رأى رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط، أن «المسؤولية الوطنية تحتم على كل الفرقاء السياسيين الوقوف صفاً واحداً خلف المؤسسة العسكرية ودعم جهودها وتضحياتها للحفاظ على السيادة اللبنانية». وقال في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الإلكترونية: «من الواضح أن وقائع جديدة ترتسم في المنطقة العربية مع تسارع الأحداث السياسية والعسكرية التي تدل، على أن الدول القومية والوطنية التي تولدت بفعل اتفاقية سايكس- بيكو واتفاقية لوزان في طريقها إلى الانهيار مقابل صعود كيانات طائفية ومذهبية تُرسم حدودها بالنار والمجازر والتهجير». وأضاف: «من الواضح أن هذا الواقع الجديد تظهر معالمه من تكريت إلى عرسال مروراً بالتهجير الهمجي للمسيحيين من الموصل وهم من أعرق الطوائف التي أقامت لقرون في تلك المنطقة، بالتوازي أيضاً مع تهجير الطائفة الأيزيدية الكريمة من سنجار في كردستان العراق، وهي طائفة متجذرة في التاريخ ويعود وجودها في تلك المنطقة إلى عصر ما قبل الإسلام، وقد احترمها الإسلام، كما احترم الطائفة الزرادشتية في إيران. والطائفة الأيزيدية شكلت جزءاً مهماً من التنوع الثقافي والعرقي في العراق وكردستان على مدى سنوات طويلة. وما يحصل اليوم من قتل وتهجير وتدمير سيؤدي إلى ضرب التنوع الذي تميزت به تلك المنطقة». وزاد: «من الواضح بناءً على كل ذلك أن الجغرافيا السياسية تشهد تحولات غير مسبوقة، وأن التنظيم المسمى «داعش» أصبح بمثابة الأمر الواقع وهو يقف على أنقاض الدول القومية والوطنية التي سُميت سورية والعراق. قد تكون «داعش» انطلقت بطريقة مشبوهة ربما بمساعدة النظام السوري، ولكنها أصبحت بمثابة المارد الذي خرج من القمقم ولم يعد ممكناً السيطرة عليه. وهذا يُذكرنا بالسياسة الأميركية وبعض السياسات العربية التي «اخترعت» ظاهرة أسامة بن لادن ودعمتها لمحاربة الشيوعية والسوفيات في أفغانستان، فإذ بتلك الظاهرة تنقلب على منشئيها، فلتكن هذه عبرة». وسأل جنبلاط: «كم هو غريبٌ ذاك الصمت الدولي المريب حيال «داعش»، وهو دليل جديد على تواطؤ الدول الكبرى على حساب الكيانات القومية؟ أما اليوم، ومع الزوال التدريجي للدول الوطنية والقومية لا سيما في سورية والعراق، فالمطلوب التحلي بأعلى درجات اليقظة والإدراك أن المعركة في لبنان أصبحت معركة وجودية وأكبر من أن تكون معركة حسابات فئوية من هنا وهناك». ولفت جنبلاط إلى أن «بعض الأصوات التي تكرر أسطوانة رفض تدخل حزب الله في سورية من دون أن تدرك أن الأحداث تجاوزت بأشواط هذا الأمر والتي تتذرع به لخلق جبهة سياسية وظيفتها التشكيك بالجيش ودوره وتسعى، عن قصد أو غير قصد، لاستيراد هذه الظاهرة العدمية والتكفيرية إلى لبنان، فإن ذلك قد يؤدي إلى ضرب كل مرتكزات الكيان اللبناني في التنوع والتعددية والاعتدال»، مذكراً بأن «موقف الحزب التقدمي الاشتراكي كان واضحاً من الأساس بالوقوف إلى جانب الشعب السوري في حراكه السلمي المدني الديموقراطي الوطني، ثم في تأييده للجيش السوري الحر والمجلس الوطني وتنسيقيات الثورة المتعددة، ولكن العنف الذي مارسه النظام السوري وتواطؤ الدول العربية والإقليمية والدولية من خلال تلك المجموعة المسماة «أصدقاء سورية» أديا إلى هذا التدهور وأوقعا الشعب السوري بين فكي تطرف «داعش» وقمع النظام». وثمّن جنبلاط عالياً «موقف الرئيس سعد الحريري في دعمه المطلق للجيش اللبناني خصوصاً في هذه المرحلة المفصلية، وهو يُذكر بالموقف الشهير الذي اتخذه والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2000 أثناء أحداث الضنية. أما بعض أصوات النشاز من هنا وهناك، فإنها غير مسؤولة وتعرض الجيش ولبنان إلى المزيد من المخاطر بدل أن تبحث في سبل تعزيز مناخات التكاتف بين اللبنانيين في هذا الوقت العصيب». وقال: «من هنا تبرز أهمية التعاون بين جميع القوى المركزية السياسية اللبنانية،سواء المتخاصمة بالأمس أم المتحالفة في ما بينها، للحفاظ على الكيان اللبناني والارتقاء في أدائها السياسي إلى مستوى التحديات التي تفرضها التطورات الراهنة والابتعاد من التجاذبات الفئوية التي من شأنها تسعير خلافات سطحية لا قيمة لها في ضوء ما يحدث في المنطقة من تحولات كبرى».