قالت مصادر في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي يتزعمه الرئيس السابق جلال طالباني، ان الحزب مهدد بثاني أكبر انشقاق، على خلفية الصراعات بين أجنحته التي عمقتها آلية التصويت لاختيار رئيس الجمهورية، ما قد ينتهي الى إعلان عدد من قادته، يتقدمهم برهم صالح، تشكيل حزب جديد، على غرار انشقاق نيوشروان مصطفى عام 2009 وتشكيله حركة «التغيير». وكشفت المصادر ل»الحياة» ان طريقة التصويت لاختيار رئيس الجمهورية اخيراً، بين المتنافسين على المنصب، وهما الرئيس فؤاد معصوم الذي حاز 30 صوتاً، وبرهم صالح الذي نال 23 صوتاً وخلفيات الانقسام الكردي عموماً حول هذه القضية حملت دلالات كبيرة عن حجم الصراع الدائر داخل الاقليم، بشكل عام وداخل حزب طالباني بشكل خاص. وأضافت هذه المصادر أن معصوم نال 8 اصوات من حزب «الاتحاد الوطني»، مقابل 11 صوتاً لبرهم صالح، في مقابل حصول الاخير على 3 أصوات من «الحزب الديموقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه مسعود بارزاني، مقابل 15 صوتاً لمعصوم، وتقاسم الاثنان اصوات حركة «التغيير» والاحزاب الاسلامية الكردية. واهم دلالات هذا التقسيم، ان قرار انتخاب معصوم جاء من حزب بارزاني في الدرجة الاساس، على عكس المتوقع، وبعد زيارة قام بها الاخير الى مقر الرئيس طالباني بعد عودته الى السليمانية قبيل التصويت بيوم واحد، ما يرجح حصول اتفاق بين الجناح الذي تقوده عائلة الرئيس طالباني، مع بارزاني حول ترتيبات ابعاد نائب الامين العام للحزب برهم صالح من المنصب. ابعد من ذلك، تكشف المصادر ان صالح الذي عاد الى السليمانية من بغداد تلقى دعوات لتشكيل حركة مدنية تخوض الانتخابات بشكل مستقل عن الاتحاد الوطني الكردستاني، وتحاول استقطاب قيادات من داخل «الاتحاد» و»حركة التغيير» على حد سواء، لكنها لم تؤكد موقف صالح من هذه الدعوات، خصوصاً في ضوء التطورات الامنية الاخيرة في العراق، والتهديدات التي تواجه اقليم كردستان. ويشهد حزب طالباني، خلافات عميقة بين اجنحته منذ غياب زعيمه، بسبب المرض قبل عام ونصف العام، حول الطريقة التي سيتم من خلالها قيادة الحزب في المرحلة المقبلة، وعودة طالباني ساهمت في تهدئة الخلافات بين اطراف الحزب، لكنها لم تنجح في حلها. ويتمتع جناح عائلة طالباني الذي تقوده عقيلته هيرو ابراهيم، وابنه قباد، بإرث سياسي طويل، يمثله موقعه داخل الحركة الكردية، فيما يعد برهم صالح الذي طالما وصف بانه الابن الروحي لطالباني، من القيادات الشابة داخل الحزب، وله حضور داخل السليمانية، ووسط القواعد الوسطية للحزب، ويحظى كوسرت رسول بحضور فاعل وسط «البيشمركة» الكردية. وعلى رغم ان صالح يعد أحد المقربين القلائل من حزب طالباني الى رئيس الاقليم مسعود بارزاني، فإن اتجاه الاخير لإبعاده عن رئاسة الجمهورية يشير الى حقيقتين :»الاولى رغبة رئيس الاقليم بعدم الانغماس في ازمات بغداد، والثانية رغبته بتكريس الصيغة العائلية لقيادة حزب طالباني، وهي الصيغة نفسها التي تقود الحزب الديموقراطي في اربيل». من جهة ثانية يؤكد مقرب من المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني، ان الاخير، ارسل الى عدد من القوى السياسية في بغداد، قبيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية خطاباً شفوياً لدعم برهم صالح لتولي المنصب، وان مضمون الرسالة كان يشير الى ان المرجع يقدر ويحترم فؤاد معصوم الذي يمتلك تاريخاً سياسياً حافلاً، لكنه يعتقد ان عوامل مثل تقدم السن وحاجة البلد الى آليات عمل اكثر حيوية، تدعم تولي صالح للمنصب. والموقف نفسه ورد على لسان قيادات في كتلتي «المواطن» و»الصدر» اللتين ابلغتا كتلة التحالف الكردستاني، رغبتهما بتولي صالح المسؤولية. لكن عمق الخلافات داخل «الاتحاد الوطني» من جهة، ومضي الحزب «الديموقراطي الكردستاني» الى مشروع الاستقلال، كان يحتم نمطاً مختلفاً من الخيارات كما تشير المصادر الكردية، التي كشفت ايضاً ان رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، وضع خطاً احمر على اختيار برهم صالح، وانه يمهد بذلك كما تؤكد المصادر، لان يكون له دور اساسي في رسم سياسات رئاسة الجمهورية، في حال فشل في الحصول على ولاية ثالثة، وقبل بمنصب نائب رئيس الجمهورية.