دخلت المفاوضات لإطلاق العسكريين اللبنانيين الذين يحتجزهم المسلحون السوريون في جرود عرسال (38 بينهم 17 من قوى الامن و21 من الجيش، منهم 6 عند «داعش»)، وعبر وساطة من «هيئة العلماء المسلمين»، مرحلة «اختبار» لتنفيذ شرط المسلحين «عدم التعرض للنازحين السوريين الموجودين في عرسال»، في وقت كشف اليوم الثاني لانسحاب المسلحين من عرسال، حجم الدمار الذي لحق بالبلدة ومخيمات النازحين فيها نتيجة اقتحام مسلحي «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» البلدة والاعتداء على نقاط الجيش اللبناني واحتجاز عناصر من قوى الامن والجيش والاشتباك الدامي مع الجيش. واظهرت الحصيلة شبه النهائية لعدد قتلى الايام الخمسة نتيجة القصف والقنص وقوع 60 قتيلاً موثقين بالاسماء (44 في المستشفى الميداني و16 في مستشفى الرحمة)، في وقت وصل عدد الجرحى الى 722 جريحاً بينهم 60 من العراسلة والباقين من النازحين السوريين (300 في مستشفى الرحمة و422 في الميداني). وعثر مساء اول من امس، على جثتين لامرأة وابنها في منطقة فاصلة بين المخيمات ونقطة عسكرية للجيش اللبناني، كما عثر على جثة رجل مصابة بشظايا في أحد المخيمات. وتحدثت مصادر في عرسال عن ان الفتى مهند عبد الاله الفاضل (14 سنة) الذي كان اصيب في القصف على البلدة وخضع لعلمية جراحية ازيل بنتيجتها طحاله ونقلته قافلة سيارات الاسعاف التي دخلت البلدة قبل يومين الى مستشفى «دار الامل» - بعلبك لاستكمال علاجه ورافقته والدته وهما من النازحين السوريين، اخضع لتحقيق أمني في المستشفى. وما لبث ان توفي، وبقيت جثته ووالدته في المستشفى. ولم تسفر مساعي الصليب الاحمر عن اعادتهما حتى بعد ظهر امس. اما حصيلة الاضرار التي لحقت بعرسال ومخيماتها، فتحدثت الوكالة «الوطنية للاعلام» عن سيارات تحطم زجاجها ونخرها الرصاص والشظايا تعود لعراسلة، وظهرت آثار المعارك على الممتلكات، في واجهاتها وجدرانها، وثمة مبان دمرت اجزاء منها أو أتت النيران على بعضها خصوصاً في الاحياء الغربية للبلدة. اما في المخيمات فتبين ان الدمار والحرائق اتت على 3 مخيمات بالكامل وبشكل جزئي على 3 آخرى، ومن التي احترقت: مخيم «المعتقلين» و«الجفر» (اكثر من نصفه) و«البنيان المرصوص» القريب من حاجز للجيش، وبشكل جزئي مخيمي «البنيان المرصوص» رقم 5 و7. وانتظر اهالي عرسال الذين هربوا من الاشتباكات خلال فترات الهدنة الانسانية، في طوابير على الطريق للسماح لهم بالعودة الى بلدتهم، ووصل طابور السيارات الى بلدة اللبوة. وقرابة الثانية بدأوا الدخول لتفقد ممتلكاتهم وضخ الحياة في عرسال لتستعيد عافيتها. وكان الجيش اللبناني اوقف قناص مسجد «أبو اسماعيل» في عرسال، وتبين، بحسب الوكالة الوطنية انه يدعى م.ح، وكان يعمل على تغطية انسحاب المسلحين من البلدة، وهو مطلوب ب12 مذكرة توقيف، وإلقاء قنابل على فصيلة عرسال، وإصابة ضابطين أحدهما آمر الفصيلة المقدم بشارة نجيم. وذكرت الوكالة أن «مسلحين سرقوا خلال انسحابهم سيارة «بيك آب»، عائدة لعلي محمد علي الحجيري الملقب ب «الجمل». وتحدثت مصادر في البلدة عن تشكيل لجان مشتركة بين العراسلة والقيّمين على المخيمات «لتنظيم العلاقة بين الجانبين لتجنب تداعيات ما حصل على العلاقة بين المخيمات والبيئة التي تستضيفها». وادخلت اللجنة الدولية للصليب الاحمر مساعدات طبية الى المستشفيات العاملة في عرسال، لكنها اُعتبرت من قبل الطواقم الطبية «غير كافية»، كما أدخلت محروقات الى البلدة لتشغيل المولدات وبالتالي الآبار الارتوازية التي تروي أهل البلدة وساكنيها. اما على صعيد المفاوضات التي بقي لمتابعتها عضو «هيئة العلماء المسلمين» الشيخ حسام الغالي في عرسال لليوم الثاني على التوالي بهدف الافراج عن العسكريين الذين يحتجزهم المسلحون، فانها احيطت بالتكتم. وعاد الشيخ الغالي الى بيروت. وقال ل«الحياة» انه لم يتمكن من التوجه الى جرود عرسال لمتابعة التفاوض مع قيادات المسلحين بسبب قصف الطائرات السورية الكثيف للجرود»، لكنه طمأن الى ان العسكريين بخير. واشار الى انه والمفاوض إمام بلدة عرسال الشيخ سميح عز الدين كلفا احد المشايخ من النازحين السوريين في عرسال «يثق به المسلحون بالتوجه الى الجرود وتولي عملية التفاوض». وقال انه يتوقع بعد ظهر غد (اليوم) «خبراً طيباً عن العسكريين». واشار الى «ان المجموعة التي تدعي انها تنتمي الى «داعش» ما هي الا مجموعة غير منضبطة ولا علاقة لها ب«داعش» لا من قريب ولا من بعيد». وكان المسؤول الاعلامي في الهيئة الشيخ منير رقية قال ل«الحياة» ان «الهيئة كانت طلبت من الشيخ الغالي عدم الدخول في مغامرات، ونعلم انه غير مغامر وكنا دفعنا غالياً ثمن مغامرتنا بالاصابة البالغة التي تعرض لها الشيخ جلال الكلش واصابة الشيخ سالم الرافعي لدى دخولهما الى عرسال في اليوم الثاني للاشتباكات». وذكر مصدر امني متابع للمفاوضات ان العملية موضوعة على «نار باردة» لتبيان ما يريده المسلحون بالتحديد، ذلك انهم كانوا قالوا انهم سيسلمون العسكريين في المرحلة الاخيرة من انسحابهم ولم يفعلوا ذلك، كما انهم لم يأتوا خلال التفاوض على ذكر موقوفي (الاسلاميين) في سجن رومية ولا طلب أموال ولا إطلاق الموقوف عماد أحمد جمعة، خصوصاً ان الجانب الذي يفاوض حالياً هو «جبهة النصرة» بعدما كان تنظيم «داعش» اول من دخل في المفاوضات. دهم وتوقيفات وكان الجيش اللبناني دهم مخيماً للنازحين السوريين في طليا - شرق بعلبك، واوقف 7 سوريين لعدم حيازتهم اوراقاً ثبوتية، كما دهم عين الجوزة والقى القبض على سوريين للسبب نفسه. وذكرت الوكالة «الوطنية للاعلام» ان مخابرات الجيش في الكورة اوقفت خمسة سوريين، مشتبه فيهم ومخالفين في اقامتهم، من بلدات داربعشتار واجدعبرين وكفريا وبدنايل وكفتون واحالتهم الى التحقيق. وافيد مساء ان الجيش اوقف زيد الشهال ابن داعي الاسلام الشهال ومازن العلي في اسواق طرابلس. قافلة النازحين وكانت قافلة النازحين السوريين من عرسال (تضم نحو 1800 نازح من بلدة قارة السورية وكانوا لجأوا الى عرسال وفروا منها خلال الهدنة الانسانية وتجمعوا في رأس بعلبك قبل نقلهم في قافلة) قضت ليلتها في العراء على الأوتوستراد العربي في خراج بلدة عنجر (الحدودية مع سورية) بعدما رفضت السلطات السوريّة استقبال من ليس مزوداً باوراق ثبوتية. وتحول انتظار الناس تحت اشعة الشمس الحارقة ونوم الاطفال في العراء وعدم تزويدهم بالماء او الطعام مأساة. ولم يتجاوز عدد الذين غادروا حرم الحدود اللبنانية اكثر من 700 نازح. وكانت مديرية الامن العام قدمت تسهيلات لخروج النازحين بعدما شطبت من قائمة المستندات الرسمية المطلوبة بطاقات الدخول الشرعية واكتفت بمطلب ابراز هوياتهم او دفتر العائلة للتأكد من هوياتهم، وهذا ما بوشر العمل به قرابة العاشرة قبل ظهر امس وبدأت الاجراءات الادارية المتبعة بسلوك طريقها القانوني وفق هذه الآلية وفي الواحدة بعد الظهر خرجت اول حافلة من ساحة الامن العام وتوالى عبور الحافلات التي بلغ عددها سبعة وانتظروا بعضهم بعد هنغار الجمارك اللبنانية بهدف الانطلاق في موكب واحد باتجاه الحدود السورية، في حين كان ينتظر باقي النازحين المحتجزين على الاوتوستراد العربي، دورهم في العبور باتجاه نقطة المصنع التي كانت تنتظر بدورها ما ستؤول اليه اجراءات السلطات السورية. الا ان السلطات السورية ردت كل الذين وصلوا الى حدودها وعادوا الى الاراضي اللبنانية. وكان سجل حضور كثيف لموظفي مفوضية الاممالمتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات شريكة الى مكان القافلة واستفسروا منهم عن اسباب عودتهم، وزودوهم بأدوية ومأكولات ومياه.