تواصلت الردود، في لبنان امس، على تصريحات زعيم «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون الذي كان هاجم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط. فاعتبرت الأمانة العامة ل «قوى 14 آذار» أن «النوبة الأخيرة من مواقفه» هي «خطاب حرب أهلية»، وحمّلته مسؤولية «الانحدار بنظام القيم الى الحضيض»، ورأت أنه «يعبر عن إفلاس أخلاقي». وفيما ردّ عدد من النواب المسيحيين على عون منتقدين تصريحاته، عُقد مجلس الوزراء برئاسة الرئيس سليمان، عصراً، على وقع استمرار الخلاف بين عون وحلفائه في «حزب الله» وحركة «أمل» من جهة، ورئيس الجمهورية ووزراء جنبلاط من جهة ثانية، حول صيغة تشريع رفع سقف الإنفاق للعام 2011 (8900 بليون ليرة) وللعام 2012 (4900 بليون ليرة) أعد مشروعاً فيها وزير المال محمد الصفدي. وسبق الجلسة رفض عون وحلفائه المشروعين، وأصروا على توقيع سليمان مشروع قانون سبق أن أحيل على البرلمان بالمبلغ الأول، فيما يرى رئيس الجمهورية أنه غير قانوني وأنه مستعد لإحالة المشروع الجديد الى البرلمان. وأجّل مجلس الوزراء بند المشروع المتعلق بال8900 بليون ليرة. كذلك أجّل البت بمشروع ال4900 بليون ليرة، وسبق عقد الجلسة إعلان رئيس البرلمان نبيه بري أنه «لن يتدخل» في معالجة الخلاف على رفع سقف الإنفاق، ما يعني عدم حماسته لتحويل أي مشروع قانون جديد على المجلس. وطالب الحكومة بأن تسلك طريقة عمل جديدة لمعالجة المشاكل الاجتماعية ووجوب الحوار مع الهيئات النقابية. وبات الخلاف على إيجاد مخرج للإنفاق المالي للحكومة يثقل على الإدارات والوزارات وعلى مصاريف القوى الأمنية والجيش، وأدى الى الآن الى توقف عدد كبير من المؤسسات التي تعنى بذوي الحاجات الخاصة، عن تقديم خدماتها. وفي مجال آخر، شهدت تداعيات الأزمة السورية على الداخل اللبناني تطورات جديدة، أمنياً وسياسياً، إذ قتلت امرأة لبنانية تدعى حليمة سليمان الكرمبي (من مواليد 1933)، حين تخطت القوات السورية الساتر الترابي الذي كانت أقامته على الحدود من جهة ريف دمشق، وأطلقت النار في اتجاه الأراضي اللبنانية في منطقة إنشاءات بلدة القاع الواقعة ضمن خراج بلدة عرسال البقاعية. وتوفيت الكرمبي متأثرة بجروحها بعيد نقلها الى مستشفى الهرمل الحكومي وفق معلومات رسمية، بعد أن أصيبت بينما كانت في منزلها. وتردد وفق مصادر بقاعية أن ابنتها جرحت في بطنها نتيجة إطلاق النار. وذكرت المصادر نفسها أن مجموعة من القوات السورية هي التي تخطت الساتر الترابي واقتحمت منزلاً يخص ذوي رئيس البلدية في المنطقة وفتشته بعد أن خلعت بابه. وساد الغضب بلدتها عرسال، حيث ستدفن. وجاء الحادث في وقت استمرت قضية الاهتمام بالنازحين السوريين الى لبنان في التفاعل، فيما أعلنت قوى 14 آذار أن وفداً منها سيزور آخر الأسبوع بلدة عرسال «لفك الحصار عن هؤلاء وإسماع صوت اللبنانيين والنازحين السوريين رفضاً للنأي بالنفس». وعلمت «الحياة» أن الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري خوري حمل رسائل من القيادة السورية تعتبر فيها أنه بات يجب ترحيل النازحين السوريين من لبنان وإعادتهم الى قراهم ومدنهم لأن هناك هدوءاً بعد دخول المراقبين الدوليين وبعد وقف إطلاق النار. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن بعض المسؤولين اللبنانيين يعتبر بعد هذه الرسائل، أن «كثرة النازحين السوريين في لبنان، الذين ما زالوا الى الآن خاضعين لتدابير أمنية مشددة، قد تؤسس لحالة شبيهة بحالة مخيم نهر البارد، ويخشى أن تكون هناك في صفوفهم خلايا نائمة لمجموعات متشددة، ولا أحد يعرف إذا كان تنظيم القاعدة يعمل على التواجد بينهم». وأوضحت المصادر أن بعض المسؤولين يثير هذه الخشية «من أجل تبرير الدعوة الى استباق حالة كهذه، بإعادة النازحين الى سورية لأن هذا يساهم في تفكيك أي مجموعات يحتمل أن تنشأ في صفوفهم». يذكر أن قرار تكليف الهيئة العليا للإغاثة مساعدة النازحين السوريين يقتصر على الموجودين في الشمال دون البقاع. كما أن عدداً من الوزراء من القوى الحليفة لدمشق سبق أن طلب إعادتهم الى بلادهم بحجة أن بينهم إرهابيين. وأعلن مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني عن حملة لإغاثة النازحين السوريين الى لبنان عبر هيئة الإغاثة التابعة لدار الفتوى وللعمل على تخفيف وطأة النزوح عن كاهلهم. وحض قباني على تقديم المساعدات للنازحين.