دخلت معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية يومها ال 27، في حين دخل إضراب الأسيرين بلال ذياب وثائر حلاحلة يومه ال 77 وسط تدهور خطير جداً على حالتهم الصحية، إضافة إلى 8 أسرى آخرين مضربين عن الطعام منذ أكثر من شهرين. وذكرت مصادر إسرائيلية مطلعة أن خلافاً حاداً يسود الأجهزة الأمنية والمستوى السياسي في إسرائيل في شأن الموقف من إضراب الأسرى الذي يعمل على تشويه صورة تل أبيب في العالم. ونقلت وكالة «معا» عن منظمة «أنصار الأسرى» أن العديد من الأسرى بدأوا بإرسال رسائل فورية لذويهم وأبنائهم يعيشون فيها لحظات الوداع ويكتبون وصاياهم بخط أياديهم، خصوصاً أن اوضاعهم الصحية داخل السجون دخلت في مرحلة الخطر الجسيم. وفي القاهرة، قالت مصادر فلسطينية موثوقة ل «الحياة» إن رئيس جهاز الأمن الداخلي «شاباك» يوفال ديسكين الذي رأس الجانب الإسرائيلي في المحادثات غير المباشرة التي أجرتها مصر أخيراً بينه وبين وفد من حركة «حماس» يقوده القيادي العسكري البارز في «كتائب عزالدين القسام» أحمد الجعبري، أقر بضرورة رفع الإجراءات التي ارتبطت بأسر شاليت باعتبارها التزامات على الحكومة الإسرائيلية تنفيذها. وعبرت المصادر عن مخاوفها من أن تتراجع إسرائيل عن تعهداتها هذه للجانب المصري، لافتة إلى أن هناك تلكؤاً متعمداً من جانبها. ورأت أن هذه المحادثات التي جرت أخيراً في مصر هي جزء من صفقه تبادل الأسرى التي أنجزت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي برعاية مصرية واستكمال لها. الإضراب وصورة إسرائيل إلى ذلك، نقلت إذاعة الجيش عن مصادر إسرائيلية قولها إن الديبلوماسية الإسرائيلية تشعر بخيبة أمل شديدة وضغوط هائلة من الموقف الدولي المتبلور عالمياً لمساندة قضية الأسرى، لافتة إلى أن عشرات ملايين الدولارات التي أُنفقت أخيراً على تحسين صورة إسرائيل العالمية تبخرت في ظل تعاظم النقد الدولي لتل أبيب. وحسب تلك المصادر، فإن انقساماً يسود أجهزة الأمن في شأن الاستجابة لمطالب الأسرى، وعبر العديد من قادة الأجهزة الأمنية عن اعتقادهم بأن الاستجابة لتلك المطالب سيكلف الدولة العبرية غالياً، إذ سيضع الفلسطينيون نمطاً جديداً من التعامل مع إدارة السجون عبر فرض رؤيتهم وطريقة حياتهم عليها، منوهة إلى الخطورة الأمنية من وراء التسليم بمطالبهم. وأضافت المصادر أن بعض أوساط جهاز الأمن الداخلي «شاباك» لا يمانع في الاستجابة لمطالب الأسرى، مثل التعليم وزيارة معتقلي القطاع، ويحذر من انفجار وشيك في الأوضاع على حدود غزة وفي الضفة في ظل عدم قدرة حكومة «حماس» والفصائل على الصمود في وجه الضغوط الشعبية عليها للتحرك، وفي ظل احتمالات وفاة احد الأسرى. رسالتا هنية وفي غزة، بعث رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية رسالتيْن في الثامن من الشهر الجاري إلى كل من الرئيس الفرنسي الاشتراكي المنتخب فرانسوا هولاند، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وحض هنية هولاند على اتخاذ «موقف إيجابي ضاغط على (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتانياهو لالتزام القانون الدولي الذي يحدد حقوق الأسير والسجين (الفلسطيني) بدقة ووضوح»، فيما حض بوتين على «التدخل الشخصي وتدخل حكومتكم لإلزام حكومة نتانياهو بالقانون الدولي». وهنأ هولاند وبوتين، في الرسالتين اللتين حصلت «الحياة» في غزة على نسختين منهما، بفوزهما في الانتخابات، معبراً عن أمله بأن تكون فرنسا وروسيا تحت رئاستيهما «أقرب إلى تأييد الحقوق الفلسطينية في الحرية وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية». ميدانياً، حال شبان فلسطينيون لمدة ساعتين أمس دون دخول موظفي الصليب الأحمر، و«منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم» (يونيسكو)، وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية «يو أن دي بي»، إلى مقارهم وممارسة أعمالهم. وطالب الشبان الموظفين ب «مواقف واضحة لدعم حقوق الأسرى وحمايتهم وتأمين الإفراج الفوري عنهم في ظل تصاعد إضرابهم». وقال الدكتور رائد أبو ربيع الذي وصل إلى الأراضي الفلسطينية مبعوثاً خاصاً للصليب الأحمر أن «أقصى مدة يستطيع أي إنسان مضرب عن الطعام أن يصمدها هي 77 يوماً». واعتبر خلال لقائه وزير شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية عيسى قراقع ورئيس نادي الأسير قدورة فارس أمس في مقر اللجنة الدولية في رام الله، أن الأسيرين حلاحلة وذياب «أصبحا في دائرة الخطر الجدي» الآن. وأضاف انه جاء ل «متابعة هذه القضية في شكل عاجل بعدما وصلت الأوضاع إلى درجة صعبة جداً»، موضحاً أنه سيلتقي أطباء اللجنة الذين زاروا الأسرى المضربين في مستشفى سجن الرملة و«التدخل السريع لدى الجانب الإسرائيلي لإنقاذ حياتهم». ولفت إلى أن قضية الأسرى المضربين «تحتل مركز الاهتمام الرئيس الآن على أجندة اللجنة الدولية لإنقاذ حياتهم ومتابعة مطالبهم». وقال المحامي جميل الخطيب إن محكمة استئناف إسرائيلية في سجن «عوفر» خفضت أمس مدة الحكم الإداري للأسير جعفر عز الدين المضرب عن الطعام منذ 53 يوماً، من ستة أشهر إلى أربعة. لكنه أضاف أنه لا توجد ضمانات في عدم تمديد اعتقاله إدارياً، مشيراً إلى أنه سيتوجه اليوم إلى المحكمة العليا للاستئناف لضمان عدم تمديد اعتقال عز الدين. قائمة قدامى الأسرى وأفاد الباحث المختص في شؤون الأسرى رياض الأشقر أن الأسير محمد إبراهيم محمد نصر (57 سنة) من رام الله، دخل عامه ال 28 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، موضحاً أن نصر يحتل الرقم 6 على قائمة قدامى الأسرى، ويعتبر عميد أسرى رام الله وأقدم أسراها في السجون، إذ انه معتقل منذ عام 1985، ومحكوم بالسجن المؤبد بتهمة مقاومة الاحتلال وقتل جنود. ونقلت وكالة «معا» عن الأشقر أن الأسير نعمان يوسف احمد شلبي (42 سنة) من جنين دخل عامه ال 21 في سجون الاحتلال، وبذلك يلتحق بقائمة عمداء الأسرى الذين امضوا ما يزيد عن 20 سنة في السجون، إذ انه معتقل منذ عام 1992 ومحكوم بالمؤبد. كما التحق الأسير عدنان محمد يوسف الأفندي (41 سنة) من مخيم الدهيشة في محافظة بيت لحم، بقائمة عمداء الأسرى بعد أن دخل عامه ال 21 في سجون الاحتلال، إذ انه معتقل منذ عام 1992 ومحكوم بالسجن 30 سنة، وكان حصل على شهادة البكالوريوس من الجامعة المفتوحة وهو داخل سجنه، وهو احد قادة «الجهاد الإسلامي» في سجون الاحتلال. ونظمت «شبكة التضامن مع فلسطين» في مدريد ليل السبت - الاحد تظاهرة تضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام منذ 27 يوماً شارك فيها نحو 30 ألف متظاهر، في مشهد أثار ذهول الجمهور في العاصمة الاسبانية. وأفادت وكالة «سما» ان المتظاهرين رددوا شعارات، منها: «الحرية للشعب الفلسطيني»، و «الحرية للأسرى»، و «عاش نضال الشعب الفلسطيني»، و «إسرائيل أسوأ أبارتهايد». وتقدم هذه المسيرة التضامنية التي سارت من ساحة ثيبيليس حتى ساحة سول وسط العاصمة، عدد من قيادات منظمات المجتمع المدني في «شبكة التضامن مع فلسطين»، والجاليات الفلسطينية. وكانت المسيرة بدأت الساعة السابعة مساء واستمرت حتى ساعات متقدمة من الليل. ووقف الجميع عند منتصف الليل بالضبط دقيقة صمت، ورفعوا مناديل بيضاء، فيما لوّح آخرون رافعين الكوفية الفلسطينية.