أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس خططاً لمشروعين اقتصاديين عهد بتنفيذهما إلى الجيش، أبرزهما حفر قناة جديدة بطول 72 كلم ضمن مشروع لتنمية الممر الملاحي لقناة السويس، إضافة إلى إنشاء نحو 3000 كلم من الطرق. وشدد على أن تمويل تلك المشاريع سيكون مصرياً. وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها السيسي جدولاً زمنياً لمشاريع اقتصادية. لكنه ألمح إلى إرجاء البدء في مشروع استصلاح مليون فدان الذي كان أعلن عنه، عازياً ذلك إلى محدودية الموارد. وخاض في الشأن السياسي، مكرراً اتهامه لأطراف لم يسمها ب «العمل على هدم المنطقة العربية». وتعهد الحؤول دون «محاولات هدم مصر». وأقر للمرة الأولى بتأثيرات في حصة مصر من مياه النيل، على خلفية إنشاء أثيوبيا «سد النهضة» حين كان يتحدث عن الحاجة إلى تطوير نظم الري. وقال: «تريدون الذهاب للتفاوض مع الأشقاء الأثيوبيين على فترة ملء الخزان وما إذا كانت ثلاث سنوات أم خمساً أم عشراً ونحن لم نعمل حسابنا لوجود احتياطي من المياه يكفينا لسد النقص المحتمل المقدر بعشرة بلايين متر مكعب مياه». وأشار إلى «ضرورة المضي في طريق تحديث نظم الري وإقامة محطات تنقية مياه الصرف». وفي تلميح إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، دعا معارضيه إلى «التعايش معنا لكن من دون الإضرار بمصالح البلاد». وكان السيسي وقّع خلال احتفال أقيم في نادي هيئة قناة السويس في محافظة الإسماعيلية بحضور كبار مسؤولي الدولة وشخصيات عامة وثيقة أمر ببدء الحفر في مشروع تنمية قناة السويس. كما أعطى إشارة بدء الحفر في مشروع تنمية قناة السويس، وفجر ساتراً ترابياً إيذاناً بانطلاق المشروع. وبدأ السيسي كلمته بالدعوة إلى الوقوف دقيقه «حداداً على أرواح شهداء حفر القناة والحروب»، ووجه التحية إلى الرئيسين السابقين جمال عبدالناصر وأنور السادات. ودافع ضمناً عن موقف الجيش من المشروع بعد رفضه مشروعاً مماثلاً كان طرحه الرئيس المعزول محمد مرسي. وقال إن «القوات المسلحة كان لها موقف سابق في شأن تنمية محور قناة السويس ولم يتغير حتى الآن، إذ تمت الموافقة منذ أكثر من 10 سنوات على التنمية في منطقتي شرق التفريعة وغرب خليج السويس ولم يتغير حتى هذه اللحظة، ولا يمكن أن يقف الجيش ضد مصلحة مصر». وأضاف: «ليس لأن طرفاً ما في الحكم (نظام الإخوان) يكون لنا رأي وحين يأتي طرف آخر يتم تغير القرار... لا. هذا يعد أمراً خطيراً جداً». وأوضح أن «التخطيط لمشروع القناة الجديدة كان في البداية يتصور العمل على تنفيذ قناة موازية بالكامل، وأبلغت (رئيس هيئة قناة السويس) الفريق مهاب مميش عندما تحدث معي عن إحياء المشروع بأن وزارة الدفاع هي التي ستقرر ذلك، وتم تشكيل لجنة عسكرية لارتباط الأمر بالأمن القومي لدراسة المشروع، واستبعدت اللجنة عمل قناة موازية كان الهدف منها إيجاد منطقة عرضها من 7 إلى 10 كيلو بين القناتين على امتداد قناة السويس بالكامل... ولدواعي الأمن القومي واعتبارات الأمن في سيناء تم استبعاد هذا». ولفت إلى أن «الشركات الوطنية المصرية ستعمل تحت إشراف مباشر من القوات المسلحة، وتمت مراعاة الأمن القومي في شكل كامل في هذا المشروع. وبالنسبة إلى تمويل المشروع، فلدى المصريين حساسية من أن يكون تمويل المشروع من مصارف أجنبية ومستثمرين أجانب، فالتمويل من المصريين». وطالب بإصدار أسهم وسندات للمصريين للاكتتاب في المشروع. وقال: «نحن في حاجة إلى 500 مليون سهم لهذا المشروع، بما يعادل 100 جنيه للسهم في الداخل و100 دولار للسهم للمصريين في الخارج. يمكن أن نصدر سهماً بقيمة 10 جنيهات لطلبة الجامعات حتى يكون لكل شخص نصيب في المساهمة في هذا المشروع». ونبه إلى إن «مشروع حفر القناة الجديدة وملكية القناة للمصريين فقط، أما مشاريع التنمية فسيتم طرحها طبقاً لقانون الاستثمار». وكشف اعتزامه إنشاء 6 أنفاق تحت قناة السويس «بأيدي خبراء وعمال مصريين». وشدد على «ضرورة أن تكون هناك خطط طموحة وسريعة، ولا يجب بأي حال أن تتجاوز مدة تنفيذ مشروع القناة عاماً واحداً فقط». ولفت إلى أن حكومته تعمل على «الخروج من دائرة الفقر بالعمل والمثابرة والجهد والكفاح إلى تحقيق ما نريده لبلادنا»، مضيفا إنه «لم يعرض علينا أي شيء قبل ذلك وتم رفضه إلا إذا كان ضد مصلحة مصر». وكرر ضيقه من ضعف مساهمة رجال الأعمال في صندوق «تحيا مصر» الذي كان أعلن تأسيسه لدعم الاقتصاد. وخاطبهم قائلاً: «هاتدفعوا هاتدفعوا. انتم عارفين يعني إيه صندوق أنا باشرف عليه؟ يعني لو أخذت جنيها مني يبقى لك الكلام! اسألوا المقاولين اللي اشتغلوا معي خلال خدمتي في الجيش». وتعهد عدم المساس بموازنة المحافظات، قائلاً: «لن نأخذ مليماً من المشاريع القائمة لمصلحة المشاريع الجديدة». وهاجم أطرافاً لم يسمها قال إنها «تريد هدم المنطقة، وهذا مقلق». لكنه تعهد «عدم السماح لأحد بهدم مصر مهما كان جواً أو براً... لا أحد يمكنه أن يهزم الشعب. هناك أناس لهم وجهة نظر تانية، وهناك من يريد هدم المنطقة بكاملها، والبلاد التي تهدم لا تعود ثانية وستبقى مهدومة لسنوات طويلة». ولمح إلى جماعة «الإخوان»، قائلا: «أقبل بأن تكون هناك مجموعة غير متوافقة معنا، ولها فكرها، ويمكن أن تعيش بيننا من غير أن تؤذينا. لن نسمح لأي شخص بهدم مصر، وأقول للمصريين كونوا على قلب رجل واحد، ومن يبقى وحده ستثبت الأيام أنه (على) خطأ». وتجاهل السيسي الحديث عن استعدادات بلاده للاستحقاق التشريعي، وسط ترقب لإصداره قانون تقسيم الدوائر الانتخابية وعدم وضوح خريطة المنافسة. وكانت اللجنة المشرفة على الاستحقاق أعلنت تشكيل الأمانة العامة الدائمة للجنة العليا للانتخابات التي تضم 28 عضواً يمثلون الهيئات القضائية المختلفة والوزارات والجهات المعنية بعملية الانتخابات البرلمانية. وقال رئيس محكمة استئناف القاهرة رئيس اللجنة العليا القاضي أيمن عباس في بيان إن «تشكيل الأمانة العامة يضم 17 عضواً يمثلون رجال القضاء والنيابة العامة، وعضوين من مجلس الدولة، وثلاثة من هيئة النيابة الإدارية، وممثلاً عن هيئة قضايا الدولة، وممثلاً عن وزارة الداخلية، وآخر عن وزارة الاتصالات، وثلاثة ممثلين لوزارة التخطيط والمتابعة». وتضم الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات البرلمانية مساعد وزير العدل لشؤون التفتيش القضائي نصر الدين بدراوي والنائب العام المساعد مدير التفتيش القضائي في النيابة العامة علي محمد عمران ونائب رئيس محكمة النقض محمد إبراهيم السعدني. كما تضم نادي عبداللطيف ممثلاً عن مجلس الدولة، وحسام حبيب ممثلاً لهيئة النيابة الإدارية، وعبدالسلام محمود من هيئة قضايا الدولة، واللواء سيد ماهر ممثلا لوزارة الداخلية، وطارق حسني ممثلا لوزارة التخطيط، ورأفت عبدالعزيز هندي ممثلاً لوزارة الاتصالات. وفي ما يخص النقاشات بين القوى السياسية لتشكيل التحالفات الانتخابية، أعلن رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» المنخرط في «تحالف الوفد المصري» محمد أنور السادات، أن تحالفه «يكثف جهوده لتوحيد التيار المدني تحت مظلة واحدة، وأيضاً الأحزاب المحسوبة على قوى الثورة». ويضم التحالف أحزاب «الوفد» و «المصري الديموقراطي الاجتماعي» و «المحافظين» و «الإصلاح والتنمية» وشخصيات عامة، ويسعى إلى ضم حزب «الدستور». وأشار السادات إلى أن «الوفد المصري» مستمر في عمله وسيسعى جاهداً إلى ضم عدد أكبر من الأحزاب والشخصيات العامة لعمل قائمة موحدة لخوض الانتخابات البرلمانية، مؤكداً أنهم بصدد عقد اجتماع عاجل لمناقشة التطورات الأخيرة في المشهد الانتخابي وأزمة التحالفات.