بعد أن وضعت «المعركة» التي دارت أول من أمس في ميدان العباسية بين قوات الشرطة العسكرية التابعة للجيش المصري ومتظاهرين أوزارها، وضمَّد كل طرف جراحه، بدأت تداعيات الأحداث تطفو على السطح مُنذِرة بزيادة أزمة الثقة بين القوى السياسية والمجلس العسكري. وكان اقتحام مسجد النور القريب من ميدان العباسية واحداً من هذه التداعيات التي سبَّبت انتقادات جمة للعسكر. فأثناء مطاردة قوات الشرطة العسكرية المتظاهرين في شارع الخليفة المأمون وميدان العباسية لإخلائهما تنفيذاً لقرار فرض حظر التجول فيهما وحول المنطقة المحيطة بوزارة الدفاع، وجد عدد كبير من الفارين من مطاردة قوات الجيش في مسجد النور الشهير ملاذاً اعتقدوا أنه آمن ويقيهم شر الاعتقال، ولم يكن يخطر ببالهم أن قبضة الشرطة العسكرية ستطالهم حتى داخل المسجد. ومسجد النور من المساجد الشهيرة في القاهرة، ومعروف أنه تابع للتيار السلفي، وهو متنازع عليه بين قائد المقاومة الشعبية في السويس الشيخ حافظ سلامة ووزارة الأوقاف، وطالما خرجت منه مسيرات منددة بسياسات الكنيسة القريب مقرها من المسجد. وأثناء اعتصام أنصار الشيخ السلفي المستبعد من انتخابات الرئاسة حازم أبو إسماعيل وعدد من القوى السياسية في العباسية، تردد مراراً أن المسجد تحول إلى مخزن للسلاح لاستخدامه ضد الجيش، لكن لم يخرج هذا الكلام عن حدود الإشاعات التي نفاها القائمون على إدارته، لكن الجيش بدا مقتنعاً بهذا الحديث، حتى أن المسجد كان من أول الأماكن التي تم اقتحامها وتفتيشها بعد إخلاء ميدان العباسية. وروى الشيخ حافظ سلامة أن قائد الشرطة العسكرية اللواء حمدي بدين وقوة مرافقة له دخلت المسجد وطلبت منه تفتيشه بعد معلومات عن أنه يضم أسلحة، وهو ما نفاه سلامة لبدين، مؤكداً له أن كل من بالمسجد من المصلين وأنه لا وجود لأي أسلحة في المسجد. وأوضح أن بدين أكد له أنه لن يتم إلقاء القبض على أي من الموجودين في المسجد، لكن ما أن خرج المصلون حتى ألقت قوات الشرطة العسكرية القبض عليهم. وقال سلامة: «ما رأيته لم أكن أصدق أنني سأراه طوال حياتي، فقد دخل الجنود المسجد بالأسلحة والأحذية، وهو ما لم يحدث في تاريخ الدولة المصرية والتاريخ الإسلامي بمصر». لكن رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة المهندس حافظ السعيد قال إن عمال الهيئة رفعوا كميات كبيرة من الحجارة كانت مخزنة في المسجد، متسائلاً: «من الذي وضع الحجارة داخل المسجد؟». واعتقلت قوات الشرطة العسكرية العشرات ممن كانوا داخل المسجد من بينهم 13 فتاة، بينهن المعيدة في كلية الإعلام بجامعة القاهرة هند عبدالمتجلي التي أثار احتجازها موجة من الانتقادات والاستياء على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» ما دفع عميد الكلية الدكتور حسن عماد مكاوي ورئيس الجامعة الدكتور حسام كامل إلى التدخل لدى السلطات لإطلاقها بعدما أمرت النيابة العسكرية بحبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات بتهمة الاعتداء على أفراد القوات المسلحة وترحيلها إلى سجن القناطر الخيرية للنساء. وكلفت الجامعة محاميين للدفاع عنها أحدهما كُلِّف بالطلب من النائب العام إطلاقها والثاني سيتابع القضية أمام النيابة العسكرية. وكانت هند عبدالمتجلي لجأت إلى المسجد للاحتماء به من مطاردة قوات الشرطة العسكرية للمتظاهرين. وطالبت أمينة المرأة في حزب «الحرية والعدالة» (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) هدى عبدالمنعم بسرعة الإفراج عن الفتيات اللاتي ألقي القبض عليهن في مسجد النور. وحذرت من أن المماطلة من قبل النيابة العسكرية في عدم الإفراج عنهن قد تؤدي إلى أمور وعواقب لا تحمد عقباها. واستنكرت «الحملة العشوائية» في إلقاء القبض على الفتيات. وأضافت: «هن ليس لهن توجه سياسي، فضلاً عن أن منهن طبيبات كن يداوين الجرحى في المستشفى الميداني، وتوجهن إلى مسجد النور للاحتماء به عندما بدأ وابل من الرصاص في خارجه». وأوضحت في بيان أن ذلك التصعيد غير مبرر من قبل الشرطة العسكرية و«غير معهود ولم نره من قبل، ما يدل على الشدة والتحدي لإرادة الشعب بشكل صارخ».