تحت طائلة الحرمان من التعامل مع نظامي الولاياتالمتحدة المالي والتجاري وحتى عبور منافذها الحدودية، حذر أحدث أمر تنفيذي أصدره الرئيس باراك أوباما رعايا دول العالم وشركاتها من مساعدة طهرانودمشق بأي شكل من الأشكال على مخالفة سيل العقوبات التي سنها الكونغرس ضدهما، معتبراً أية خروقات ترتكب بمثابة اعتداء على مصالح الشعبين الإيراني والسوري. لكن هذا التمدد الذي يعتبر سابقة خارج دائرة العقوبات التي دأبت واشنطن منذ أكثر من ثلاثة عقود، على توسيع دائرتها لتشمل في نهاية المطاف اقتصاد إيران وقطاعها المالي برمته، ومعه أي مصرف غير إيراني يتعامل معه ويتخذ مقراً أو فرعاً له على الأراضي الأميركية، جاء بعدما كشف مسؤول أميركي كبير سابق وديبلوماسي مخضرم أن طهران عرضت في جولة محادثاتها الأخيرة مع أعضاء مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، ما يكفي من التنازلات للشروع في عملية حلحلة تدريجية لعقدة العقوبات الاقتصادية (النفطية) والمالية. وليست عملية الحلحلة المقترحة عكسية في آليتها بل يفترض أن تبدأ من الذروة التي بلغتها عقدة العقوبات في اليوم الأخير من العام المنصرم وبداية شباط (فبراير) الماضي، حين أصدر الكونغرس قانوناً عقابياً صارماً وأتبعه أوباما بقرار تنفيذي كان الهدف المعلن لكليهما قطع شريان التمويل عن برنامج إيران النووي، من طريق ليس حظر التعامل أميركياً مع القطاع المصرفي الإيراني وعلى قمته المصرف المركزي فحسب، بل تجميد أصوله الخارجية. ودفعت حينها أعداداً كبيرة من المصارف غير الإيرانية ومنها بعض المصارف العربية، ثمناً باهظاً بعدما اضطرها مناخ العقوبات الأميركي ودواعي التحوط ضد أخطار الحرمان من التعامل مع النظامين المالي والتجاري الأضخم عالمياً، إلى قطع صلاتها التجارية والمالية مع القطاع المصرفي، لا سيما عمليات تمويل صفقات النفط الإيراني كما حدث مع «مصرف نور» الإسلامي الذي يتخذ من دبي مقراً. قانون المحاسبة الأميركي ونصت قوانين أميركية سابقة، بخاصة قانون المحاسبة لعام 2010، على معاقبة المؤسسات المالية الأجنبية المتورطة في تمويل برامج أسلحة الدمار الشامل الإيرانية، لكن ما لم ينص عليه قانون 2011 وأمر شباط التنفيذي في شأن البعد الأجنبي للعقوبات الأحادية، تضمنه الأمر التنفيذي الأخير الذي أصدره أوباما الثلثاء الماضي إذ خول وزارة الخزانة الأميركية معاقبة الأجانب، أفراداً وشركات، في حال التورط بمساعدة طهران أو دمشق على انتهاك العقوبات الاقتصادية والمالية الأميركية المفروضة عليهما. وأوضح مسؤول كبير في وزارة الخزانة أن المستهدف في الأمر التنفيذي الجديد هي في الأساس مصالح تجارية ومؤسسات مالية غير مصرفية، مثل وكالات الصرف والوساطة التجارية التي تعمل في الظل ولا تملك مقرات لها في الولاياتالمتحدة، ما يجعل الحصول على خدماتها هدفاً تسعى إليه طهرانودمشق. ولمح إلى أن محاسبة الأفراد والشركات التي يصار إلى اتهامها بتسهيل انتهاك العقوبات الأميركية، سيكون أقل تعقيداً من الناحية القانونية والإجرائية، معترفاً بأن المتهمين وبصفتهم من الأجانب، قد يحرمون من الاطلاع حتى على عرائض الاتهامات الموجهة إليهم. جلسات عاصفة لكن وكيل وزارة الخارجية في الفترة الثانية من ولاية الرئيس بيل كلينتون توماس بيكرينغ، سفير أميركا السابق لدى روسيا والهند والأردن وإسرائيل والأمم المتحدة، أماط اللثام في جلسة عاصفة عقدتها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ نهاية آذار (مارس) الماضي، عن عرض إيراني يستجيب لمخاوف أميركا بما يسمح بالشروع في رفع العقوبات المفروضة عليها مقترحاً البدء من دون تأخير بالعقوبات المالية والنفطية. ولفت بيكرينغ الخبير في الشؤون الخارجية والاستخباراتية الأميركية إلى الفتوى الإيرانية في شأن تحريم حيازة القنبلة النووية، معتبراً إياها مقدمة لعرض يفترض أن تكون إيران قدمته في جلسة محادثات إسطنبول منتصف الشهر الماضي. وطبقاً لتوقعات الديبلوماسي المخضرم، تعهدت إيران بالتخلي عن نشاط التخصيب بدرجة 20 في المئة في مقابل تعويضها بإمدادات مماثلة لمفاعلها البحثي المخصص للأغراض الطبية إضافة إلى حصر نشاطها التخصيبي تحت سقف 5 في المئة.