بين القضايا التي كان فيها خطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالرحمن السديس حاضراً، مشاركته في النقاشات، والسجال الدائر في بلاده حول قضايا جوهرية، أكثر ما يتناولها على منبر الحرم أو في محاضرات أو مؤتمرات علمية، مع اقتصاد واسع في الحوارات والتصريحات الإعلامية. أحد أبرز تلك القضايا كانت، موضوع «الإصلاح»، الذي شهد النقاش حوله منذ 11 أيلول (سبتمبر) جدلاً واسعاً، لم ينقطع حتى اليوم، بين التيارات الناشطة في السعودية. وفي خطبة له بالمسجد الحرام قبل بضع سنين، رحب بحركة الإصلاح التي تشهدها بلاده، كما حيا كل داع إليها «ومنادٍ إلى مواطن التلاقي والنجاح في وصفة حضارية، ونقلة نوعية فيها تحقيق مصالح المجتمع العظمى، من دون تراجع وتعثر أو توان». لكن السديس في خطبته تلك لم يغفل الإشارة إلى أهمية أن يكون الإصلاح الذي رحب به منطلقاً «من الركائز الشرعية التي تنظم أمور البلاد ومصالح العباد في أمور المعاش والمعاد، فهي من صميم المنطلقات الشورية النبوية، قبل أن يعرف العالم شعارات الديموقراطية العصرية، إذ الإصلاح وجه من وجوه حكمة بعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام». ولفت إلى أنه على رغم «توجه رجال بررة بالأمة صوب الإصلاح المعتبر، وحمل لوائه» (..)، إلا أن هناك «بعض المزايدين على الشريعة وأصحاب المغامرات الطائشة والأطروحات المثيرة واللاهثين وراء موجة حب الظهور والشهرة». وأكد أن ركب الإصلاح «لا يقوده إلا من هو كبير الهمة مضاء العزيمة، مخلصاً لله ثم لدينه وولاة أمره وبلاده، ويتحرى موافقة الشريعة في جميع تصرفاته وأعماله وأحوالهم، فمن حق أوطاننا علينا أن نكون سعاة لتحقيق مصالحها، ودعاة لدرء المفاسد عنها، وحماة لأمنها واستقرارها ورخاها، ووحدة شرائحها وأطيافها». وفي قضايا عدة، كان رأي صريح، يكون فيه مصطفاً مع القيادة السياسة، وغير مداهن لبعض فريق تياره.