توقع خبراء عراقيون مطلعون على طبيعة تطور العلاقات العراقية - الكويتية، أن يمهد لتحالف استراتيجي اقتصادي سيكون بعيداً من منظومة مجلس التعاون الخليجي. وشهدت الفترة الماضية زيارات رسمية رفيعة على مستوى رؤساء الحكومات ووفود وزارية مختلفة ونواب. وشدّد وفد كويتي ضم وزراء ونواباً خلال زيارة إلى بغداد على ضرورة انضمام العراق إلى مجلس التعاون الخليجي وتفعيل العمل في طريق الحرير لخدمة المصالح المشتركة والتنمية الاقتصادية في المنطقة. وأكد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، أهمية تطوير العلاقات بين البلدين في كل المجالات خصوصاً الاقتصادية، مجدداً دعوة الشركات الكويتية للاستثمار في العراق. وكشف نجل أمير الكويت وزير شؤون الديوان الأميري ناصر صباح الأحمد، الذي زار إقليم كردستان العراق في 19 نيسان (أبريل) الماضي، عن توجه كويتي للشراكة مع العراق ضمن منظومة إقليمية لدول شمال الخليج، لافتاً إلى أن بلاده تهدف من خلال هذه المنظومة إلى تنويع اقتصادها كي لا يعتمد على النفط في شكل كامل. وشهدت العلاقات العراقية - الكويتية أخيراً تقدماً في حل بعض المشاكل العالقة، إذ اتفق الطرفان خلال زيارة المالكي الأخيرة إلى الكويت في 14 آذار (مارس) الماضي على إنهاء قضية التعويضات المتعلقة بشركة «الخطوط الجوية الكويتية» وصيانة العلامات الحدودية، كما اتفقا على أسس مشتركة لحل كل الملفات خلال جداول زمنية قصيرة، فيما اعتبر وزير الخارجية هوشيار زيباري، الذي رافق المالكي في زيارته، أن ما اتفق عليه يعد تقدماً كبيراً في اتجاه خروج العراق من الفصل السابع. وقال رئيس مركز الدراسات العربية في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد التميمي في تصريح إلى «الحياة»: «أدركت الكويت أن بجوارها دولة قوية اقتصادياً، بدأت بعد عقود من العداء مع المجتمع الدولي بسبب سياسات النظام السابق وانشغالها بالمشاكل الداخلية بعد عام 2003، تستعيد عافيتها تدريجاً». وأشار إلى أن «للعراق مكانة دولية، خصوصاً بعد استقدام شركات نفطية وأخرى دخلت في استثمارات ضخمة، وبالتالي أصبح من الصعب أن يعود العراق خصماً للمجتمع الدولي مع وجود هذه الشركات العملاقة التي تمثل مصالح غربية، وذلك دفع الكويتيين إلى التفكير بأسلوب جديد ينص على احتواء العراق بدلاً من معاداته». وفي ما خص الطريقة التي يمكن من خلالها احتواء العراق، قال: «هناك أساليب كثيرة، منها التمهيد لتحالف، أو التنسيق والتكامل الاقتصادي اللذان يُعتبران أقصر الطُرق لتقوية العلاقة بين أي دولتين»، موضحاً أن البعد الثاني يكمن في أن المنظومة الخليجية وبعد ثلاثة عقود من تأسيسها، أصبحت غير قادرة على التقدم بخطوات أبعد من صورة الاتحاد الحالية، وهي صورة أضعف كثيراً من منظومات أحدث». ولفت إلى أن «الجميع متخوف من طبيعة زيارة المالكي الكويت، وما تضمنته والاتفاقات التي أبرمت، ولا يمكن مشاكل استمرت ربع قرن أن تُحل بزيارة واحدة». وعن سُبل إزالة هذه التخوفات العراقية، أكد «أنها محكومة بعامل واحد وهو قوة الدولة العراقية اقتصادياً، وليس المكانة العسكرية التي امتلكتها سابقاً والتي جلبت الدمار وقضم الكثير من الأراضي، فالعالم الآن يحركه الاقتصاد والعراق وهبه الله ثروات جبارة يمكن استغلالها». ورأى النائب عن القائمة العراقية حامد المطلك أن «مجلس النواب قادر على إلغاء الاتفاقات التي أبرمتها الحكومة مع الجانب الكويتي أخيراً إذا ما كانت تضر بالبلاد، ولكن ذلك لم يتضح حتى الآن». وأبرمت الحكومة العراقية مع الجانب الكويتي خلال اجتماعات اللجنة العراقية - الكويتية التي عُقدت في بغداد برئاسة وزيري خارجية البلدين، اتفاقين أحدهما للتعاون والثاني لتشكيل لجنة مشتركة لتنسيق الملاحة في خور عبدالله وتنظيمها، بينما أجّل التوقيع على اتفاقات أخرى إلى حين عرضها على الحكومة والبرلمان في البلدين. ولفتت مصادر حكومية «الحياة» إلى أن اللجنة العليا الوزارية العراقية - الكويتية ناقشت محورين أساسيين، هما الحقول النفطية المشتركة وتصدير الغاز العراقي إلى الكويت. ويُذكر أن المشروع الثاني يعود إلى فترة النظام السابق، وتم مد الأنبوب إلا أنه توقف وحاولت وزارة النفط عام 2003 تشغيله لكن ظروفاً استثنائية منعت ذلك. وأكد رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق سامي رؤوف الأعرجي حرص بلاده على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الكويت وسعيه إلى فتح أبواب الاستثمار للكويتيين في القطاعين العام والخاص وتذليل المعوقات. وأكد أن المالكي وجه الهيئة للتعاون مع الكويت في الفرص التنموية والاقتصادية المتاحة، مشيراً إلى أن قيمة هذه الاستثمارات في القطاع النفطي فقط تبلغ نحو 25 بليون دولار.