بلا شك أخطأ رئيس الوحدة السابق جمال تونسي في تصريحاته المسيئة الشهيرة في قناة «لاين سبورت»، التي حملت استهزاء وقدحاً في لجنة الانضباط، وشيئاً من المناطقية والعنصرية لا نقبله أبداً في مملكتنا الغالية، ولكن العقوبة التي أقرتها «الانضباط»، أيضاً فيها شيء من القسوة، والكثير من الشخصنة والانفعال، وهو أمر لا نقبله كذلك في مملكتنا الحبيبة، فهل من المنطق أن توجد عقوبة رداً على تصريحات انفعالية تصل مدتها لخمس سنوات؟ وغرامة على النادي الذي لا ذنب له محددة بدقة متناهية فهي بالتحديد 172,500 «مئة واثنان وسبعون ألفاً وخمسمئة ريال فقط لا غير»! وللأسف لم تعلن اللجنة الموقرة مقدار الهللات المصاحبة للغرامة! شخصياً قرأت هذا القرار بطريقة مختلفة، فهو ليس قرار «انضباط» بقدر ما هو قرار «إبعاد» غير مباشر لتونسي عن النادي «المكي» في السنوات المقبلة، خصوصاً أن انتخابات رئاسة النادي ربما تعقد بعد عام وقت انتهاء فترة تكليف الرئيس التوافقي الحالي علي داود، الذي أتوقع انتخابه بالتزكية لرئاسة النادي «المكي» لفترة اربع سنوات عقب فترة التكليف، لذلك لم يكن هناك أي داعٍ لمعاقبة تونسي بهذه الطريقة العنيفة، أو إبعاده بهذه الطريقة الفجة، فالرجل على رغم بعض أخطائه وأخطاء من حوله خدم الرياضة السعودية لسنوات، وترأس النادي «المكي» ثلاث فترات مختلفة اجتهد فيها فأخطأ، وأصاب، والمجتهد له أجر، والمصيب له أجران. وكان الأولى توجيه الإنذار لتونسي، ولومه سراً على تصريحاته المسيئة، وإقرار عقوبة معقولة، وتقدير انفلات أعصابه بعد القرار الصادم، والقاضي بتهبيط الوحدة لدوري الدرجة الأولى، مع منعه من التصريح وتوجيه الرسالة المراد توصيلها له بشكل مباشر: «لا رئاسة للنادي «المكي» بعد اليوم». وهذا يكفي بلا إساءة أو قسوة. ومع تقديرنا الكبير لأعضاء لجنة الانضباط الموقرين، إلا ان الجميع يعلم بأن العدل هو أساس الحكم، كما ان الكل يعرف بأن هناك أشخاصاً في عالم الرياضة السعودية لديهم ما يشبه «الحصانة» الضمنية، ولا يمكن لأحد أن يُنزل عليهم مثل هذه العقوبة أبداً، وكلنا سمعنا ورأينا تصريحات تشيب لها رؤوس الولدان، ومع ذلك لم تقر لجنة الانضباط عليها أية عقوبات تذكر من أي صنف، ولا حتى من عقوبات فئة «أبو خمسمئة ريال»، لذلك فأن الكيل بمكيالين لا يجوز وهو أساس عدم اقتناعنا بحيثيات هذا القرار الذي يجب أن نقره من ناحية المضمون باعتبار أن تونسي أخطأ في تصريحاته، ولكن لا نقره من ناحية الشكل الذي ظهر به، والتوقيت أيضاً. ونادي الوحدة الذي احتفل للتو بالصعود للدوري بشق الأنفس، وتكاتف ودعاء أبناء مكةالمكرمة ما ذنبه أن يتحمل مبلغ 172,500 ألف ريال؟ وهو مبلغ يرهق كاهل نادٍ بالكاد يتمكن من تدبير شؤونه وليس لديه راعٍ ولا جهة ممولة، وهو نادٍ يأمل في بناء فرقه المختلفة وتجهيزها للموسم المقبل في ظل ضعف الإمكانات والموارد، ولماذا فكرت لجنة الانضباط في تأخير العقوبة مدة أربعة أشهر حتى صعد فريق الوحدة، وعاد للدوري؟ ألم تفكر لجنة الانضباط في انعكاس هكذا قرار على معنويات، ونفسيات لاعبي، وإداريي النادي، وهم يرون رئيسهم السابق يعاقب بهذه الطريقة القاسية، وهم يعلمون انه انفعل، وغضب وخرج عن النص حباً في ناديهم، ودفاعاً عنه، وعنهم؟ أتمنى من لجنة الانضباط والاتحاد السعودي الموقت برئاسة أحمد عيد، والرئيس العام لرعاية الشباب الامير نواف بن فيصل إعادة النظر في هذه العقوبة وتخفيفها عن رئيس نادي الوحدة السابق جمال تونسي حفظاً لتاريخ الرجل، الذي اجتهد كثيراً في خدمة الوحدة، وخانه التعبير في كثير من الأحيان، وخانه المستشارون المقربون في أحيان أخرى، وكذلك إسقاط الغرامة المالية عن كاهل النادي «الأحمر»، الإ إذا رأت «الانضباط» أن عودة الوحدة لدوري «زين» كانت تحتمل «العين والحسد»، وكان لزاماً وضع مثل هذا القرار الذي حمل «خمس» سنوات إيقاف و«خمسمئة» ريال بجانب الغرامة، (وهذا هو ربما يكون سر ال500 ريال)، ليتمكن عشاق الوحدة من ترديد المقولة الشهيرة: «خمسة وخميسة في عين الحسود». [email protected]