روما، عمان - «الحياة»، رويترز - قال رئيس «المجلس الوطني السوري» برهان غليون الذي أعيد انتخابه زعيماً للمجلس، إنه «مصمم على التخلص» من السلبيات التي استمرت على مدى عام في ما يتعلق بأداء المجلس، ويريد حشد تأييد المعارضين في الخارج وحلفائهم وراء «استراتيجية جديدة تنطوي على تسليح المعارضين» داخل سورية. يأتي ذلك فيما رحب ناشطون سوريون في الداخل بإجراءات يعتزم المجلس الوطني المضي فيها قدماً وعلى رأسها إعادة جانب رئيسي من الكوادر والأنشطة إلى الداخل السوري. وقال غليون لرويترز قبيل إعادة انتخابه على رأس المجلس الوطني: «صحيح أن أداءنا كان ضعيفاً، ونعترف بهذا... لهذا نعيد الهيكلة الآن ونتعشم أن يتحسن أداؤنا». وأوضح: «نحاول اكثر فأكثر أن نتولى زمام السيطرة السياسية او الإشراف على مقاتلي المعارضة وإعادة تنظيمهم، حتى نستطيع وضع استراتيجية سياسية جديدة». وتابع قائلاً إنه سيتم جمع المزيد من الجماعات الموجودة داخل سورية التي تتشارك في هدف الإطاحة بالرئيس بشار الأسد تحت مظلة المجلس الوطني هذا الأسبوع. وتخلى غليون عن إحجامه عن تأييد «عسكرة الحركة الاحتجاجية»، وقال موضحاً إنه يؤيد الآن تسليح مقاتلي «الجيش السوري الحر»، مشيراً الى أنه «ضاق ذرعاً» ببعض داعمي المجلس في الخارج. وتابع: «نحن لا نتعامل في الأسلحة لكننا سنبرم بعض الاتفاقات، وقد وعدتنا بعض الدول بأن تمد الجيش السوري الحر بالأسلحة». وقال عضو كبير في المجلس الوطني السوري لرويترز إنه في الأيام القادمة سيرسل المجلس شحنة أسلحة الى سورية عن طريق تركيا. وفي حين تتوخى الحكومات الغربية الحذر بشأن تسليح المعارضين السوريين، فإن تركيا ودول اخرى يؤيدون تسليح مقاتلي المعارضة، إلا ان هذا التأييد لم ينعكس على الارض، اذ تصل اسلحة قليلة إلى المعارضين حتى الآن. وفي حين أن إعادة التفكير في استراتيجية المجلس ونقل اعماله وكوادره للداخل قد تسعد الجماعات الثورية داخل سورية، فإن المجلس مازال يحتاج الى بذل الكثير من الجهد لنيل الثقة وسط ناشطين في الداخل يواجهون الاعتقال والتعذيب والقتل داخل البلاد. وقال ناشط من إدلب اكتفى بذكر المقطع الأول من اسمه، وهو عمار، خشية العمليات الانتقامية: «غليون وأتباعه بالمجلس الوطني السوري يسافرون في طائرات ويقلقون بشأن الفندق الذي يريدون الاجتماع فيه... نحن علينا أن نقلق بشأن المكان الذي لن نتعرض فيه لإطلاق الرصاص وأين يمكننا العثور على طعام. المجلس الوطني السوري ومَن على شاكلته لا علاقة لهم بثورتنا». وحتى داخل المجلس الوطني، يسعى غليون جاهداً في ما يبدو، ليفرض نفسه كزعيم، خصوصاً وسط مطالبة البعض داخل المجلس الوطني ان يتولى رئاسة المجلس شخصية من الداخل السوري، وليس شخص يعيش في المنفى. ويميل غليون الى البقاء وحده شارداً خلال استراحات تناول القهوة في روما بينما تتبادل مجموعات من زملائه الحديث. وخلا المقابلة التي أجريت في جناحه بالفندق قبل التصويت على منصب الرئيس، بدا غير مرتاح امام كاميرا تلفزيونية، ولدى سؤاله عن الشكاوى من أن المجلس الوطني لا يتسم بالشفافية بشأن الأماكن التي جمع منها تمويله وكيف أنفقها، أجاب: «الحسابات موجودة ومتاحة لجميع أعضاء المجلس الوطني السوري... ولكن ليس لوسائل الإعلام». ومنذ أصبح رئيساً للمجلس الوطني لدى إنشائه في آب (اغسطس) الماضي برعاية دول غربية وعربية إضافة الى تركيا، تضررت صورة غليون بوصفه زعيماً علمانياً ليبرالياً قادراً على حشد التأييد في العواصمالغربية بسبب اتهامات من منافسين ليبراليين داخل المعارضة يقولون إنه مقرب من جماعة الإخوان المسلمين، أو إن الجماعة تستغله لإخفاء حجم نفوذها الحقيقي في المجلس الوطني. وتحدث منتقدون عن مناقشات حامية في روما بشأن رئاسة المجلس قبل إعادة انتخاب غليون، الذي فاز بثلثي الأصوات، خصوصاً من افراد قالوا انهم يفضلون شخصية اكاديمية لا شخصية سياسية محسوبة على تيار من التيارات. وأشار غليون الى أنه ضاق ذرعاً بداعمي المجلس الدوليين، الذين قال إن «سلبيتهم شجعت الأسد» على تحدي الهدنة التي أبرمت بوساطة الأممالمتحدة وشن حملات عنيفة على مقاتلي المعارضة. وقال غليون: «من الواضح أن حملات النظام التي يستعين فيها بالجيش وقوات الأمن سببها تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بمبادرات قوية. النظام يشعر أنه يستطيع كسب المعركة ويواصل القتل... اذا ظل نهج المجتمع الدولي ضد العنف ضعيفاً، فإن هناك تهديداً حقيقياً بأن يصل الى طريق مسدود». ويشعر المقربون من غليون على وجه الخصوص، بأن أهمية الولاياتالمتحدة والقوى الغربية كحلفاء اقل من أهمية دول إقليمية. وقال عضو في المجلس الوطني مقرب من غليون في روما: «لم يعد الأمر متعلقاً بالولاياتالمتحدة»، مشيراً الى أن حملة انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما لولاية ثانية تُشتت انتباه واشنطن. وأضاف: «هم مهتمون اكثر بالانتخابات، ولا يستطيعون تقديم المساعدة»، وذلك في إشارة إلى اعتماد المجلس الوطني بشكل متزايد على حلفاء اقليميين. لكن، وبرغم مساعي ازالة الغبار عن أداء المجلس وتعديل إستراتيجيته، لا تزال الاستقالات والخلافات الداخلية تعكس صورة سلبية عن المجلس. وفي أحدث ضربة للمجلس، استقال فواز تللو، العضو البارز في المجلس ليلة اول من امس، وذلك بعد عدة استقالات لشخصيات معروفة في المعارضة السورية. وجاءت استقالة تللو بعد ساعات من إعادة انتخاب غليون رئيساً لفترة جديدة تستمر ثلاثة أشهر. وقال تللو، وهو أحد الليبراليين القلائل في المجلس الوطني، إن الاستقالة سببها ان المجلس يتجنب الإصلاح الديموقراطي ويقاوم الجهود الدولية لإعادة تنظيم نفسه وتوحيد المعارضة ضد الرئيس السوري. وقال تللو في بيان: «لقد خرجتُ من سورية منذ ثلاثة اشهر محاولاً بذل الجهود الصادقة لدفع المجلس الوطني للقيام بدوره في خدمة الثورة، وذلك بحمل رؤاها وحاجاتها من جهة، ولجعله نموذجا ديموقراطيا من جهة اخرى». وأضاف: «لكن هذه الجهود التي بذلتها وبذلها غيري، اصطدمت دائماً بصخرة الطموحات السياسية الشخصية وحب الظهور لمن تصدروا المشهد داخل المجلس الوطني ممن أمسكوا مقاليد الامور». وكان تللو، وهو سجين سياسي من 2001 إلى 2006، واحداً من زعماء ربيع دمشق، وهي فترة وجيزة من مطالبات الجماهير بالحرية السياسية، والتي انهاها الأسد بعد عام من خلافته لوالده الراحل حافظ الاسد في عام 2000. وقال تللو إن قرار المجلس رفض دعوة جامعة الدول العربية عقد اجتماع للمعارضة الاوسع في القاهرة هذا الشهر، كان «عاملاً وراء استقالته». وقال المجلس الوطني أنه رفض دعوة الذهاب إلى القاهرة، لأن الدعوة كانت فقط لأعضاء بالمجلس بشكل فردي وليس للمجلس نفسه. وقال تللو (52 عاماً) «قام المجلس الوطني بإفشال أكثر المحاولات جدية لجمع المعارضة في محاولة لتوحيدها». وأضاف: «خسرت المعارضة أيضاً فرصة ذهبية لتقول رأيها الصريح في رفض الحوار مع القتلة داخل النظام، والإصرار على إسقاطه بكامل تعبيراته». وتركت شخصيات معارضة بارزة عديدة المجلس الوطني منذ بداية العام، قائلة أن قيادته منشغلة بخصومات شخصية ولا تقوم بما يكفي لدعم الانشقاق العسكري المتزايد. ومن بين هؤلاء هيثم المالح، وهو محام وقاض سابق ومعارض للنظام على مدى عقود، وكمال اللبواني، وهو طبيب قاد جهود داخل المجلس الوطني للحد من سيطرة الإسلاميين. وقال تللو إنه سيترك أيضاً «إعلان دمشق»، وهو جماعة من زعماء المعارضة المخضرمين يقودون من سنوات جهوداً للإصلاح الديموقراطي في سورية،. وأشار تللو إلى انه يريد ان يصبح معارضاً مستقلاًّ.