رضا المستفيدين بالشرقية استمرار قياس أثر تجويد خدمات "المنافذ الحدودية"    سلمان بن سلطان يدشن "بوابة المدينة" ويستقبل قنصل الهند    دفعة قوية للمشاريع التنموية: نائب أمير الشرقية يفتتح مبنى بلدية القطيف    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير القادم    افتتاح إسعاف «مربة» في تهامة عسير    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    الطفلة اعتزاز حفظها الله    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملكٌ خَلّدَ اسم مواطن
نشر في الحياة يوم 21 - 07 - 2009

في عصر يوم من أيام شهر 6 الحارة من عام 2009، كان الصبيان، عواد بن حمود بن نايل بن طوعان السويدي وجاره عبدالله بن فالح بن نايف العمود، يلعبان كرة القدم، في ملعب في الحي نفسه الذي تسكنه أسرتاهما في مدينة حائل.
ولسبب من الأسباب تشاجر المراهقان «عواد» و «عبدالله»، فطعن «عبدالله» جاره وندّه «عواد» بسكين، وسرعان ما لفظ «عواد» آخر أنفاسه عند وصوله وذويه الى قسم الطوارئ في المستشفى.
ولما عرف الوالد المكلوم «حمود بن طوعان» أن الجهات الأمنية اقتادت الجاني عبدالله وشقيقه الأكبر ووالدهما «فالح العمود» إلى مركز الشرطة لحجزهم رهن التحقيق، قال لأخيه الأكبر «عايد بن طوعان» أرجو يا أخي أن تسلم جثة ابننا لثلاجة الموتى في المستشفى، أما أنا فذاهب إلى الشرطة لكفالة جيراني وإطلاق سراحهم لأن مصيبتهم لا تقل عن مصيبتنا.
ولما وصل «حمود» إلى مركز الشرطة، طلب منهم إطلاق سراح جاره «فالح» الذي لا يفصل بين بيته وبين بيت الأسرة المكلومة إلا مبنى مرفق حكومي واحد، وإطلاق سراح ابنه الأكبر، أما الجاني «عبدالله» فيأمل الاحتفاظ به لديهم «حماية» له من صغار السن من آل طوعان - أهل القتيل.
فتعجب منسوبو الأمن من رجل لم يمر على وفاة ابنه المطعون أكثر من ساعتين، كيف يبادر إلى العفو والتسامح بهذه السرعة، فكان جوابه أن هؤلاء جيراني، وليس هناك خلاف من ذي قبل لا بين المراهقين ولا بين الراشدين من الأسرتين، أي ليس هناك لا دافع ولا «سابق ترصد وإصرار» كما يقول القانونيون، فهل سجن جيراني سيعيد إليّ ابني؟ أما المتاجرة برقاب المسلمين فليست من شيمنا.
تناقلت الصحف السعودية شيئاً عن هذه القصة التي تبدو شبه أسطورة نسجها الخيال مع أنها حقيقية، فوصل ملخص جوهر ما حصل فعلاً إلى ولي العهد، ألبسه الله ثوب الصحة، وأعاده سالماً، فكرم، حفظه الله، ابن طوعان وأثنى عليه.
وبعد صلاة يوم الجمعة (10-7-2009) استقبل خادم الحرمين الشريفين، آل طوعان وذويهم، فحضروا شاكرين مقدرين، فسألهم الملك عبدالله عما حدث، فقام شقيق حمود الأكبر عايد بن طوعان وأوجز للملك ما حدث بوضوح وعفوية، ثم أضاف، ما لم يعرف أحد من غير أقارب حمود بن طوعان وجيرانه، أنه في العام الماضي، كان لأخيه «حمود» ابن آخر ذهب إلى إحضار ملابس للأسرة من «مغسلة» مجاورة، وبينما كان يمشي على الرصيف عائداً بالملابس، قفزت سيارة شاب «مفحط» إلى الرصيف، وصدمت ابنه وتوفي في الحال. وصادف في ذلك اليوم أن أبناء عمٍ لآل طوعان لديهم عرس في أحد مباني «الأفراح»، فاتصل «حمود» بأخيه «عايد» وقال له ان ابني «عبدالرحمن» صدمته سيارة «مفحط» ومات، فأرجو كتمان الخبر السيئ عن أبناء عمومتنا حتى يتموا عرسهم وتكتمل فرحتهم. وبعد ثلاثة أيام وجد «حمود بن نايل» امرأة مع أهل بيته تبكي وتستنجد به، وأخبرته أنها أم الشاب الذي صدم ابنه «عبدالرحمن» قبل ثلاثة أيام. فقال لها الوالد الحزين، ما عليك، ابقي هنا في بيتي وسأذهب إلى الشرطة وسأكفل ابنك وأحضره إن شاء الله عن قريب. وذهب إلى الشرطة واستعان بسمو أمير المنطقة، وفك أسر ابن المرأة التي نصته ونخته.
فقال الملك ل»حمود» وذويه ما معناه، ان ما فعلتموه عمل رجولي وبطولي وأخلاقي «يرفعنا ويرفع الشعب السعودي كله»، وقد أحييتم سنة عربية متجذرة في دماء أبناء هذا الوطن.
ثم وقف «خلف بن جزاع» طالباً الإذن له بالحديث، فتحدث وما أجمل وأبلغ ما قال:
«استجابة لتوجيهاتكم الكريمة بوضع حد للمتاجرة بالأعناق نزف لكم بشارة من حائل والتي بادر بها مواطنكم حمود بن نايل بن طوعان السويدي الشمري عن قاتل ابنه وسطر بها أروع الأمثلة في حفظ حقوق الجار من دون أن يُطلب منه ذلك ولا غرابة في ذلك، فإنه من شعب ملك الإنسانية. فأنت أول عمل قمت به بعد توليكم مقاليد الحكم هو العفو والتسامح وأنت من ناشد العالم في المحافل المحلية والدولية إلى احترام حقوق الانسان كإنسان بصرف النظر عن دينه، ولونه، وجنسيته، وهذه دعوة إلى العفو والتسامح، وأنت من ناشد العالم في المحافل الدولية إلى نشر ثقافة حوار أتباع الأديان... وهذه دعوة إلى التسامح».
ثم وقف الشيخ «ممدوح بن طلال بن رمال» وألقى قصيدة بلهجة شيوخ شمر الجميلة، من أجمل ما قيل، أملتها مشاعر الملك وولي عهده وقربهما من شؤون وشجون مواطنيهم.
إن ما قاله «عايد بن طوعان» و «خلف بن جزاع» وما أنشده «الشيخ ممدوح بن طلال بن رمال» لا يحتاج إلى إضافة، ولا يحتاج إلى تجميل لأنه جاء عفوياً واضحاً صادقاً.
أيها الملك الإنسان، عبدالله بن عبدالعزيز، رائد الإصلاح والتسامح، إنك قد خلَّدتَ اسم «حمود بن نايل بن طوعان السويدي الشمري» في ذاكرة الشعب السعودي، حينما تعطفت ومنحت هذا المواطن الكريم الشجاع، «وشاح» الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، والذي لا يعطى عادة إلا لكبار رؤساء الدول، لمواطن سعودي عادي رفع رؤوس كل السعوديين. أما أنت يا سلطان بن عبدالعزيز «فجمعية خيرية متنقلة» كما قال الشيخ ممدوح بن رمال ما معناه شعراً.
والله من وراء القصد
* اكاديمي سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.