعيداً عن هدف يسعى إليه جمهور النادي «الملكي»، الذي ازداد تعلقاً بناديه، قبل أن يعود منافساً على بطولة الدوري، وتلك إحدى أسرار هذا الجمهور العاشق، الذي وقف إلى جانب ناديه داعماً ومؤازراً ومرحباً بالإصلاحات. وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن ما قاله الأمير خالد بن عبدالله في تصريحه الفضائي بعد المباراة النهائية على كأس الأبطال، يؤكد ويعزّز ذلك العمل التكاملي الذي رسمه هذا الأمير ، وخطط له، عندما ردّ على سؤال للزميل عبدالله العضيبي بلغة الكبار «فهد بن خالد رئيسنا كلنا»! بهذه اللغة، وبهذا الفكر، وبهذه الروح يسير النادي الأهلي، ويعرف الأمير بأن الفرح تأخر كثيراً، ولكنه جاء، وعندما يتحدث خالد بن عبدالله، فإنك لا تملك إلاّ أن تستمع له بكل حواسك، لأن كل كلمة تخرج منه لها معنى، وأي معنى؟ إن لغة النادي الأهلي ليست كأية لغة أخرى، ففي خطاب الأهلاويين لا يمكن أن نسمع كلمات «ناديي»، و«لاعبيني»، و«أنا»، وما إلى ذلك من الكلمات والعبارات التي بتنا نسمعها بعد كل مباراة، وهي صورة من صور النرجسية. لقد باتت مقولة «المستقبل للأهلي» تكبر شيئاً، فشيئاً، وسأتجاوز بطولة كأس الأبطال، وبطولة كأس فيصل للفريق الأولمبي، وبطولات أخرى للشباب والناشئين في الموسمين الماضيين، إلى بطولة صغيرة في نظر البعض، ولكنها كبيرة لمن يعنيهم مستقبل النادي الأهلي، وهي بطولة دوري البراعم الأولى على مستوى المملكة، لأنها حصاد عمل ورؤية مستقبل. [email protected] abdullahshaikhi@