فاقمت الاشتباكات التي وقعت أمس بين قوات الجيش المصري ومطالبين بإنهاء الحكم العسكري في محيط وزارة الدفاع في حي العباسية شرق القاهرة وسقط خلالها عشرات الجرحى، من تأزم المشهد السياسي قبل أيام من انطلاق أولى مراحل التصويت في الانتخابات الرئاسية. وأعلن المجلس العسكري مساء أمس حظر التجول في العباسية والمنطقة المحيطة بوزارة الدفاع من 11 مساء حتى السابعة صباحاً، متوعداً ب «التصدي بكل الحزم والحسم لكل من يخالف القرار، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتورطين في الأحداث والمحرضين عليها». وافيد بأن قوات الجيش اعتقلت 120 متظاهراً أحالتهم على النيابة العسكرية. وكانت الأحداث تطورت سريعاً ظهرا حين وقعت اشتباكات بين متظاهرين وقوات الجيش في شارع الخليفة المأمون، تبادل فيها الجانبان الرشق بالحجارة قبل أن تلجأ عناصر الجيش إلى خراطيم المياه ثم قنابل الغاز والهراوات لإبعاد المتظاهرين عن الأسلاك الشائكة التي أقامتها للحؤول من دون وصول المتظاهرين إلى وزارة الدفاع. بعدها، بدأت قوات الجيش في الخروج من الأسلاك الشائكة وبادرت بالهجوم على المتظاهرين، وتمكنت بالفعل من إبعادهم إلى ميدان العباسية. لكن عمليات الكر والفر استمرت بين الجانبين لفترة قبل أن يسيطر الجيش على الوضع بإطلاق وابل من قنابل الغاز وطلقات الصوت في الهواء، ما مكنه من السيطرة على منطقة العباسية بكاملها وإبعاد المتظاهرين إلى منطقة غمرة القريبة من وسط العاصمة. وتقدمت حشود من الآليات العسكرية لمحاصرة مقر وزارة الدفاع ومنطقة العباسية من كل الاتجاهات وإغلاقها. وأسقطت الاشتبكات أكثر من 70 جريحاً، بحسب حصيلة رسمية، لكن شهود عيان تحدثوا عن سقوط قتيل وأكثر من مئة مصاب، فيما تحدثت مصادر عسكرية ل «الحياة» عن سقوط أكثر من 20 جريحاً في صفوف الجيش، بينهم «إصابة بالغة بطلق خرطوش في مؤخرة الرأس». وأفاد شهود بأن قوات الشرطة العسكرية طاردت المحتجين إلى الشوارع الجانبية وصولاً إلى حي غمرة واعتقلت بعضهم، كما أزالت المستشفيات الميدانية والخيام التي أقامها المعتصمون في شارع الخليفة المأمون، وأضرمت النيران فيها، فيما تحدث مصدر عسكري عن «العثور على كميات من الأسلحة مخبأة داخل مسجد النور في ميدان العباسية» إثر عمليات تفتيش. واحتشد آلاف صباح أمس في ميدان العباسية، احتجاجاً على المذبحة التي وقعت في محيط وزارة الدفاع وسقط خلالها عشرات القتلى والجرحى إثر هجوم مسلح على المعتصمين قبل يومين. وبدأت المواجهات عندما امسكت جنود الشرطة العسكرية بأحد المعتصمين اجتاز الأسلاك الشائكة، وانهالوا عليه ضرباً بالهراوات ما اشعل الموقف، ليبدأ المعتصمون في ترديد الهتافات ضد المجلس العسكري وإلقاء الحجارة على الجنود الذين ردوا بالحجارة ثم خراطيم المياه. وقال مسؤول عسكري ان «الجنود تحلوا بأقصى درجات ضبط النفس إزاء بعض الممارسات والاستفزازات من جانب البعض»، مشددا على انه «لن يتم السماح بالمساس بهيبة ورمزية القوات المسلحة والدولة التي هي ملك للشعب ومن كرامته وعزته». وتعددت الدعوات لانسحاب المتظاهرين من خط المواجهة، وأعلنت «حركة 6 أبريل» انسحابها من ميدان العباسية. واعتبر «ائتلاف شباب الثورة» في بيان أن ما حدث «محاولة لضرب سلمية الثورة ومبرر لإطالة الفترة الانتقالية». ودعا إلى «التراجع إلى ميدان العباسية والتمركز فيه وإحباط أي محاولة للتقدم باتجاه وزارة الدفاع». وتبرأت جماعة «الإخوان المسلمين» من الاشتباكات. وقال الناطق باسمها محمود غزلان ل «الحياة»: «ليس للإخوان علاقة بالاشتباكات، بل إننا ندعو الجميع إلى ضبط النفس وحقن الدماء والحفاظ على سلمية الثورة حتى النهاية، والابتعاد عن محيط وزارة الدفاع». وعلى النهج نفسه، سارت «الجماعة الإسلامية» التي أكدت أنها «غير موجودة في ميدان العباسية، ومازلت تنادي المتظاهرين الموجودين في محيط وزارة الدفاع للعودة إلى ميدان التحرير». ودخل شيخ الأزهر أحمد الطيب على خط الأزمة، داعياً الجميع إلى «حقن الدماء».