حققت مسرحية «نسوان بره الشبكة» اقبالاً جماهيرياً هو الأعلى في ما شهده المسرح القومي السوداني منذ نحو عقدين، على رغم أن موضوعها ليس بجديد، ولاقت اصداء لافتة في صحف سودانية، وبلغ اعجاب الرئيس السوداني السابق الصادق المهدي بها حد تكريمه لفريقها التمثيلي. «نسوان بره الشبكة» وتعني «نساء خارج نطاق التغطية» من تأليف عادل ابراهيم محمد خير وإخراج عماد الدين ابراهيم اللذين يعملان معاً منذ فترة طويلة وقدما أعمالاً عدّة تناصر قضايا المرأة، ومن اعمالهما معاً «عنبر المجنونات»، «برلمان النساء»، «بيت بت المني بت مساعد» المنجزة عن «بيت برناردا ألبا» للشاعر الإسباني غارسيا لوركا . وفي عملهما الجديد لا يبتعدان كثيراً، عما قدّماه سابقاً شكلاً ومضموناً، اسئلة تتعلق بواقع المرأة استعراضاً وغناء. في مسرحيتهما السابقة «عنبر المجنونات» قدّم خير وإبراهيم مجموعة من النساء يبكين حظوظهن الخائبة في الحب والزواج، وفي «نسوان بره الشبكة» لا تبتعد التيمة كثيراً، اذ تبقى في «عش الزوجية» في تناول لغربة الأزواج أو هجرتهم إلى الخليج أو أوروبا. وتربط المسرحية فكرة هجرة الأزواج بخراب البيوت. زينب (الزوجة) تغيب عن الوعي جراء صدمتها النفسية إثر سفر زوجها إلى الخارج وهي في آخر أيام «حملها»، فتنجب طفلتها حنان في ظروف قاسية ومن دون أي اهتمام يذكر من عائلة الزوج ما فاقم حالتها النفسية وزادها سوءاً، اذ لا تجد حنان سوى صديق الأسرة الذي يحيطها برعايته ويربيّها، فيما تُنقل الأم إلى مستشفى الأمراض العقلية. بهذه اللوحة الميلودرامية يُفتتح العرض ومن ثم تمضي الأيام، ليبرز الأثر التربوي السلبي لغياب الأب بتقديم حنان(الإبنة) كمغنية «هابطة» . وفي هذا الإطار، يقدم العرض لوحات عدّة تبرز الأبعاد النفسية والاجتماعية التي يتسبب فيها غياب الزوج، وفيما تظل زينب ملحة على إبقاء علاقتها بزوجها «المغترب» على رغم سني الرفقة بينهما، تحاول مجموعة من الفتيات، مصائرهن العاطفية شبيهة بحالها، حضّها على نسيانه، فهو مثله مثل عشاقهنّ، لا يستحق ان يُنتظر، ويقترحن عليها الانتساب الى فرقتهنّ الغنائية الاستعراضية المتمردة لإصدار ألبوم بعنوان «ضد الانتظار»، كتعبير عن سخطهن من ازاوجهن المغتربين! اختار العرض أن يعبر بطريقة «مهذبة» أو ايحائية عن اقتراح الفتيات، ففي العمل ما يشي بأن الفرقة الغنائية انما هي تعبير رمزي عما يمثل انحرافاً بالقياس الى قيم المجتمع وأعرافه، وعلى رغم عودة الزوج بعد 28 سنة من الغياب، تتفاقم حال الأم النفسية خصوصاً بعد ان تكتشف أن الفتاة التي تقود الفرقة الغنائية والمسؤولة عن ثورة فتياتها هي ابنتها حنان.