وجه رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أمس، الدعوة للهيئة الانتخابية في دار الفتوى إلى انتخاب مفتٍ جديد للجمهورية اللبنانية في الحادية عشرة قبل ظهر الأحد المقبل في بهو الدار. واستند سلام في الدعوة إلى عدد من المراسيم والقرارات ومنها قرار مجلس شورى الدولة القاضي ردّ مراجعة مفتي الجمهورية (الشيخ محمد رشيد قباني) المتعلقة بإبطال تمديد ولاية المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وقرارات مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ القرار الصادر عن مفتي الجمهورية والمتضمن تكليف الشيخ أحمد نصار مفتياً لمدينة صيدا – وأقضيتها وقراره تكليف الشيخ أيمن الرفاعي مفتياً لمحافظة بعلبك – الهرمل وقراره تكليف الشيخ زيد محمد بكار زكريا مفتياً لمحافظة عكار. وتضمنت الدعوة إشارة إلى أن المفتي قباني يبلغ السن القانونية في 15 أيلول (سبتمبر) المقبل. وتتألف الهيئة الانتخابية من رئيس الحكومة العامل ورؤساء مجلس الوزراء السابقين وهم: تمام سلام (نائب)، نجيب ميقاتي (نائب)، سعد الحريري (نائب)، فؤاد السنيورة (نائب)، عمر كرامي وسليم الحص، ومن الوزراء المسلمين السنّيين العاملين وعددهم 4، والنواب المسلمين السنّيين العاملين وعددهم 22 نائباً ومن أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وعددهم في محافظة بيروت 10 أعضاء، وفي محافظة الشمال (طرابلس) 9 أعضاء، وفي محافظة عكار عضو واحد، وفي محافظة الجنوب (صيدا) 4 أعضاء، وفي قضاء بعلبك عضو واحد، وعضو واحد (قاض) عن قضاءي حاصبيا ومرجعيون، وعضوان عن محافظة جبل لبنان ومثلهما عن محافظة البقاع إلى جانب المفتين المحليين العاملين وعددهم 8 مفتين والعلماء قضاة الشرع الشريف العاملين وعددهم 21 عضواً، و11 قاضياً متقاعداً وأمينا للفتوى في بيروتوطرابلس والمدير العام للأوقاف الإسلامية هشام خليفة. وأوضح القرار أن الانتخاب «يتم في حضور ثلثي أعضاء المجلس في الدورة الأولى، وإذا لم يكتمل النصاب في هذه الدورة يتم تأجيل الجلسة إلى الساعة الثانية عشرة ظهراً من اليوم نفسه ليتم الانتخاب في حضور نصف الأعضاء في المرة الثانية. وطلب القرار من المدير العام للأوقاف الإسلامية نشر القرار «على مدخل مقر باب دار الفتوى، واتخاذ التدابير والإجراءات الإدارية المناطة به كافة في هذا الإطار». وتأتي دعوة سلام لانتخاب مفتٍ جديد خلفاً للمفتي الحالي الشيخ محمد رشيد قباني الذي تنتهي ولايته في 15 أيلول (سبتمبر) المقبل، فيما تواصل السفارة المصرية في لبنان من خلال القنصل العام فيها شريف البحراوي مساعيها لدى الأطراف المعنيين لانتخاب رئيس المحاكم الشرعية السنّية في لبنان الشيخ عبداللطيف دريان خلفاً له ولتأمين إجماع الهيئة الناخبة وعددها 103 أعضاء. كما تأتي الدعوة بعد قبول مجلس شورى الدولة الطعن المقدم من المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الممدد له وأبطل بموجبه دعوة المفتي قباني الى انتخاب خلف له في 31 آب وكذلك حصر دعوة مجلس الانتخاب بمدير عام الأوقاف في دار الفتوى الشيخ هشام خليفة مع أنها من صلاحية رئيس الحكومة، إضافة الى إبطال القرار الذي قضى بتوسيع الهيئة الناخبة ليصل عددها الى حوالى 4000 ناخب. وعلمت «الحياة» أن المساعي لدى المفتي قباني لم تتوقف لإقناعه بضرورة انتخاب الشيخ دريان بالإجماع، خصوصاً أن الاختلاف السياسي القائم بين قوى «14 آذار» و «8 آذار» لن يقف عائقاً أمام الحفاظ على وحدة دار الفتوى من خلال انتخاب مفتٍ جديد. وتردد أن التسوية المعروضة على قباني تقضي بسحب الدعاوى الإدارية والمالية المقامة ضده من المجلس الشرعي الممدد له شرط أن يسير بالتسوية المطروحة عليه، إضافة الى سحب الدعوى المقامة ضد أعضاء المجلس الشرعي المؤيد له والمطعون بولايته مع أنه لم يعد قائماً بعد استقالة أكثر من نصف أعضائه. وكشف مصدر مواكب للاتصالات مع قباني أن إسقاط الدعاوى ضده لا يعني عدم تسديده المال العائد للأوقاف الإسلامية الذي كان السبب في تقديمها بمقدار ما أن المعنيين بوحدة دار الفتوى أخذوا على عاتقهم تسديده من خلال جمع التبرعات من المتمولين والميسورين في الطائفة السنّية. لكن سحب الدعوى يتوقف على موافقته على انتخاب المفتي الجديد. ولفت المصدر الى أن الدور الذي تلعبه السفارة المصرية في لبنان ينطلق من ضرورة الحفاظ على كرامة قباني وتحييد دار الفتوى عن الصراعات السياسية لمصلحة التأكيد على وحدة الموقع ليكون قادراً على التدخل لتسوية النزاع بين القوى السياسية في الطائفة السنّية كمقدمة لفتح حوار بين الأخيرة والقيادات الشيعية في لبنان، لأن لا مصلحة في رفع منسوب التوتر بينهما في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة. ورأى المصدر نفسه أن لوقوف عدد من الشخصيات السنّية المحسوبة على قوى «8 آذار» الى جانب انتخاب دريان، اعتبارات عدة، أبرزها أن لدى بعضهم علاقة طيبة بالجانب المصري، وأن لا جدوى من البقاء وراء قباني في معركته وستكون خاسرة له ولمن يؤيده. ويميل المفتي قباني الى ترشيح الشيخ عبدالرحمن حلو ضد دريان، فيما يحاول الوسطاء إقناعه بعدم المغامرة في خوض معركة خاسرة سلفاً، وأن من الأفضل ألا يطيح كلياً علاقته بخليفته. وكان تردد أن «الجماعة الإسلامية» تنوي ترشيح الشيخ أحمد درويش الكردي مقابل دريان، وأن التداول جرى مع «جميعة الإرشاد والإصلاح» بترشيح الشيخ باسم عيتاني. وتبين أن بعض المشايخ طرح فكرة ترشيح منافس لدريان، لكن هيئة العلماء المسلمين برئاسة الشيخ مالك جديدة والعضو الفاعل فيها الشيخ سالم الرافعي، دعوا الى التريث في ذلك ويفضلان مقاربة الانتخابات بمرشح واحد. وهذا ما جعل «الجماعة» وجمعية «الإرشاد» تربطان موقفيهما بما تقرره «هيئة العلماء المسلمين». ومساء، أصدر المكتب الإعلامي للمفتي قباني بياناً بارك فيه «الدعوة الموجهة من سلام، بعد اطمئنانه إلى أن كل ما تم الاتفاق عليه، سيكون مصانا لحفظ مكانة مقام الإفتاء الديني ومكانة المسلمين ومرجعيتهم الدينية»، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق هو نتيجة «مشاورات جرت وفي إطار التجاوب مع المبادرة المصرية ومباركة عربية».