توترت العلاقات المصرية السعودية بعد قرار الرياض إقفال سفارتها في القاهرة وقنصلياتها في الإسكندرية والسويس واستدعاء سفيرها أحمد عبدالعزيز قطان، إثر تظاهرات أمام السفارة السعودية، احتجاجاً كما قيل على توقيف الأمن السعودي المحامي أحمد الجيزاوي واتهامه بحيازة عقاقير مخدرة. وأثار الموقف السعودي مخاوف أوساط مجتمع المال والأعمال في مصر، وتحذيره من الخسائر في قطاعات إنتاجية وتداعياته على شركات متخصصة بإيفاد القوى العاملة المصرية إلى سوق العمل، وحركة اليد العاملة الوافدة إلى المملكة فضلاً عن الزيارات الدينية للحج. وعبّر مجتمع المال والأعمال المصري عن قلقه من انعكاسات القرار السعودي، إذ حذّر رجال أعمال واقتصاديون من «خسائر فادحة يتكبدها الاقتصاد في حال تدهور العلاقات المصرية السعودية». وأكدوا أن السعودية هي «الشريك الأول لمصر تجارياً بين الدول العربية، ثاني أكبر دولة مستثمرة في مصر بعد الولاياتالمتحدة». وأفادت بيانات التبادل التجاري بين مصر والسعودية، بأن «حجم التجارة بين البلدين ارتفع بعد الثورة، إذ حقق 4.425 بليون دولار عام 2011، في مقابل 3.797 بليون عام 2010». وأشارت إلى «تصدير منتجات مصرية بقيمة 1.881 بليون دولار العام الماضي، في مقابل 1.677 بليون عام 2010 بزيادة نسبتها 7 في المئة. وبلغت قيمة الواردات المصرية من المملكة 2.544 بليون دولار في مقابل 2.120 بليون عام 2010، بارتفاع نسبته 20 في المئة». وتضمنت قائمة الصادرات المصرية، المنتجات الغذائية والأجهزة المنزلية والكابلات ومواد البناء والمنسوجات والسجاد والألياف والمنتجات الكيماوية والأسمدة والمنظفات والجلود. بينما شملت السلع السعودية المصدرة إلى مصر، المشتقات البترولية والكيماويات وخاماتها والزيوت والسولار والحلويات والعصائر والمشروبات. 940 شركة مهددة وفي قطاع القوى العاملة، توقع قائمون على شركات إيفاد اليد العاملة المصرية إلى السعودية، وأخرى تنظم رحلات الحج والعمرة، «تكبّد خسائر ضخمة في حال استمرار توتر العلاقات المصرية السعودية». ولفتوا إلى أن هذه الخسائر «تطاول نحو 940 شركة يد عاملة، منها 90 في المئة يعمل في مجال إيفاد المصريين إلى السعودية ودول الخليج للعمل وأداء العمرة والحج». ويربك إقفال السفارة السعودية في القاهرة، عمل الهيئات والمؤسسات التي لها مصالح مع السفارة، مثل وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية المنوطة تنظيم حج الجمعيات الأهلية من خلال المؤسسة القومية لتيسير أعمال الحج والعمرة ل 12500 حاجاً، ووزارة السياحة التي تنظم رحلة الحج ل 30 ألف مواطن، إضافة إلى تنظيم رحلات العمرة بواسطة الشركات السياحية، كما تساهم وزارة الداخلية في تنظيم الحج ل 30 ألف حاج من خلال القرعة، فضلاً عن أكثر من 20 ألف تأشيرة يحصل عليها المصريون في شكل فردي سنوياً من السفارة. على صعيد السوق المالية المصرية، أعلن نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار محسن عادل، أن المرحلة الحالية «حذرة»، وتشهد «إعادة بناء على كل المستويات خصوصاً أن مستقبل أداء قطاعات اقتصادية أساسية مرهون بوضوح المستقبل السياسي فى الشهور المقبلة». وافترض أن «يلعب بعض الخطوات الأخيرة دوراً ايجابياً في دعم الرؤية المستقبلية، ما يعني إمكان تجاوز أي تأثيرات للأزمة الحالية مع المملكة واستيعاب آثارها سريعاً». وأشار إلى أن الاستثمارات العربية «اضطلعت بدور مهم في تحقيق التوازن في الاستثمار داخل البورصة المصرية في مرحلة ما بعد الثورة»، موضحاً أن «تركز هذه الاستثمارات وردت من أسواق السعودية ثم الإمارات والكويت». ورأى عادل، أن مستقبل البورصة المصرية وتحديداً في الأشهر المقبلة، «سيظل مرهوناً بأداء المستثمرين المحليين من أفراد ومصارف وصناديق، ورغبة هؤلاء الأطراف في مساندة السوق ودعمها». واعتبر أن هذا الدعم «يرسل إشارة ثقة للمستثمرين العرب لعدم الخروج من هذه السوق الواعدة». ولم يغفل أن «نسب تعاملات العرب تأثرت دائماً بالأنباء أو المتغيرات المتصلة بالسيولة أو التحركات المالية وتعديل التصنيفات الائتمانية أو التطورات السياسية والاقتصادية». واستبعد وزير المال ممتاز السعيد، تأثر ملف المساعدات المالية والاقتصادية والقروض المقررة من السعودية، معلناً أن «من المقرر أن تبدأ المملكة الشهر المقبل تنفيذ حزمة دعم مالي للحكومة المصرية لمواجهة الأزمة الراهنة. وتتضمن تحويل مبلغ بقيمة 750 مليون دولار سيُضخّ في سوق سندات وأذون الخزانة، فضلاً عن بليون دولار على شكل وديعة ستُحوّل إلى البنك المركزي». وشدد على أن السعودية هي من «أولى الدول العربية التي ساعدت مصر بعد الثورة، إذ قدمت قرضاً بقيمة 500 مليون دولار لدعم الموازنة العامة مطلع أزمة المال».