تحول موقف الحكومة السودانية من التحفظ عن قرار مجلس الأمن في شأن إنهاء النزاع بين دولتي السودان وانتقاد الاتحاد الأفريقي، إلى تأييد للقرار وتمسك بالوساطة الأفريقية، فاعتبرت الخرطوم القرار «خطوة طبيعية لمنع اندلاع حرب شاملة». وحذر متنفذون في السلطة بعض قادة الدولة من أن مسلكهم السياسي «سيدفع البلاد نحو هاوية». ورأى وزير الدولة للشؤون الانسانية السابق سفير السودان الجديد لدى جوبا مطرف صديق أن تدخل مجلس الأمن في النزاع بين دولتي السودان «خطوة طبيعية لمنع التصعيد بين البلدين حتى لا تكون حرباً شاملة». وقال: «العالم يئس من طول التفاوض ويريد نتائج حاسمة». وقلل من اهمية تحديد قرار مجلس الأمن مواقيت لبدء المفاوضات وانهائها، متوقعاً أن تبداً الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى بقيادة ثابو مبيكي في تحركات مكوكية قريباً لاستئناف المحادثات. وأكد «ثقة السودان في الاتحاد الافريقي». وشدد صديق في منتدى إعلامي على أن قرار مجلس الأمن «لم يخرج عن قرار مجلس السلم والامن الافريقي». وقال إنه «استنساخ للقرار الافريقي الذي ارتضيناه وسيطاً لمعالجة القضايا العالقة مع الجنوب». وأكد أن «السودان ظل يلجأ إلى الاتحاد الافريقي مقدماً شكاواه إليه أكثر من مرة من اعتداءات حكومة الجنوب ومتمردي الحركة الشعبية في الشمال على ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان، ومن الطبيعي ان يتدخل مجلس الأمن والاتحاد الافريقي لمنع التصعيد بين البلدين كي لا يكون حرباً شاملة». ورأى أن تحديد سقف لإنهاء التفاوض بثلاثة أشهر قصد منه حض الاطراف على عملية تفاوض جادة، «وهذه المواقيت لن تكون ملزمة إذا أظهر الطرفان جدية في التفاوض». وأضاف أن الطرفين وافقا على خريطة الطريق واتفاقات بعدم الاعتداء وسحب القوات 10 كيلومترات جنوباً وشمالاً ما يخلق منطقة منزوعة السلاح بنحو 20 كيلو على طول الحدود المشتركة. وأكد أنه «لا يمكن بدء محادثات في شأن ترسيم حدود والنفط وغيرها من المسائل قبل النظر في الترتيبات الأمنية». وقال مسؤول حكومي بارز ل «الحياة» إن أطرافاً في السلطة ظلت تنتقد فريق السلام السوداني من أجل تحميله مسؤولية أي اخفاق، موضحاً أن «الدفاع عن عملية السلام صار عبئاً، كما أن الخطاب السياسي من بعض قادة الحكم بات يجر على البلاد مشاكل يصعب الدفاع عنها، ويتجاوز دولة جنوب السودان إلى أفريقيا وعواصم أخرى». إلى ذلك، تحفظ الخرطوم عن طلب الأممالمتحدة تسليمها أربعة خبراء في إزالة الألغام أوقفوا قبل أكثر من أسبوع على الحدود مع جنوب السودان. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية عبيد مروح إن «السلطات لا تزال تحقق مع الموقوفين وستتخذ اجراءات بحقهم عقب الانتهاء من التحقيقات». وأعلنت المنظمة الدولية أن الموقوفين أربعة موظفين في الاممالمتحدة يعملون في مشروع إنساني لإزالة الألغام في جنوب السودان. وكانت وزارة الخارجية السودانية أكدت أن الرجال الاربعة، وهم بريطاني ونروجي وجنوب أفريقي وجنوب سوداني، محتجزون في مركز عسكري في الخرطوم بتهمة «اجتياز الحدود بصورة غير مشروعة مع معدات عسكرية». وذكرت منظمات أن الأربعة أوقفوا في أراضي جنوب السودان حيث كانوا في مهمة نزع ألغام لحساب الأممالمتحدة. من جهة أخرى، اتهم حزب «المؤتمر الشعبي» المعارض جهاز الأمن السوداني بتزوير وثيقة نسبت إلى الأمين العام للحزب حسن الترابي يعلن فيها تخليه عن حزبه الحالي والاتجاه إلى إنشاء كيان جديد. وكانت صحيفة مقربة من دوائر متنفذة في الحكومة نشرت تقريراً قالت إن الترابي «أعده تمهيداً للتخلي عن حزبه الحالي وانشاء آخر جديد، بعد أن تيقن من أن حزبه في طريقه إلى الزوال ولم يحقق ما كان يصبو إليه». ونشرت الصحيفة ما قالت إنها «رؤية الترابى للحزب الجديد الذي يسعى إلى تأسيسه». ونسبت الوثيقة إلى الترابي قوله ان «الحركة الإسلامية إذا استطاعت تجديد وطرح نفسها بتجديد رؤيتها ومؤسساتها التنظيمية وبناء هيكلها، فستكون ولجت مرحلة ما بعد حزب المؤتمر الشعبي... وإذا حدث التجديد اللازم فإن شرطه أن تكون الحركة منفتحة على المجتمع الواسع ومتفاعلة معه، فلا تستحيل إلى بنية فوقية متعالية ومتمايزة عنه». وأشارت الصحيفة إلى أن الترابي اعتبر أن «هدفه رفع التعسف عن تصرف الأمراء (المسؤولين) في الكيان الجديد وتصرف الأعضاء على السواء، ودعا إلى ضبط مبادرتهم ضمن قواعد وشروط وعهود متفق عليها لا يكون التكليف بموجبها إطلاقاً ليد الأمراء في جميع الشؤون والمجالات والميادين». لكن الترابي نفى هذا الاتجاه. وحمل المسؤول السياسي في حزبه كمال عمر في شدة على جهات لم يسمها قال إنها «تنفذ مخططاً يستهدف قيادة الحزب»، محذراً حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم من «التمادي في استهداف الترابي». ونفى وجود أي مذكرة في هذا الشأن.