تراقب المديرية العامة للجوازات السعودية الأحداث الجارية في العراق، في ظل احتمال إلغاء تصاريح السفر التي تمنح للمواطنين السعوديين ممن يعتزمون السفر إلى العراق، والتي تُعد واحدة من ثلاث دول يُمنع السعوديون من السفر إليها، إضافة إلى كل من إسرائيل وتايلاند. ودخلت العراق لقائمة الحظر بالتزامن مع تحولها ل«بؤرة اقتتال»، خصوصاً بعد الغزو الأميركي للعراق، وإسقاط الرئيس السابق صدام حسين في 2003. كما تتابع مكاتب السياحة والسفر الأوضاع الأمنية في العراق، لتقرر استكمال الرحلات أو إلغاءها. وكشف عاملون في مكاتب بالمنطقة الشرقية، عن انسحاب بعض من كانوا ينوون السفر، ومطالبتهم بإرجاع المبلغ كاملاً، وذلك بعد توتر الأوضاع الأمنية، وبخاصة في بعض المحافظات شمال العراق وغربه، إثر سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، على تلك المحافظات، وتهديده ب «الزحف» على العاصمة العراقيةبغداد. وقال المتحدث باسم المديرية العامة للجوازات المقدم أحمد اللحيدان، في تصريح إلى «الحياة»: «إنه إلى الآن لم يتوقف إصدار تراخيص السفر إلى العراق، وما زال التقديم عليها مستمراً، فيما تتولى لجنة في كل من المنطقة الشرقيةوالمدينةالمنورة، النظر في طلبات التصاريح»، لافتاً إلى أنه تم «رفض طلب استخراج تصريح للبعض». وأوضح اللحيدان أن «الشخص يتقدم بطلب تصريح إلى اللجنة، محدداً فيه مسببات السفر إلى العراق وأهدافه، وبعد درس الحالة يتم منح التصريح أو عدمه». وقال: «لا ننصح بالسفر إلى جميع مواقع وبؤر المشكلات، لكن الدول الممنوعة بالكامل هما إسرائيل وتايلاند فقط». إلى ذلك، تتابع مكاتب السياحة والسفر مجريات الأحداث في العراق، للوقوف على الأوضاع هناك أولاً بأول، وبخاصة في الأماكن التي يتردد عليها السعوديون والمسار الذي يسلكونه، وسط مشاورات تسبق انطلاق رحلة أو الإلغاء، وتعتمد مكاتب السياحة والسفر على نشرات الأخبار التلفزيونية، إضافة إلى الصحف المحلية والدولية، وصولاً إلى المعلومة الصحيحة والدقيقة، فبعض مواقع التواصل الاجتماعي – على حد تعبيرهم – «حمّلت الوضع أكثر ما يحتمل». وأوضح عاملون في مكاتب سفر، أنهم يتواصلون مع «المعارف والأصدقاء في العراق لنقل الصورة كاملة». فيما اعتبروا مقاطع الفيديو التي يتم تسجيلها وبثها لمقاتلي «داعش» «مدعاة إلى الخوف والتوتر وإثارة الهلع». وأكد محمد يوسف منسق رحلات في أحد المكاتب ، «انسحاب بعض المسجلين لرحلات العراق، وعللوا ذلك بالقلق مما يحدث هناك»، مستدركاً بأن «الأوضاع في النجف وكربلاء مستقرة، والمكاتب تعتمد مطار النجف في الذهاب والعودة لأنه أكثر مطارات العراق أماناً، أما سامراء فهي مدينة تشهد توتراً شديداً، حتى قبل دخول جماعات «داعش» إلى الموصل وتكريت، ويرفض عدد من مكاتب السياحة التوجه إليها، وهي المدينة ذاتها التي استشهدت فيها الطفلة السعودية تُقى الجشي»، التي قتلت قبل أشهر برصاصات استهدفت حافلة كانت تقلها وأمها وسعوديين آخرين. وأوردت المنشأة العامة للطيران العراقي إحصاء حول أعداد المسافرين، احتل فيه مطار النجف المرتبة الأولى في عدد المسافرين، وبلغ معدل الرحلات في الأيام الاعتيادية أكثر من 30 رحلة يومياً، فيما بلغ معدل المسافرين من طريق المطار أكثر من خمسة آلاف مسافر في الوقت الحالي». مكاتب السفر تتقبل الإلغاء... ولكن بشروط قال عبدالرحيم عيسى، الذي يعمل في مكتب سفر آخر: «إن التردد أصبح وارداً في الكثير من حجوزات العراق، ولأن الحجز يكون مبكراً فالانسحاب مبكراً يكون أفضل بكثير من الانسحاب قبل الرحلة بيوم أو يومين، وبخاصة أن سعر التذكرة قد يتجاوز 2500 ريال»، لافتاً إلى أن «الانسحاب المبكر قد يفتح مجالاً لدخول شخص آخر مكان المنسحب، فلا تخصم قيمة التذكرة ويسترد الشخص مبلغه كاملاً». وحول أعداد المسافرين، ذكر عبدالرحيم أن «هناك نحو 500 مسافر من طريق كل مكتب سياحة وسفر شهرياً، ويتضاعف العدد في ذي الحجة ومحرم وصفر، ولكن من المتوقع تقلص هذا العدد بشكل كبير إذا بقي الوضع على ما هو عليه في العراق، وإن ساء سنقوم بإعادة المبالغ لمن حجز مسبقاً، وأبلغنا المسافرين بذلك تحرياً للدقة والصدقية». بدوره، ذكر عماد حسن، أن المكتب الذي يعمل فيه يشترط اطلاع مكتب السياحة على سبب الإلغاء، ليقرر هل يعيد المبلغ كاملاً أم لا. وقال: «نقبل الإلغاء في حال وجود وفاة أو مرض، وما دون ذلك لا نعتد به، والأوضاع في العراق لا تزال آمنة، وبخاصة في المدن التي نتوجه لها، فلا يوجد ما يدعو للقلق حتى الآن، وبالتأكيد سيكون هناك منع من السفر إذا شهد البلد توتراً أكبر، كما سيتم إيقاف استخراج التصاريح إذا كان السفر يشكل خطراً على حياة المواطنين السعوديين»، مضيفاً: «إن عدداً من مكاتب السياحة والسفر تشهد انسحاب المسافرين من رحلات العراق، ولهم العذر في ذلك، فما نراه ونسمعه ليس بالأمر الهين».