بدأت قصة نجاح زراعة شجرة المانجو التي قد يصل عمر بعضها إلى مئة عام في منطقة جازان منذ عام 1402ه، عندما أدخلت وزارة الزراعة ممثلة بمركز الأبحاث الزراعية في المنطقة أصناف ذات جودة عالية من المانجو من الدول التي اشتهرت بزراعة المانجو، مثل مصر والسودان وأميركا والهند وأستراليا وكينيا، وإجراء الدارسات والتجارب عليها وزراعتها. ويشترط لنجاح زراعة المانجو توافر عوامل عدة، أولها الأرض الزراعية المناسبة، إذ تعد الأراضي الصفراء الخفيفة أو الطميية العميقة جيدة الصرف ومعتدلة الحموضة، والأراضي الحصوية المكان المناسبة لزراعة المانجو مع توافر الأجواء ذات الحرارة العالية نسبياً، إذ تنمو أشجار المانجو بحالة جيدة عند توافر الرطوبة الجوية والأرضية، إذ تقلل الرطوبة الجوية من احتراق الأوراق نتيجة لارتفاع درجة الحرارة، مع مراعاة وجود فترة جفاف أثناء تكشف البراعم الزهرية والتزهير ونضج الثمار، وهو ما يتوافر بالمنطقة خلال هذه الفترة، إذ تنخفض نسبة الرطوبة بشكل ملحوظ خلال فترة التزهير والنضوج، التي تصادف الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مارس (آذار)، وتعد من أقل فترات الرطوبة بالمنطقة وأكثرها انخفاضاً في درجات الحرارة وهي الفترة نفسها التي يتم بها زراعة أشجار المانجو. كما أن للضوء أثراً واضحاً في سلامة الأشجار وقدرتها على حمل الثمار إذا وُفر للشجرة بصورة مناسبة، إذ تجب مراعاة أن يصل الضوء إلى جميع أجزاء الشجرة حتى تكون قادرة على الإنتاج الجيد والقدرة على حمل الثمار التي تتصف بثقلها ويقي الشجرة الإصابة بالأمراض الفطرية، وكذلك فإن تعرض الثمار لأشعة الشمس القوية مباشرة قد يتسبب في ذبول الثمار وتساقطها وكذلك تشقق وذبول الأوراق، كما يبدأ إنتاج شجرة المانجو من عمر 4 إلى 5 أعوام ويتزايد الإنتاج حتى يصل عمر الشجرة 15 عاماً، لتكون بذلك قد وصلت الشجرة إلى بداية الإنتاج الاقتصادي الذي قد يستمر طوال عمر الشجرة إذا ما توافرت لها الرعاية المناسبة. ومع بداية شهر مارس يبدأ المزارعون في منطقة جازان بجني آلاف الأطنان من ثمار المانجو التي يتم إنتاجها من مختلف مزارع المانجو في المنطقة، التي تشهد تزايداً واضحاً في أعداد أشجار المانجو، وتوجهاً من المزارعين لترك الزراعة التقليدية التي كانت تركز على زراعة الحبوب والتوجه للتنوع في المحاصيل الزراعية، ومنها زراعة المانجو وغيرها من أصناف الفواكه والخضار، كما يتفاوت محصول أشجار المانجو من عام لآخر بحسب عدد المزارعين بالمنطقة يبدأ المزارع عند حصوله العام الحالي على محصول جيد في العمل على توفير السبل الكفيلة من سماد ورعاية كاملة بالشجرة حتى يحصل على أكبر كمية من المنتج في الموسم المقبل. ولما حققه المزارع من إنتاجية عالية وسمعة تجارية ليس على مستوى المملكة فحسب، بل وحتى على المستوى العالمي، إذ وصل منتج المنطقة من المانجو للدول الأوروبية وعدد من الدول الأميركية واليابان وغيرها من الدول، حظي المزارع في منطقة جازان بالدعم الكامل من حكومة خادم الحرمين، من خلال توفير القروض الزراعية الميسرة وتحليل المياه ومدى صلاحية التربة لزراعة المانجو وغيرها من الخدمات الإرشادية والتوعوية، ودعمها الكبير بإقامة مهرجان سنوي للمانجو تحتفي المنطقة من خلاله بهذا المنتج وتعرف به وتسوقه داخل المنطقة وخارجها عبر المطارات ومنافذ البيع الداخلية.