أدلى الناخبون الموريتانيون أمس بأصواتهم في انتخابات رئاسية يفترض أن تؤدي إلى عودة إلى الديموقراطية وإنهاء الأزمة الدستورية والسياسية الحادة التي نشبت في موريتانيا اثر الإطاحة بالرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله في انقلاب عسكري في آب (اغسطس) العام الماضي. ويتنافس تسعة مرشحين في هذه الانتخابات من بينهم قائد الانقلاب الجنرال المستقيل محمد ولد عبدالعزيز وأربعة مرشحين يمثلون القوى الديموقراطية المناهضة للانقلاب: هم زعيم المعارضة السابقة احمد ولد داداه ورئيس البرلمان مسعود ولد بولخير والحاكم العسكري السابق الذي نظم الانتخابات التي فاز فيها ولد الشيخ عبدالله العقيد المتقاعد اعلي ولد محمد فال، إضافة إلى القيادي الإسلامي المعتدل محمد جميل ولد منصور. وتعد هذه الانتخابات الأكثر تنافساً في تاريخ البلاد المنقسمة بين معسكرين على أساس تأييد الانقلاب ومعارضته. وامتدت طوابير طويلة من الناخبين أمام مكاتب التصويت في إقبال كثيف على صناديق الاقتراع. ويتوقع المراقبون ارتفاع نسبة المشاركة وعدم حسم النتيجة لمصلحة أي من المرشحين في الجولة الأولى. ومن بين المرشحين للذهاب إلى جولة الإعادة الجنرال المستقيل محمد ولد عبدالعزيز وزعيم المعارضة احمد ولد داداه والرئيس السابق اعلي ولد محمد فال. ودُعي أكثر من 1.2 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع في أكثر من 2500 قلم وزعت في بلاد غالبيتها صحراوية وتبلغ مساحتها ضعفي مساحة فرنسا. وافتتحت المكاتب عند السابعة صباحاً، وأُغلقت عند السابعة مساء. ونشر حوالى 320 مراقباً دولياً غالبيتهم من الاتحاد الافريقي، ومنظمة الفرنكفونية وجامعة الدول العربية. ولا يشارك مراقبون أوروبيون «بسبب الجدول الزمني». ويفترض أن يضع هذا الاستحقاق المفصلي والمفتوح نسبياً حداً للأزمة الحادة التي تلت الاطاحة بالرئيس المنتخب الأول في البلاد سيدي ولد شيخ عبدالله الذي لم يترشح. وتشكلت طوابير طويلة، الرجال من جهة والنساء من جهة أخرى، في سرعة أمام مكاتب الاقتراع في العاصمة، ما ينبئ بمشاركة كثيفة. وأكد قائد انقلاب السادس من آب (اغسطس) عام 2008 الجنرال ولد عبدالعزيز الذي يعتبر أكثر المرجحين للفوز في الانتخابات أنه «واثق» من انتخابه «في الدورة الأولى». وصرح للصحافة بُعيد الادلاء بصوته قرب القصر الرئاسي: «أنا واثق من اننا سننجح من الدورة الأولى. وسيكون فوزاً لموريتانيا برمتها والشعب الموريتاني. سيكون فوزاً للتغيير من أجل موريتانيا مزدهرة، تستحق استقلالها». وكرر ولد عبدالعزيز ومنافسه الرئيسي أحمد ولد داده رئيس أكبر أحزاب المعارضة ثقتهما بالفوز من الدورة الأولى. لكن عدداً كبيراً من المراقبين اعتبر أنه نظراً الى أن ارتفاع عدد المرشحين (9)، فإن عقد دورة ثانية مقررة في الأول من آب (اغسطس) المقبل محتمل. وأبدى ولد محمد فال بعد إدلائه بصوته خشيته من وقوع عمليات تزوير واسعة للنطاق. وقال للصحافيين إن «عمليات غش واسعة النطاق تجري في الداخل وفي نواكشوط. نطلع على المسألة، وإن تأكدت سنعلم السلطات المختصة والمراقبين». وأضاف بعيد اقتراعه: «تم شراء الضمائر، وبطاقات الانتخاب وغيرها من وثائق الانتخاب. استهدفت قرى بكاملها عبر الضغوط المالية لدفعها الى التصويت لمرشح أو لآخر. هذا الأمر خطير». وبدا مرشح جبهة «الدفاع عن الديموقراطية» رئيس المجلس الوطني مسعود ولد بولخير أكثر حذراً، واعتبر أن الوقت ما زال مبكراً للحكم بوقوع تزوير في الانتخابات. وكان ولد بولخير حذر عشية الانتخابات من أن أي تزوير فاحش سيقود البلاد إلى حرب أهلية. وأوضح أن «غالبية الموريتانيين لن تقبل بالتعايش مع رئيس انقلابي ومزور للانتخابات»، وتحدث معاونو ولد بولخير بعد ظهر أمس عن اختفاء أسماء مئات من أنصاره من القائمة الانتخابية. وأعرب عن أمله في أن تطوي البلاد صفحة الانقلابات. وقال: «آمل في أن يؤدي استحقاق اليوم إلى سلوك موريتانيا طريقاً جديداً من الديموقراطية والوحدة والتضامن، طريق جمهورية تبعدها عن السلطات الاستثنائية والعسكرية». وأضاف: «آمل بحق أن يفوز الأفضل وألا نحتاج الى دورة ثانية».