لم يتوان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود منذ توليه مقاليد الحكم في نصرة المساكين والفقراء واليتامى، وإنصاف النساء في حقوقهن المسلوبة، مصدراً العديد من التوصيات للمسؤولين في الوزارات والجهات الحكومية للإعطاء كل ذي حقه، ولم تخل مسيرة الملك عبدالله حفظه الله طوال السنوات السبع الماضية من نصرة الفقراء في الدول العربية والإسلامية، مثل الصومال وباكستان والعديد من الدول. ولد خادم الحرمين الشريفين في مدينة الرياض عام 1349ه الموافق 1931، وكان للانضباط الديني والنفسي والأخلاقي دور في إنشاء شخصية لها حضور وتأثير وتفاعل بالنسبة له، والده هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود موحد ومؤسس الدولة السعودية الثالثة، وأخذ طابع والده في مجالات الحكم والسياسة والإدارة والقيادة، كما لازم كبار العلماء والمفكرين، الذين نموا قدراته بالتوجيه والتعليم منذ أيام صغره، وعاش الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كنف والده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. وقد تولى الملك عبدالله بن عبدالعزيز العديد من المسؤوليات، التي عمل فيها بكل جد وإخلاص، فعمل على تنمية العمل بها، إذ تولى في عام 1962 رئاسة الحرس الوطني الذي كان يضم في مطلع تكوينه آنذاك، أبناء الرجال الذين عملوا وأسهموا مع الملك عبدالعزيز في توحيد وبناء المملكة، وتولى مسؤوليته وعمل بنجاح على تطوير هذه الرئاسة، حتى تم تعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني عام 1975، حتى بويع ولياً للعهد في 13 يونيو (حزيران) 1982 من أفراد الأسرة المالكة والعلماء ووجهاء البلاد وعامة الشعب السعودي، وفي اليوم ذاته صدر أمر ملكي بتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ورئيساً للحرس الوطني، إضافة إلى ولاية العهد، ولم يتخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن العلم والثقافة في المملكة، واهباً إياهما اهتماماً واضحاً، مؤسساً مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الرياض، كما أسس شقيقتها الأخرى في الدارالبيضاء في المملكة المغربية الشقيقة، كما كان مؤسس المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي يقام سنوياً في الجنادرية ويستقطب العلماء والأدباء والشعراء والمفكرين من العالم. وشهدت المملكة العربية السعودية نقلة نوعية في كل مجالاتها، وحظيت بالعديد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد مساحتها الشاسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة منذ مبايعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 26/6/1426ه، وتميزت تلك الإنجازات بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته، ما يضعها في رقم جديد في خريطة دول العالم المتقدمة، إذ تجاوزت في مجال التنمية الأسقف المعتمدة لإنجاز العديد من الأهداف التنموية التي حددها إعلان الألفية للأمم المتحدة عام 2000، كما أنها على طريق تحقيق عدد آخر منها قبل المواعيد المقترحة. وتحققت لشعب المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، العديد من الإنجازات المهمة منها تضاعف أعداد جامعات المملكة من ثماني جامعات إلى أكثر من عشرين، وافتتاح الكليات والمعاهد التقنية والصحية وكليات تعليم البنات، وإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والعديد من المدن الاقتصادية، منها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل ومدينة جازان الاقتصادية ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة، إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض. ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التعليم، وبدأ منذ توليه خطوات متسارعة إلى الأمام، إذ وجه نسبة كبيرة من عائدات المملكة لتطوير الخدمات ومنها تطوير القطاع التعليمي، وتعيش المملكة حالياً نهضة تعليمية شاملة، توجت ب21 جامعة حكومية وأربع أهلية تضم 19 كلية جامعية أهلية موزعة على كل مناطق المملكة لتغطى حاجات الشعب، بلغ عدد طلبتها 701.681 وعدد أعضاء هيئة التدريس 30.246 وذلك في عامي 1428/ 1429ه، إضافة إلى 32 ألف مدرسة للبنين والبنات، مسجلة ارتفاعاً في عدد طلبتها إلى أكثر من 5 ملايين طالب وطالبة ويقوم على تعليمهم أكثر من 426 ألف معلم ومعلمة. وأقر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها في 24 محرم 1428ه مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام الذي يعد نقلة نوعية في مسيرة التعليم في المملكة العربية السعودية، فهو مشروع نوعي يصب في خدمة التعليم وتطوره في المملكة لبناء إنسان متكامل من جميع النواحي الاجتماعية والنفسية لبناء، ويتضمن المشروع الذي سيتم تنفيذه على مدى ست سنوات بكلفة قدرها تسعة بلايين ريال برامج لتطوير المناهج التعليمية وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات وتحسين البيئة التربوية وبرنامج للنشاط اللاصفي، وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على استكمال مختلف المشاريع التي تسهل وتيسر على حجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم والقضاء على مشكلات الازدحام حول جسر الجمرات وفي الساحات المحيطة بها، إضافة إلى ما تضمنته المشاريع من استكمال امتداد الإنفاق والتقاطعات والجسور التي ستؤدي بمشيئة الله إلى تسهيل حركة المرور من وإلى مشعر منى، وفي هذا السياق صدرت في السادس والعشرين من شهر ذي الحجة عام 1428 ه موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على تنفيذ مشروع لتوسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام، وستكون مجمل المساحة المضافة إلى ساحات المسجد الحرام بعد تنفيذ مشروع التوسعة 300 ألف متر مسطح تقريباً، ما يضاعف الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام ويتناسب مع زيادة أعداد المعتمرين والحجاج، ويساعدهم في أداء نسكهم بكل يسر وسهولة. واتسم عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بسمات حضارية رائدة جسدت ما اتصف به من صفات مميزة أبرزها تفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه وأمته الإسلامية والمجتمع الإنساني بأجمعه في كل شأن وفى كل بقعة داخل الوطن وخارجه، إضافة إلى حرصه الدائم على سن الأنظمة وبناء دولة المؤسسات والمعلوماتية في شتى المجالات مع التوسع في التطبيقات، ومن هذا المنطلق تم إكمال منظومة تداول الحكم بإصدار نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية وتكوين هيئة البيعة، وجرى تحديث نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وتخصيص سبعة بلايين ريال لتطوير السلك القضائي والرقي به، كما تم إنشاء عدد من الهيئات والإدارات الحكومية والجمعيات الأهلية التي تعنى بشؤون المواطنين ومصالحهم ومنها الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد والهيئة العامة للإسكان، كما تم إنشاء وحدة رئيسية في وزارة التجارة والصناعة بمستوى وكالة تعنى بشؤون المستهلك. وبدأت المجالس البلدية تمارس مسؤولياتها المحلية، وزاد عدد مؤسسات المجتمع المدني، وبدأت تسهم في مداخلات القرارات ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، وتم تشكيل هيئة حقوق الإنسان وإصدار تنظيم لها، وتعيين أعضاء مجلسها، كما تم إنشاء جمعية أهلية تسمى جمعية حماية المستهلك وهيئة الغذاء والدواء، وقام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بدوره في نشر ثقافة الحوار في المجتمع، وأسهم في تشكيل مفاهيم مشتركة بشأن النظرة إلى التحديات التي تواجه المجتمع وكيفية التعامل معها. وفي مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات ونبذ الصدام بينهما وتقريب وجهات النظر، دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في أكثر من مناسبة إلى تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة وإلى ضرورة تعميق المعرفة بالآخر وتاريخه وقيمه، وتأسيس علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والاعتراف بالتنوع الثقافي والحضاري واستثمار المشترك الإنساني لمصلحة الشعوب. وتتويجاً للجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتعزيز التواصل والحوار بين الحضارات والثقافات والتوافق في المفاهيم، تم إطلاق جائزة عالمية للترجمة باسم جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة، إيماناً بأن النهضة العلمية والفكرية والحضارية إنما تقوم على حركة الترجمة المتبادلة بين اللغات، كونها ناقلاً أميناً لعلوم وخبرات وتجارب الأمم والشعوب والارتقاء بالوعي الثقافي وترسيخ الروابط العلمية بين المجتمعات الإنسانية. وللتأصيل الشرعي لمفهوم الحوار الإسلامي مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة في العالم، رعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في الثلاثين من شهر جمادى الأولى 1429ه حفلة افتتاح المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي بقصر الصفا في مكةالمكرمة. وأوصى المشاركون في المؤتمر بإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي للتواصل بين الحضارات، بهدف إشاعة ثقافة الحوار وتدريب وتنمية مهاراته وفق أسس علمية دقيقة، وإنشاء جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للحوار الحضاري، ومنحها للشخصيات والهيئات العالمية التي تسهم في تطوير الحوار وتحقيق أهدافه. دعا قادة الخليج إلى الانتقال من حال «الاتحاد» إلى حال «التعاون»