بتدفّق جماهيري لم تعهده الدورات السابقة، ودّع معرض المعلوماتية والاتصالات السنوي «كومكس عُمان 2012» Comex Oman 2012 في «مركز عُمان الدولي للمعارض» متابعيه، مُثبِتاً أنه حقّق نجاحاً لافتاً. وشاركت فيه 130 شركة و30 مؤسسة حكومية، سعت إلى إبراز أدوارها في مجالات التقنية، وتأكيد مشاركتها في مشروع «عُمان الرقمية» Digital Oman الذي تعمل عليه السلطنة منذ سنوات، وترى فيه صورتها للمستقبل. الإبداع في التقنيات حمل معرض هذا العام شعار «نحو الإبداع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات». وتحرك في ثلاثة أطر هي المعرض والمؤتمر والسوق. وتدفّقت حيوية أخرى من فاعليات مثل عرض روبوت مُتطوّر أثار شغف المهتمين بتطوّر الإنسان الآلي، خصوصاً أنه رقص وتحرك في اتجاهات مختلفة، بخفة وحيوية. واستضاف «كومكس» مؤتمراً رفع شعار «تعزيز الكفاءات الوطنية باستخدام تقنية المعلومات والاتصالات». وتناقشت فيه مجموعة من الخبراء قدموا أوراق عمل متنوّعة. وأوصى الخبراء بضرورة التنبّه إلى الحاجة للتحديث المستمر في البنية الأساسية للخدمات الحكومية الإلكترونية في عُمان. ولاحظوا حاجة موظفي الحكومة لتغيير أدائهم كي يتكامل مع نمط الخدمة الإلكترونية المؤتمتة. ولفتوا أيضاً إلى الحاجة للتحوّل من مركزية المُعلّم إلى مركزية الطالب، إضافة إلى تطوير السياسات والمناهج. وأشاروا إلى أن مراكز المجتمع المعرفية حقّقت تقدّماً في ما يتعلق بتمكين المرأة وتطوير مهاراتها. واعتبر الدكتور سالم بن سلطان الرزيقي، وهو الرئيس التنفيذي لهيئة تقنية المعلومات العُمانية، أن المؤتمر يمثّل سعياً لسدّ الفجوة الرقمية Digital Divide وتطوير كفاءة الموارد البشرية لتمكينها من التعامل مع التقنية بكفاءة، خصوصاً مسألة توظيف التقنية والاتصالات في التعليم. ولاحظ أن السياق عينه يُملي الاستمرار في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنفيذ مبادرة وطنية للتدريب والتوعية في مجال الاتصالات وغيرها. وبحثت جلسات المؤتمر في مجموعة محاور، كان أولّها عن تنمية الموارد البشرية الوطنية عبر التقنيات الحديثة. وتناول آخر مسألة تنمية المهارات والتدريب على التقنيات الرقمية. وبحث محور ثالث موضوع التقنية والبنية الأساسية لنمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وعرضت مجموعة من المؤسسات الحكومية والخاصة خدماتها الإلكترونية. فعرض مجلس البحث العلمي مجموعة من خدماته الإلكترونية التي يقدمها للباحثين عبر موقعه الشبكي ونظاماً إلكترونياً يستخدمه لتقديم مقترحات البحوث. كما عرض مكتبته الرقمية، مُبيّناً أنها تحتوي عدداً كبيراً من المجلات والدوريات العلمية والكتب الإلكترونية، ما يترجم السعي إلى تعدد المصادر وتوفير محتوى تعليم جامعي عالي الجودة. كما بيّن المجلس أن موقعه الشبكي يضمّ قاعدة بيانات للباحثين في السلطنة وتخصصاتهم ونشاطاتهم، ما يفيد في نسج شبكات التواصل معرفياً بين الباحثين المحليين في المؤسسات المختلفة. ويعمل المجلس على إنشاء قاعدة بيانات عن مُعدّات البحوثية، ما يمكّن البحّاثة من الوصول بسهولة إلى هذه المُعدّات، ومعرفة ما يتوافر منها أيضاً. وفي السياق عينه، عرضت شرطة عُمان الخدمات التي تقدّمها للجمهور على موقعها الشبكي، إضافة إلى عرض أفلام تسجيلية ووثائيقة تتناول تاريخ شرطة عُمان السلطانية، والإنجازات التي حققتها. وعرضت الشرطة أيضاً أفلاماً لرفع التوعية بسلامة المرور والسلامة العامة. البرمجيات ذات المصادر المفتوحة في سياق «كومكس عُمان»، وقّعت «هيئة تقنية المعلومات» و «معهد لينوكس الاحترافي Linux Professional Institute - فرع شرق الأوسط» اتفاقية شراكة في التدريب تتضمن بنودها الاعتراف ب «مركز الابتكار والدعم» التابع للهيئة، مركزاً تدريبياً معتمداً لشهادات «معهد لينوكس الاحترافي» ودوراته، التي تشمل ثلاثة مستويات ل «شهادة معهد لينوكس الاحترافي» Linux Professional Institute Certification، واختصاراً «لبيك» LPIC. وجاءت هذه الاتفاقية ضمن مبادرة الهيئة لتشجيع استخدام البرمجيات الحُرّة والمفتوحة المصدر في القطاع الحكومي. وفي هذا الصدد، وزّعت الهيئة ما يزيد على ثلاثين ألف نسخة من البرمجيات الحرة ذات المصادر المفتوحة، تتصل بخدمات الحكومة وعمليات التعليم. كما وقعت «هيئة تقنية المعلومات» أيضاً مذكرة تفاهم مع «هيئة تطوير تقنية المعلومات والاتصالات» في سنغافورة، ما يساعد على تبادل الخبرات في المعلوماتية والاتصالات. وتسري لثلاث سنوات. وتضمّنت المذكرة خطة عن التحوّل الإلكتروني في السلطنة، وتعزيز الاستثمار بالاعتماد على التقنية الحديثة. واعتبر طارق حجازي، وهو المدير الإقليمي لشركة «مايكروسوفت»، أن سوق التقنية والاتصالات في السلطنة لها مكانة متميزة على مستوى المنطقة. وأشار إلى حرص شركات المعلوماتية على الحضور في السوق العُمانية التي تنمو بوتيرة متسارعة وسط استقرار كبير، ما يعتبر جزءاً من ظروف عمل مثالية. وأشار حجازي إلى اهتمام عُمان بالتقنية والاتصالات، منوّهاً بحرص المؤسسات الحكومية والخاصة على التطوّر فيها، ما يمهّد للوصول إلى الحكومة الإلكترونية في مستقبل قريب. وأكد أن السلطنة تعتبر من الدول الرائدة في هذا المجال، بل تنفق عليه بسخاء يدل على ثقتها بمستقبل هذا التوجّه. ولاحظ حجازي أن الإنسان العُماني طموح ويواكب تطوّر تقنيات المعلوماتية والاتصالات، ما يدفع سوقها المحلية نحو التطوّر السريع. سرعة في الشرق الأوسط وأوضح حجازي أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر من أهم أسواق المعلوماتية عالمياً، نظراً إلى ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي فيها، إضافة إلى وجود كثافة سكانية كبيرة، وارتفاع مستوى التعليم في معظم فئات مجتمعاتها. ونوّه بالمشاريع العملاقة في المعلوماتية التي تنهض بها عُمان، إذ تترافق مع تسارع في نمو عدد الشركات في السلطنة، وحراك قوي في معطيات المجال الرقمي، في القطاعين الحكومي والخاص. وتوقّع حدوث طفرة نوعية في السنوات الثلاث المقبلة، بأثر من تركيز عُمان على دعم عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج إلى مساندة التقنية الرقمية المتطوّرة. ولامس حجازي قرب إطلاق شركة «مايكروسوفت» نظام التشغيل «ويندوز 8» Windows 8، واصفاً إياه بأنه «يملك الكثير من الخصوصية ويحقق نقلة جذرية». ولفت إلى أن «مايكروسوفت» تبدي اهتماماً عالياً بالبحوث، بل تخصص لها أرصدة ارتفعت من 9 إلى 10 بلايين دولار في السنة الأخيرة. وأوضح حجازي أن «مايكروسوفت» تتعاون مع السلطنة على نحو وثيق. قال: «لدينا الكثير من البرامج والمشاريع مع الحكومة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الجمعيات الأهلية. ونساهم في عملية تدريب المعلمين والموظفين في تقنية المعلومات، ليتمكنوا من توظيف هذه التقنية في مجال عملهم. وهذا يجسد نظرة الحكومة البعيدة المدى ورغبتها في تطوير موظفيها إيماناً منها بأهمية التقنية ودورها في رفع مستوى الموظف وتحسين أدائه، ما يمهّد لحدوث تطورات كميّاً ونوعيّاً. نعمل أيضاً في تدريب الطلاب، ونرفع قدراتهم في طرق التعامل مع التقنية حتى يدخلوا سوق العمل بقوة، ويساهموا في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها السلطنة. ولدينا كثير من المشاريع الأخرى التي ننجزها مع مؤسسات حكومية مختلفة. ونُنظّم مسابقة «كأس التخيّل» سنوياً، بهدف تشجيع الطلاب على الإبداع. وقد أحرز فريق عُماني السنة الماضية المرتبة الثانية عالمياً، ضمن التصفيات النهائية التي أجريت في الولاياتالمتحدة. وتأهل فريق عُماني إلى الأدوار النهائية في مسابقة هذه السنة، المقرّر إجراؤها في أستراليا».