أكد الناقد والإعلامي يحيى زريقان أن النص الشعري السعودي باللغة العربية الفصيحة كان يقف خلف تألق الأغنية السعودية الذي حصدته عربياً من الخليج إلى المحيط، في مرحلة بداياته، قبل أن يختلط اليوم كل شيء في موجة تصيب بالغثيان، مشيراً إلى وجود لجان متخصصة في إجازة النصوص قبل غنائها. وقال في محاضرة عن أثر النص الشعري السعودي في الأغنية السعودية، قدمها في النادي الأدبي في الرياض: «اليوم لا نملك سوى خمسة ألوان من بين أكثر من 140 لوناً غنائياً كانت تزخر بها مناطق المملكة، وهذا يعتبر أمراً خطيراً ما لم تنتبه له وزارة الثقافة»، لافتاً إلى أن المَخرج من هذه الحال الغنائية هو تطبيق الاستراتيجية الوطنية للثقافة والفنون، وتحويل المنتجات الفنية والثقافية إلى هم يومي وحياتي. وأشار زريقان إلى بعض النماذج الشعرية السعودية التي حققت تألقاً مثل أغنية «وطني الحبيب»، ووصل صداها عربياً بمزجها للكلمة بالوطن، وأغنية ««أهيم بروحي على الرابية»، التي صوّرت تعلق الشاعر بعقيدته، مسخرة المخزون اللغوي ليوازي المعطيات التقنية الحديثة من تنفيذ وموسيقى وتوزيع، «كنا نحاكي التجارب العربية، إلا أننا نجحنا في اللحاق بهم مستثمرين معطياتنا اللفظية وإصرارنا على تقديم ما يعكس حياتنا الاجتماعية من دون أن ننسى الإرث الذي نملكه». وأضاف أن الشعراء السعوديين عملوا بعد ذلك على محاكاة الشعراء البارزين في التاريخ العربي، فظهرت أغانٍ جميلة وشهيرة، منها الرائعة الغنائية «سويعات الأصيل»، التي غناها طلال مداح وكتب كلماتها الشاعر محمد الإدريسي. وتابع: «مع ازدهار الحياة الفنية في ظل وجود مؤلفين جيدين ومؤدين بارعين، بدأ السباق على النصوص يشتد بين أنصار لغة الضاد ومحبي الشعر الشعبي، ما تسبب في ولادة اتجاه جديد في كتابة وتأليف النص الشعري وهو ما يسمى النص الغنائي». وأشار إلى أن الشعر فن قائم بذاته، والقصيدة فيه تكتب بمواصفات فنية متعارف عليها، فهي بذاتها إما أن تكون مكتوبة لتقرأ، أو تلقى، أما إذا أريد أن تغنى فيضاف جرساً موسيقياً، «وبهذا يكون النص الغنائي جاء ليكون مخرجاً للأزمة بين الفصيح والشعبي، ومن أشهر الشعراء الذين برعوا في الاثنين إبراهيم خفاجي، قبل أن يحذّر من تفشي ظاهرة الشاعر المنتج، الذي يجعل من الفنان مطية لترويج نفسه، فيبحث الشاعر المنتج عن الفنان لغناء قصائده، قبل أن يحمل الفنان مسؤولية غياب القصيدة الغنائية».