وقع بأنقرة، في 13 تموز (يوليو)، رؤساء حكومات تركيا والنمسا والمجر وبلغاريا ورومانيا اتفاقية تمر، بموجبها، أنابيب نقل الغاز الطبيعي من منطقة قزوين الى أوروبا. وتبلغ كلفة المشروع 7.9 بلايين أورو، ويبدأ بناؤه في 2010 - 2011، ويكتمل في 2014. ورأس الخط بأذربيجان، ويمر بجورجيا وتركيا وبلغاريا والمجر ورومانيا والنمسا. ويضخ 31 بليون متر مكعب سنوياً. ويسعى الاتحاد الأوروبي في مد خط يربط تركيا باليونان وإيطاليا. والمشروعان من أولويات الاتحاد الأوروبي الذي يمول 30 في المئة من كلفة الإنشاء. ويرمي خط نابوكو الى تنويع مصادر الطاقة الى أوروبا، وتقليص تبعيتها لروسيا وتركيا هي الرابح الأول من المشروع، والحلقة الأساسية لنقل الغاز من بحر قزوين الى أوروبا. وثلثا خط الأنابيب، ويبلغ 3300 كلم، يمر بالأراضي التركية. وربطت تركيا مساهمتها في المشروع بفتح باب المفاوضات على انضمامها الى الاتحاد الأوروبي. ورفضت الولاياتالمتحدة إشراك إيران في توفير الغاز لأنابيب «نابوكو» قبل أن ترجع عن برنامجها النووي. ومن المحتمل أن يلجأ الاتحاد الأوروبي أيضاً الى استيراد الغاز من العراق ومصر عبر تركيا. وفي الإمكان ربط أنابيب العراق بجنوب تركيا. ولم تنجح موسكو في عرقلة خط «نابوكو»، منافس «الخط الجنوبي» الروسي. وشكك ديمتري ميدفيديف في حصول «نابوكو» على مصادر غاز كافية. وروسيا تشتري الغاز من تركمانستان بواسطة شركة «غاز بروم» الروسية. وتتولى هذه تصديره الى أوروبا. والغاز المستخرج من أذربيجان الغنية به لا يفي بحاجات «نابوكو»، إلا إذا نجحت أذربيجان في زيادة غازها المستخرج الى 50 بليون متر مكعب سنوياً، بحسب تخطيطها. ويرمي «نابوكو» الى الحد من احتكار روسيا تصدير الطاقة من وسط آسيا الى أوروبا. وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي فقد الأمل في حل وسط مع روسيا على مسألة أمن الطاقة ودوام التغذية بها. ومن دواعي الاتحاد الأوروبي الى بناء خط «نابوكو» الخوف من لجوء روسيا الى حبس الغاز عنها، على ما فعلت روسيا مع أوكرانيا، في مطلع كانون الثاني (يناير) 2009. فقطع الخلاف إمداد أوروبا بالغاز الروسي، وألحق أضراراً بالغة ببلدان أوروبا. وأما مشروع «الخط الجنوبي» في عمق البحر الأسود، بين نوفو روسيسك الروسية، فيبلغ ميناء فارنا البلغاري، ويعبر البلقان الى إيطاليا والنمسا. وهو قادر على نقل 63 بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وتبلغ كلفته 25 بليون أورو. ويفترض أن يدخل الخط العمل في 2013. ويشكو المشروع التباس مواقف دول البلقان. فصربيا تريد الإسهام في مشروع «نابوكو». وهو يلائم الانضمام الى الاتحاد الأوروبي. ولكنها، في الوقت نفسه، لا تعارض مشروع «الخط الجنوبي». والحكومة البلغارية الجديدة تنوي إعادة النظر في الاتفاقات المعقودة بينها وبين روسيا في مجال الغاز، سعياً في ملاءمتها مع مصالحها الوطنية. ونخب دول البلقان عموماً تميل الى التكامل مع الاتحاد الأوروبي، ولو على حساب علاقاتها الاقتصادية بروسيا. واقترحت روسيا على تركيا الاشتراك في «الخط الجنوبي»، ولم تشترط عليها التخلي عن «نابوكو». ولم تجب تركيا الى اليوم عن المقترح. واستباقاً لاحتمال نجاح مشروع «نابوكو» وفشل مشروع «الخط الجنوبي»، قررت روسيا الإسراع في إنجاز «الخط الشمالي». ويمر هذا الخط في عمق بحر البلطيق، ويصل روسيا بألمانيا. وهو يمتد 1200 كلم، وقادر على نقل 55 بليون متر مكعب سنوياً طوال 30 سنة. وتبلغ كلفة بنائه 7.4 بلايين أورو، وسعر مرور الغاز فيه أدنى من أسعار المرور في الخطوط الأخرى. وأعمال الإنشاء تبدأ في 2010. والمشروع هذا دونه معوقات كثيرة. فالدول الأوروبية منقسمة في صدده. ومن أشد أنصاره المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. واعترضت بولندا وأستونيا ولاتفيا على المشروع. وتعللت بالضرر الذي قد يلحقه ببيئتها. ففي قاع بحر البلطيق قنابل منذ الحرب العالمية الثانية قد تنفجر وينجم عنها كوارث بيئية. والسويد والدنمارك تماطلان في الإجابة. والى بولندا فإن السويد، ضمناً، من أشد المعارضين للمشروع خشية أن تستخدم روسيا الكابل على طول خط الأنابيب للتجسس. ويخاف البلدان عودة الغواصات الروسية الى حوض البلطيق. وتعثر اتفاق مشترك يتناول البيئة، يعين المسؤوليات عن الأضرار التي قد تنتج عنه، قد يؤدي به الى الفشل. * صحافي، عن «نيزفيسيميا» الروسية 17/7/2009، إعداد علي ماجد