ما أجمل أن يكون الشعر في مكانه الحقيقي فقط، والأفضل من ذلك ألا يتفوه الشاعر إلا بأشعاره، لأن غير القصائد لا يقبل منه. الشعر جميل حينما لا نسمع سواه، لكنه يفقد صورته الحسنة عندما يتخلى عنه قائله، ويتحدث في أمورٍ لا يفقه فيها شيئاً. الشعر الشعبي بدأ يسقط في زمن الثورة التقنية، بسبب تخلي معظم شعرائه عنه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إذ تحولوا إلى سياسيين تارة، وأخرى إعلاميين ومثقفين، وتناسوا موهبتهم الأساسية، ما أفقد شعرهم حضوره الجميل الذي يبحث عنه متابعوهم. وفي «تويتر» يلفت الانتباه كثيراً الشاعر الكويتي عضو لجنة تحكيم برنامج «شاعر المليون» بدر صفوق، الذي لم تتبق له إلا خطوات ويدخل في مجلس الأمة نائباً، وذلك من خلال تغريداته السياسية، التي تتطرق إلى الجانب البرلماني في بلاده، وواقعه الحقيقي أنه ليس إلا شاعراً شعبياً، إنجازه الوحيد لا يتجاوز الحضور في «شاعر المليون» فقط. وليس بدر صفوق وحده الذي يغرد خارج الشعر، فهناك فهد عافت الذي تحول إلى كاتب ساخر، واختصاصي اجتماعي، ومرةً محلل سياسي، وأخرى محلل رياضي بيد أن عافت يتقبل متابعوه ما يكتبه، حتى لو كان غير شعره، وهذا ما جعله ينال أكثر من40 ألف متابع. وواقع الشعراء المغمورين لا يختلف عن «مخضرمي» الساحة الشعبية، فشاعر لا تتجاوز مسيرته أشهراً، ينتقد الشعر، ويفند القصائد، ويعدّل على الأبيات فيها، ويرد على المثقفين الحقيقيين، ويناقش المحللين السياسيين، وآخر مغمور تجده يدلي برأيه في كل حديث، ويتطاول على عدد من المسؤولين في الخليج، وكأنه «يحصي كل شيء»، وغيره يكتب بلغة إنكليزية، ولسان حاله يقول: «شوفوني لدي لغة أجنبية». حال الشعراء في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» محزنة ومضحكة في الوقت نفسه، لأن هناك شعراء، كان الجميع يبحث عن شعرهم وعن أخبارهم، لكنهم فقدوا وهجهم، بسبب تغريداتهم في أمورٍ لا يفقهون فيها شيئاً. لمن أراد مكانته الحقيقية من الشعراء في الوقت الحالي، تجنب الحديث عن السياسة والثقافة، والتخلي عن «اللقافة» الزائدة في مواقع التواصل الاجتماعي، لأن «المستخبي يبان»، وليست هناك مجلة شعبية تظهر الشعراء بصورة كاذبة كما تريد، فالمتابع يطّلع على شاعره المفضل بصورة واضحة ومختلفة عن الأعوام الماضية. [email protected] mohamdsaud@