ثمة داء واسع الانتشار يتعرض له بعض من يدعي الاهتمام بالشأن الثقافي اليوم، وذلك الداء يتمثل في الرغبة الجامحة في الطفوّ على السطح، وتعجّل الظهور أمام الناس بغضّ النظر عن مدى امتلاكه للأدوات المعرفيّة، وبلورته للمنهج الفكري والعلمي الذي سيسير عليه في صياغة خطابه، هذا التعجّل يتم في أحيان كثيرة بسبب ضعف شعور المثقف بمسؤولية التصدي لمهمات التثقيف والقيادة الفكرية للناس هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن هذا التعجّل يتمّ بسبب الإغراءات الكثيرة التي تُقدم له حتى لو كان على حساب دينه أو وطنه. في الفترة الأخيرة بُليَ المجتمع بظهور بعض من يدعي الثقافة أراد البروز على حساب مقدساتنا، وأغاظ قلوبنا لأنه أساء لربنا ونبينا صلى الله عليه وسلم، أحدهم يسب الرسول وقد ابتلينا بمقالاته وقتاً، والآخر يتعدى على الله جل جلاله، وعلى صحة فرض نفي حساب أحدهم، وتبرئه من الكلام غير المسؤول الذي نُسب إليه، فهل يليق بمثقف أن يُغرد باسمه ما يربو عن ثلاثة آلاف تغريدة ولا يتبرأ من حسابه؟ ولمَ يراسله أصحابه على الحساب المخترق فيرد عليهم من دون أن يصدر منه بيان واحد لتحذير الأصدقاء من هذا المنتحل المبطل الذي انتحل الاسم وغرد في عالم التويتر؟ في العالم الافتراضي يسهل التثبت من كون الحساب للمتهم الذي تواطأت الأدلة على تهمته من خلال (الآي بي) الذي يعرفه من يهتم بالتقنيات الإلكترونية، ثم لمَ يُضلل المثقف على جمهوره ويجعله يتابع منتحلاً لشخصه، بل ويتولى هذا المنتحل مهمة الرد والتغريد في سبات عميق من المثقف! والعجيب أن المثقف لم يقلقه المنتحل الذي أساء إلى اسمه من خلال تغريدة شنيعة، بل سيعاقب ويقاضي من وقع في عرضه لأجل هذه التغريدة، فأيهما أولى بالتعقب والمحاسبة؟ والمراجع لمقالات بعض أدعياء الثقافة لدينا يراها تعج بالنيل من ديننا ومجتمعنا بحجة الإصلاح والتنمية التي لا توجد إلا في رأس صاحبها، لأن المجتمع اليوم يدرك مشاريع التنمية الحقيقية والمشاريع التي لا تخدم إلا شهوات أصحابها، وما بين مشروع الاختلاط والزج بالمرأة في ما تصلح له وما لا تصلح له يتبين لك ذلك. مشكلة من يدعي الثقافة اليوم تحول المهمة الفكرية الإصلاحية التي نتمناها منه من رسالة تملأ العقل والروح وتشغل البال، إلى طريق يبحث فيه عن الشهرة وكسب المال, وما حصل من سب لله تعالى يحتاج إلى محاكمة عادلة تحال إلى القضاء إما أن تُثبت براءة من نسبت إليه، فيكون من واجب الجميع الاعتذار، وتتبع من انتحل الشخصية لمعاقبته، أو تثبت التهمة فيكون الجزاء الذي يستحقه من تطاول على الله ورسوله، وإلا فسيكثر المتطاولون على الله ورسوله ثم سينفي المتطاول علاقته بالحساب، وحينها سنعيش فوضى فكرية نكتوي بها جميعاً. * داعية، وأكاديمية سعودية. [email protected]