تحدت 10 سعوديات، الطقس البارد، الذي تقل فيه الحرارة عن درجة التجمد، خلال رحلتهن لصعود قمة «إفرست»، أعلى قمة على سطح الكرة الأرضية. ودخلت الفتيات اللائي جئن من بيئة «صحراوية» تُعد فيها ال50 درجة صيفاً «ضمن المستوى الطبيعي»، في مغامرة «مليئة بالتحدي» مع أجواء لم يألفنها من قبل في جبال الهملايا، مثل مرتفعات الجليد، والأنهار الجبلية، وذلك من أجل دعم بنات جنسهن من المصابات بسرطان الثدي، وحماية من لم تصب بهذا المرض، الذي يسجل انتشاراً واسعاً بين السعوديات. ويسعى الفريق، الذي يضم سيدات لهن صلة قرابة في إحدى ضحايا مرض سرطان الثدي، إلى «توعية المرأة السعودية حول طرق الوقاية من المرض، من خلال تبنّي نمط حياة صحي، والمحافظة على النشاط البدني»، في إطار حملة تحمل اسم «رحلة نساء جبل إفرست»، التي أطلقتها الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، بالتعاون مع جمعية «زهرة لسرطان الثدي»، برعاية وزارتي التربية والتعليم، والصحة. وتشارك الأميرة ريما، مع الفتيات العشر في الرحلة. وإذا كانت الأجواء «عليلة» في بداية الرحلة، صعوداً إلى قمة جبل إفرست، التي ترتفع 8848 متراً فوق سطح البحر، فإن الأيام التالية شهدت تدنياً «حاداً» لدرجة الحرارة، حتى هبطت إلى ما دون الصفر، ما جعل السيدات، اللائي تتراوح أعمارهن بين 25 إلى 50 سنة، يشعرن ب «تجمد» أطرافهن، ويعمدن إلى الجلوس متقاربات، كي يوفرن لبعضهن «الدفء». ووصفت الأميرة ريما بنت بندر، في حديث إلى «الحياة»، أجواء الرحلة التي بدأت من مدينة لوكلا في النيبال، التي ترتفع 4500 متر فوق سطح البحر، ب «الأكثر من رائعة»، مضيفة أن «أعضاء الفريق يتشاطرن روحاً حماسية، من أجل السعي لخدمة المجتمع، وخصوصاً النساء منه، وتوعيتهن، ودعم المصابات بسرطان الثدي». وتمنت أن تصل أصداء هذا العمل إلى «الجميع»، مضيفة أن «الاجتهاد في عملٍ إنساني كهذا؛ يهدف إلى زيادة الوعي الصحي لدى نساء العالم العربي، حتى يمكنهن تفادي الإصابة بسرطان الثدي، وهذا هو المطلوب». وقالت: «إن جزءاً من نشاطي التوعوي يتمثل في كوني عضوة في جمعية «زهراء لمكافحة مرض سرطان الثدي»، التي أسهمت في هذا العمل. وتقوم بدورها التوعوي في هذا الجانب، بطريقة فعالة ونشطة مستمرة»، مبينة أنهن يبحثن عن «الوسائل الاجتماعية المنوعة، من أجل نشر التوعية من خلال الدخول إلى المدارس، وتوعية الطالبات، بالتعاون مع وزارتي الصحة والتربية والتعليم». واستغرق الإعداد للرحلة، نحو خمسة أشهر، وخضعت المشاركات ال10، اللائي تم اختيارهن من أصل 40 متقدمة للرحلة، لجلسات تدريب ولياقة بدنية «مُكثفة»، ونظام صحي يُهيئهن لتسلق القمة، وللتأكد من جاهزيتهن للرحلة، التي تتطلب مجهوداً ذهنياً وبدنياً عالياً من جانب المُتسلقات المشاركات، ومهارات تنسيق العمل الجماعي بين الفريق، طول مدة الرحلة المقرر لها 14 يوماً. وقالت الأميرة ريما: «نمشي عن أقاربنا وأصدقائنا، كنوع من الدعم المعنوي لهم، ونوع من التحدي بالنسبة لنا». وتمنت تواصل أفراد المجتمع معهن عبر شبكات التواصل الاجتماعية، مثل «تويتر» و«فيسبوك». فيما من المقرر أن يتم توثيق الرحلة في فيلم قصير، سيعرض في الفعالية الختامية للحملة، مطلع شهر حزيران (يونيو) المقبل. وعزت عضو الفريق لينا المعينا، سبب مشاركتها في الحملة إلى كونها ترأس القسم النسائي في أحد الأندية الرياضية، «ولكوني قائدة فريق كرة سلة نسائي، ما يمنحني القدرة على الربط بين أهمية الجانب الرياضي والحملة التي نقوم بها، في خلق جانب توعوي مهم للمجتمع، من خلال تبنّي نمط حياة صحي، والمحافظة على النشاط البدني». وأضافت لينا، «نشجع على الكشف المُبكر عن سرطان الثدي، قبل سن ال40، ونشجع المرأة على ممارسة الرياضة»، مبينة أن أحد أهم دوافع تشكيل الفريق «انتشار المرض في المملكة بنسبة كبيرة»، لافتة إلى دور العلاج النفسي في الشفاء إلى جانب الطبي. وأظهرت دراسات أن النساء اللائي يتمتعن بحياة أكثر نشاطاً وصحة، هن أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي. فيما لفتت زميلتها أسماء الشريف، إلى أن مجهودهن يتجه نحو «تشجيع النساء على العيش بصحة، وتفادي الكسل، وشد عزيمتهن، ما يشكل نوعاً من التحدي لنا ولهن». وانتقدت عضو الفريق عليا إبراهيم آل سعد، «غياب ثقافة التوعوية بسرطان الثدي في السعودية». وقالت: «لم ألمس جهودًا ملموسة في هذا الجانب، وأتمنى أن تتضاعف الجهود التوعوية». وذكرت زميلتها نورا بوضو، أنها وجدت «تأثير الرياضة إيجابياً، حين أصيبت قريبتي بمرض سرطان الثدي، وشفيت منه، مبينة أن الأمر بحاجة إلى «قوة إيمان وتحد». يذكر أن سرطان الثدي، يُعد - بحسب إحصاءات مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض - الأكثر شيوعاً بين السعوديات، إذ تسجل نحو ثمانية آلاف إصابة سنوياً، 50 إلى 60 في المئة منها، يتم اكتشافها في مراحل متأخرة من المرض، ما يصعب إمكان علاج هذه الحالات. ويُعد التقدم في السن أحد العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بسرطان الثدي بين السيدات.